من أعمال التشكيلية فتحية الجروشي
شعر

ستّ سوناتات لشجن واحد

Fathia_Jeroshi (3)

الجنود

الجنود ليسوا من خميرة الماء
يمكن معرفة هذا بسهولة من عيونهم التي لا تعرف شكل السماء

الجنود ليسوا من خميرة الطيور
يمكن معرفة هذا بسهولة من شهواتهم التي تسبقهم إلى الحرب

الجنود ليسوا من خميرة القرنفل
يمكن معرفة هذا بسهولة من الندى الذي لا يلتصق بأيديهم

الجنود ليسوا من خميرة الحلزون
يمكن معرفة هذا بسهولة من الطريق الذي لا يصل إلى أقدامهم

الجنود ليسوا من خميرة الصباح
يمكن معرفة هذا بسهولة من العتمة التي لا تغادر ضحكاتهم

الجنود الذين نزلوا من الجبل
ليسوا الجنود الذين صعدوا إلى الجبل

ليسوا الجنود الذين أطلقوا الرصاص
هم فقط أولئك القتلة الذين ولدوا ميتين

زرقةُ سماء بعيدة

يكفيني من سماء النرويج هذه الزرقة الشاحبة
يكفيني من سماء النرويج هذه الإيماءة الشاحبة

حفيفُ فستان الطفلة التي أحببتْ
فراشات تحطُّ فراشاتٌ تقلعُ وشجرة حنّاء واحدة

في المحلّ الصغير العطن الملاصق لفندق الفزازنة
زرقةٌ حميمةٌ تقودُ يدي الولد إلى نهدها

زرقة لا أظنّها سوى قبسة من نار قُدسيّة
زرقةٌ غارقةٌ في المتوّسط الأبيض الأليف الخجول

زرقةُ قرنفلةٍ طرابلسيةٍ فوّاحة تغافلُ كعادتها
كسلَ العاطلين في سوق الترك

موجات البحر عاليةٌ، موجات البحر هاربةٌ
خافتةٌ زفرة الحارس العجوز في ميدان الساعة

هو نومٌ يمشي في فضائه الشاسع
هي زرقةٌ شفيفةٌ من كفّ إلهٍ عجوز.

الوقت بنّاء المسافات الهشّة

الوقت بنّاء المسافات الهشّة
الكلمات تدورُ حول خنصر صغير

الوقتُ فقط يهبها حبلَ الإزهار
مثلما تهب الشجرة ثديها للمسافرين العميان

الكلمات رغوةُ الشهوات الدفينة
الشراكُ فقط تقتنصُ هوسَ الشفاه والفروج

الظهيرات تمتلأ بالأوقات الكسولة
الظهيرات تبتهج لعبقِ المرأة الثملة ترقص وحيدة حزينة

على أحدٍ أن يجرّ هذه العربة
الغابة بعيدة والطيور لم تعد من الحقول

فقط أيدي الفقراء تمتلأ بنشيج البحار
فقط قلوب الفقراء غرابيل المطر

خشبُ الشرفةِ يرتجفُ كسجّادة
درويش يبحث عن صحراء ريحُها قلبه

الحارس والسجين

ما الذي يفعله الحارس والسجين؟
يحدّقان في حبل المشنقة.

ما الذي يفعله الحارس والسجين؟
يطعمان الطيور في الساحة المتربة.

ما الذي يفعله الحارس والسجين؟
يتبوّلان جنباً لجنب تحت صورة الرئيس.

ما الذي يفعله الحارس والسجين؟
يتحدثان عن رسالة العاشقة وشطيرة الجبن.

ما الذي يفعله الحارس والسجين؟
يجلسان قبالة بعضهما صامتين.

ما الذي يفعله الحارس والسجين؟
يختصمان، من منهما يموت أولاً.

ما الذي يفعله الحارس والسجين؟
يضحكان على نقشين غريبين في شاهدتي قبريهما.

تقشّف الغريب

قطرةٌ واحدةٌ في فم طائر
تكفي لأحلام سمكة، تكفي لأوهام جبل

الأقدام أكثر من العيون في هذا البلد
الأعناق تنحني أكثر من الأشجار في هذا البلد

رفقاً بي يا مساءُ رفقاً بي يا أغنية نفسي
تنحّى قليلاً يا بلادُ تنحّى قليلاً يا حزن

ما الذي تراه وأنت جالس في الحافلة يا مهاجر؟
هضاب خضراء، نهر يجري وقاربٌ أعرفه ويعرفني

كيف ستعرف أيّ التوابل صحيحة؟
ليست معضلة رياضية! سأعرفها حين أراها

دائماً في اللحن يأخذ قلبك الإيقاع بعيدا
آن لي الآن أن أجمع ما تساقط من صدى الروح

ثمّ ماذا؟! ها قد امتلأت قبضتك بالهواء
وخطواتك قرع أجراس عالية، ثم ماذا؟!

فنّ الشِعر

أقفُ في طريق محصّب
أتذكّر طفولة صامتة، هذا هو الشعر

بعوضةُ رقيقةُ جالسة
منهكة حيرى، هذا هو الشعر

ريشةُ طائرٍ تتأرجحُ
في نسيم الصباح، هذا هو الشعر

حبّات رمل تخطف
إيقاع خطواتي، هذا هو الشعر

حلمُ يقلّبُ حاله
على مزولة الروح، هذا هو الشعر

فقّاعات تطفو على
ظهر سمكة، هذا هو الشعر

التفاتة سحلية
في ثنية الزمان، هذا هو الشعر

 

___________

كيكا

مقالات ذات علاقة

لَسْتُ أَوَّلَ بَاكٍ

المشرف العام

حالة

سميرة البوزيدي

سنلتقي

عائشة بازامة

اترك تعليق