المقالة

ليبيا الشهيدة

في 11 أكتوبر تمرّ اليوم ذكرى الغزو الإيطالي لليبيا بنزول القوات الإيطالية عام1911 على شواطيء طرابلس. و منذ عام 1969 حتى اليوم صارت ذكرى هذا الحدث الفارق في ضميري الوطني محط التباس وشك في الليبي إنسان اليوم. وأنا أتصفح الفيس بوك جوّالاً في جنائن الذاكرة الليبية التي يبذرها بالصور النادرة ثلّة كريمة من المدوّنين النشطاء اخدتني صورة إلى حدث الأمس البعيد 3 أكتوبر 1911 الحرب الليبية الإيطالية، آخر خسارات دولة الخلافة العثمانية التي أطلق عليها العام 1911 من قبل النخب الإسلامية المثقّفة “الحرب الطرابلسية”، والتي وجدت صداها عربيًا وإسلاميًا في أدبيات المفكرين من مصلحي القرن 19 أمثال شكيب أرسلان وعمر طوسون ومحمد رشيد رضا وعبدالعزيز الثعالبي، والتي تجاوب أيضًا مع أصدائها “محمد إقبال” الثائر والمفكّر الإصلاحي الذي ألهمت جهوده السياسية إلى جانب أشعاره قيام “دولة الباكستان” الإسلامية منهّما بواقع المسلمين الذي رسمه قدرهم التاريخي انحطاطًا، فوقعوا ضحية الاستعمار أو الغزو بمدلوله المنتهك للشرف الإنساني في الحرب الليبية الإيطالية. وهو ما تصادت معه بواكير أشعاره التي حواها فيما بعد ديوانه الأول صلصلة الجرس (بانك درا) الذي ترجمه نثرًا، وصاغه شعرًا “محمد الصاوي شعلان”، منتقيًا للترجمة بعض القصائد مهملاً أخرى أبرزها القصيدة المكرّسة لتخليد (فاطمة بنت عبدالله)، الشهيدة الليبية الفتاة التي سقطت ضحية هذه الحرب بينما كانت تحمل الماء إلى المجاهدين، والتي قدّم ملخصاً لها العلامة والمفكر الإسلامي الهندي الذي أدرك الشاعر “إقبال” في شبابه، مشتهراً فيما بعد بكتابه (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) “أبوالحسن الندوي”. في توطئته لمختارات ترجمها عام 1960 إلى العربية من شعر “محمد إقبال”؛ مشيراً إلى (الحرب الطرابلسية) العام 1911 الصدمة التي كان لها الأثر النفسي العميق بأن هيجت خاطر الشاعر ووجدانه، وجعلت منه عدّوا لدودًا للحضارة الغربية والإمبراطورية الأوروبية، بما ملأ شعره حزنًا ووجدًا على حال المسلمين ناعيًا بؤسهم وانحطاطهم.

فـ”أقبال” يخاطب الليبية (فاطمة) باسمها شرفٌ للأمة الإسلامية، ومناديها بيا (ملاك الصحراء). بل ينادي ربّه سائله يا إلهي.. هل عندنا مثل هذه الزهرة الصغيرة الجميلة في حديقتنا الذابلة؟… وهل يوجد مثل هذه الشرارة اللامعة في نارنا الخامدة؟ ثم يعيد نداءه إليها يا فاطمة… ولو أن دموعي تنهمر من عيني بحزن…لكن هذه الأغنية الحزينة لايزال يسمع منها نغمة مفرحة… إن جسمك ميت.. لكن ترابك باعث للحياة.. ويخيّم السكون على قبرك… كما أن نجوماً جديدة ارتفعت في السماء لتراها أعين البشر… إنها علت الآن فقط من ظلمة الزمن… ولكن لمعانها ليس مستنداً على نظام الليل والنهار… إن جمال بريقها يحمل مجد الماضي والحاضر… ولكن مصيرك هو نجمهم الذي يقودهم.وفي قصيدة أخرى بعنوان “هدية إلى الرسول” وقد عرج إلى الحضرة النبوية فيما يشبه الرؤيا ، فسأله النبي محمد ماذا حمل إليه من هدية؟ فاعتذر الشاعر عن هدايا الدنيا التي لا تليق بمقام النبي وجاءه بهدية هي زجاجة يتجلى فيها شرف الأمة الإسلامية… دمّ شهداء طرابلس)… فما احزن وأبئس ليلتنا في ليبيا ، الليلة التي لا تشبه البارحة !

____________

عن صفحة الكاتب على الفيسبوك.

مقالات ذات علاقة

فرسان… وأخلاق…!!!

عطية الأوجلي

أيديولوجيا القبيلة: من التصعيد إلى الانتخاب

عبدالحفيظ العابد

أصيل ابحير.. وديكتاتورية الأدوار

المشرف العام

اترك تعليق