من أعمال المصور أسامة محمد
شعر

المتـراس

لصاحبي عبد العزيز الغرابلي ( زيزو )
في ذكرى رحيله 28 / 1 /1984

من أعمال المصور أسامة محمد

 

لغبارِ ذاكرة تنوء بحملها
في مُطلق من زخرف قلق
للأضدادِ تكتبُ ضدها
لضنى الزبرجد إذ نلامسه
فيسرق من أصابعنا براءة صوتها
لوقعِ حوافر الزمن العصيّ
على تخومِ ندائنا
وغمام أشرعةٍ تؤوب إلى مرافئ أمسنا
فأكتبْ ؛
اكتب عن السجن الذي صيّرنا أيقونةً
شمساً وقافيةً من الأبنوسِ
صيفاً من زبيبِ النخلِ
من إشراقة الأنثى
ومن إيماضةِ االرؤيا
يدٌ تكتظُّ بالأشواقِ صوبَ كتابةٍ أخرى
وحلم لم يطلْ
يوماً سيغدو القيدُ
أسورةً من الياقوت
يغدو بؤسنا اليوميّ أشرعةً
حصانُ السجنِ ذاك الأسود الحجريّ
مُهراً جامحاً
والسرجُ أحلاماً نسجنا صبحها بدموعنا
دَمُنا المعصفرُ
سوف يغدو زينةً وزخارفاً
ولظلنا تتبرج الفتياتُ
ترتعش الأنوثة في النساء البيضِ
تصدحُ الحجلاتُ معلنةً ربيعاً
ليس يشبه يومنا
فأكتبْ
أكتبْ لشرنقةٍ هناك بحقلنا الصيفي
تعفو قليلاً ثم تُولدُ في الصباحِ الحلو
أجنحةً ملونةً
فما ألوانها القزحية البكماء
إلاّ روحنا وقد إزدهت
بالنرجس المفتونِ
إلا نحلنا العسليّ
يختصر الأنوثة في رحيق النهد .
لا يحتوينا السجنُ
لا قيدٌ يكبّل عنفوان الروح
لا زنزانةٌ مهما علتْ
ستسُدُّ عنا النور
فنورنا دمُنا
ودمُنا طافحٌ فينا أناشيدا
ستحملها النوارس للبنات هناك
يغزلن الكواكب من خيوطِ الفجرِ
ومن قصائدِنا يُطرزن المدى
ما بينهن ويوم قدومنا الآتي
زغاريداً وأنهاراً من القبلات .
فأكتبْ ؛
أكتب ففي لغتي هنا شبقٌ أخبئهُ
لعاشقة تعتَّق بين شفتيها
رحيق الانتظار .
عذبةٌ هذي القصيدةُ
مُرةٌ ذكراك يا خلي
لماذا كلما حاولت أن أنساكَ
يحضُرُني احتضاركْ
كلما جربت بُعداً
عن صراع المالِ والطبقاتِ
تبعثُ فيَّ نهاركْ
لماذا قط لا أنساك
في صحَوي وفي سُكري
لماذا لا تبارح قلبيّ المكلوم
مَتنُ قصيدتي سكناكَ
منذ بداية التكوينِ
حتى آخر الدنيا
فهبني من لدنك فرقداً
لا , ليس كي أنساك
بل كي أكتبَ الأشعار
عن هاتي النساءِ
الرائحات الغادياتِ
المقبلات المعرضاتِ
الراغبات المانعاتِ
الحاسرات النهد
والمتقنعات
ذرني لتشرابي ولهوي ,
والهوى والعاشقات
ونمْ هناك على سرير الأرضِ
لا تقلق سآتي
إنني آتيك لن أنسى
سأحضرُ حلوة الشامِ التي أحببت
والإزميل والفرشاة حيث تركتهمُ
لتنهي ما بدأتْ
منحوتةً أو لوحةً لم تكتملْ
طال الحداء ولا طللْ
فلَّ الحديدُ ولم نُفلْ
من وهجِ جرحكَ نُوقِدُ الأفق
قناديلآ ونواراً وفلْ
وسنحتملْ وسنحتملْ وسنحتملْ
حاولتُ أن أبلغ مداك
ولم أصلْ
حاولتُ لكن لم أصلْ .

 

مقالات ذات علاقة

مسارب نحو ماذا؟

عبدالوهاب قرينقو

عن العزلة وأشياء أخرى

عاشور الطويبي

معذبٌ بنقائه

الكيلاني عون

اترك تعليق