د. عادل الميالي
مرعي التليسي تشكيلي ليبي بارز، قدّم العديد من الأعمال الفنية المتميزة والتي عززت جدارته مهنياً في خارطة التشكيل الليبي المعاصر.
لوحات التليسي هي خارجة عن الاتجاهات والتيارات الفنية، فهي نتاج ريشة طليقة واحساس مشحون بالخيال والجمال، وهدفه إعادة تأليف أو صياغة الواقع الداخلية، وبالتالي ابتكاره على نحو يتلائم مع حالته الداخلية، وكأنه يبحث له عن مكان في اللوحة ليقيم فيه.
التليسي ليس من أولئك الذين يؤمنون بتفكيك اللوحة، إنه يكتفي برموزها، ويترك لنا حرية الغوص في ثناياها، لذلك نجده يغامر ويجرب ويتحرر من القيم التشكيلية بهدف الوصول الى ركن خاص، يستريح إليه، ويعلن من خلاله هويته، لذا نرى نرى التنوع في موضوعاته بغية محاولة تفجير الاطر الضيقة للمفاهيم التشكيلية وقيمها التقليدية، فهو يعلن بيان احتجاج ضد كل القيم التي لاتمليها الذات.
ومن هنا فإن التليسي يؤمن بأهمية البحث عن مسارات واتجاهات خاصة لكل فنان بعيداً عن التأثر بالتيارات الفنية المعروفة، بهدف إنتاج أعمال بعيدة عن التنميط والقولبة الفنية، إذ يسعى بشكل حثيث للتعبير عن ذاته لإيصال مشاعره إلى الرائي، عبر مخيلة جامحة، تؤطر لاتجاه وأسلوب يحمل بصمته الفنية.
اللوحة عند التليسي ومضة شاعرة تبرق فجأة، وتستقر قي الذهن حتى لحظة مخاضها، فلوحاته لا تقدم إجابة جاهزة للناظر ، إنها تفاعل حقيقي بين عقله وروحه وبين مايراه.. هي أفق لا ينتهي من الاحتمالات لكل متلقٍ وقدرته على التحاور مع اللوحة.
أما اللون في لوحاته فهو إداة لايحركها المزاج بل الضرورة، وفنه يفعل في عقل المتلقي أسئلة الوجود، ويدفعه للبحث عن إجاباته الخاصة وفق معرفته وذائقته البصرية والثقافية.
لوحة التليسي وسيلة تخاطب ووعاء لنقل الأفكار والأحاسيس الإنسانية، وتواصل وجداني وروحي وعقلي للسمو والارتقاء.
____________
نشر بموقع المستقل