المناضل عمر فائق بن محمد شنيب
شخصيات

كل يوم شخصية ليبية مشرقة. (4) عمر فائق بن محمد شنيب

المناضل عمر فائق بن محمد شنيب
المناضل عمر فائق بن محمد شنيب

وُلد في درنة عام 1889م، وتعلّم في المدارس التركية وأجاد التحدث والكتابة بها، وعُيّن مديراً لدائرة الأملاك في درنة، ثم في أواخر العهد العثماني الثاني وحتى مطلع عام 1912م عُيّن مديراً للسلوم وكانت حينذاك جزءاً من ولاية طرابلس العثمانية. وعند وقوع الغزو الإيطالي واحتلاله لليبيا كان في مقدمة صفوف المجاهدين في القتال في درنة ونواحيها، ثم هاجر إلى الشام، وأقام مع أسرته وأسر ليبية أخرى في دمشق وهناك قدّرته الحكومة فعينته موظفاً كبيراً بها، وأضحى فيما بعد مديراً للقنيطرة. نشط في ديار الهجرة مع زملائه الليبيين في الدفاع عن القضية الوطنية بكتابة المنشورات وعقد الاجتماعات والندوات وتنظيم أمور الجالية الليبية، وتبلور ذلك في النهاية بتأسيس جمعية الدفاع الطرابلسي البرقاوي عام 1924م مع بشير السعداوي وعبدالغني الباجقني وفوزي النعاس   وعبدالسلام أدهم وبكري قدورة.. وغيرهم، وأصدر بعض الكتب دفاعاً عن ليبيا وقضيتها منها: ليبيا مهد البطولة وعرين الأسود، الأندلس الثانية أو طرابلس وبرقة، والفظائع السود الحمر، وفيما بعد (للحقيقة والتاريخ) وهو ما يزال مخطوطاً.

عند اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939م كان من بين الزعماء الذين بادروا للتنسيق مع إدريس السنوسي الموجود في مصر من أجل تحرير البلاد وتحقيق انتصارها وفقاً لترتيبات ومتغيرات الوضع الدولي الجديد الذي نشأ مع الحرب وتزامن مع تداعياتها، فكانت له مراسلات في هذا السياق معه، ومع سليمان باشا الباروني الموجود في الهند، وعلي باشا العبادية في المفرق بشرق الأردن، ثم حضر إلى القاهرة وشارك في اجتماع 9 أغسطس 1940م، وأسهم بكل فعالية ووطنية في تشكيل الجيش الليبي بالكيلو تسعة بالطريق الصحراوي غربي القاهرة، وعُيّن ضابطاً به، كما أدار مكتب الجيش ومكتب إدريس السنوسي، وحرر رسائله وبرقياته وأوامره بحكم خبرته الإدارية، وكان موضع ثقة كبيرة.

يعتبر احد مناضلي الشعب الليبي فترة الكفاح من اجل استقلال ليبيا من الاستعمار المباشر وهو كما غيره من رجال ليبيا تاريخ حافل بالاعتزاز بالوطن والدود عنه بما يملكون. تولي عديد المواقع والمؤسسات ومنها عضوية مجموعة درنة في الجمعية الوطنية الليبية المطالبة بالاستقلال وتأسيس الدولة الليبية في 1949ف وعدد أعضاء الجمعية 67 عضوا علي مستوي ليبيا وهي التي أفرزت الوفد الليبي في الأمم المتحد برئاسة الاستاد عمر فائق شنيب الطاهري الأنصاري وقد حضر الوفد اجتماع الجمعية العامة  للأمم المتحدة في 16/11/1949 للنظر في موضوع استقلال ليبيا وقد مثل ايطاليا وزير خارجيتها الكونت (سفورزا) وقد حوت كلمته ذرائع ايطاليا في استعمار ليبيا وسماها (مساعدة الأقاليم المتأخرة) ورد عليه رئيس الوفد البرقاوي المناضل  عمر فائق شنيب الذي اتجه إلي المنصة والقي بيانا بالغة العربية استغرق أكثر من نصف ساعة تحدث فيه عن القضية الليبية والمطالبة باستقلال ليبيا وهذه أهم النقاط التي غطاها بيان الاستاد عمر فائق  شنيب الطاهري الأنصاري:

– تاريخ موجز للاستعمار الايطالي لليبيا و الفضائح التي ارتكبها في حق شعبها.
– معتقلات الإبادة الجماعية وبرامج الطلينه في اللغة والتجنيس الإجباريان.
– تفريغ ليبيا من سكانها بطرق شتي ومنها القتل والتجويع والنفي.
– جريمة إعدام شيخ مسن هو عمر المختار في سن الرابعة والثمانين.

وأضاف هذه هي رسالة ايطاليا و مدنيتها التي جاءت بها إلي بلادي ليبيا ، وقال أيها السادة ربما لم يطرق مسامعكم من قبل أسماء معتقلات البريقه و العقيله وسلوق، فقد حشر في هذه المعتقلات أثناء حكم (فراسيانى) الجزار ثمانون ألفا من العرب ذاقوا الأمرين وسئموا من أنواع العذاب والتنكيل والتقتيل ما تشيب له الرضع وختم بنداء حار إلي أعضاء اللجنة ليصغوا إلي صوت الضمير وصوت الحق ويؤيدوا مطالب الشعب في الاستقلال وبذالك تكونوا مع المبادئ التي تنادون بها والتي تؤمن بها شعوب العالم ألا وهي حق الشعوب بتقرير مصيرها وبالعيش الحر. هذا مختصر من مواقف الرجل وهوا الذي انفق علي نشاطه حتى باع أرضه لتغطية مصاريفه ورفاقه في العمل الوطني.

مرة أخري الأستاذ عمر فائق شنيب ضمن الوفد الليبي يذهب إلي القاهرة لعرض القضية الليبية في اجتماع لجامعة الدول العربية حيث أعدت مذكرة شاملة قدمت إلي اللجنة السياسية بالجامعة العربية حيث طلب الكلمة المناضل عمر فائق شنيب وقال: “أن ليبيا عندما هاجمتها ايطاليا وتصدي لها الشعب الليبي لم تأتي للاستئذان من أية دولة عربية وعندما وقف الشعب الليبي يحارب ايطاليا عشرين عاما لم نستأذن في ذلك من أية دولة عربية، وعندما نريد أن نقرر استقلالنا لن نأتي لنستأذن من الجامعة العربية.

عمر فائق بن محمد شنيب بالزي العسكري

المناضل عمر فائق شنيب ممثلا عن برقه ونائب رئيس الجمعية البرقاوية (درنة):

ضمن مثقفي واعيان درنة في الجمعية الوطنية في تشكيلها الثاني سنة 1950 ف تشكلت الجمعية الوطنية من المثقفين والوجهاء والأعيان في ليبيا وحددت أهدافها وضع الدستور وقضية الوحدة ونظام الحكم وكان المناضل عمر فائق شنيب ضمن تشكيلها. هذا وقد شكلت أول حكومة اتحادية في 29 مارس 1951 ف بقرار من الجمعية الوطنية وكان الموقع المكلف به عمر فائق شنيب هو الدفاع ألا أن الانتداب البريطاني أوعز بإلغاء كافة التنظيمات السياسية وهكذا استمرت قيادات الشعب الليبي بإمكانياتها المتواضعة ولكن بعزمها و إيمانها بالحرية للوطن حتى تم الاتفاق في عديد الاجتماعات ومنها الاجتماع المنعقد في بنغازي يوم 10/1/1948ف والذي الحق بالاجتماع يوم 7/2/1948 ف ومن ضمن ما توصل إليه مناقشة معاهدة الصلح مع ايطاليا الموقعة في10/2/1947ف ونصت المادة 28 تنازل ايطاليا عن كل حق في ليبيا وهو احد أهداف نضال الأستاذ عمر فائق شنيب.

عاد مع إدريس السنوسي إلى بنغازي عام 1944م بعد غيبة قاربت حوالي الثلاثين سنة وشاركه في زياراته المشهورة في مناطق برقة مرتدياً لباسه العسكري، واختير سكرتيراً للمؤتمر الذي عقد خلال هذه الزيارة، كما رأس عام 1949م وفدي برقة إلى الأمم المتحدة في ليكسس بأمريكا، وفي عام 1950م عُيّن رئيساً للديوان ، ثم عضواً بلجنة الواحد والعشرين رئيساً لممثلي برقة بها، ثم في الجمعية الوطنية (لجنة الستين) واختير نائباً لرئيسها الشيخ محمد أبو الأ سعاد العالم، وساهم بدور كبير في الحصول علي استقلال ليبيا . وبعد الاستقلال عُين وزيراً للدفاع في أول حكومة وطنية برئاسة السيد محمود المنتصر، ثم رئيساً للديوان إلى وفاته بطرابلس في 8 أغسطس 1953م، وقد دُفِنَ في بنغازي.

عُين عمر شنيب في مكتب الاتصال في الجيش السنوسي وعُين في ذلك المنصب برتبة رائد ذلك إثر الاجتماع الذي ضم كل من السادة عبدالحميد بك العبار وعبدالجليل بك سيف النصر وعلي بك جعودة وصالح باشا الأطيوش وسعيد جولوع… وغيرهم من الوطنيين الشرفاء وقد كان من النتائج التي خرج بها ذلك الاجتماع تأسيس جبهة سياسية أخرى تضم المغتربين التي حضرها عمر شنيب أيضاً و”أفتتح الأمير مكتباً خاصاً لإدارة دفة الأمور الخاصة بالشئون العسكرية والسياسية”، وعين الأمير عمر شنيب أميناً عاماً لمكتبه هذا، وحرر أكثر كتاباته كما كان الأمير يعتمد عليه في مسائل طلبات الخروج والدخول من وإلى ليبيا، وقد ساهم كعادته في كل النشاطات التي تهدف إلى استقلال البلاد تحت التاج السنوسي.

وقد كان الأمير إدريس يبقي عمر شنيب على إطلاع دائم بأمور الحكم وكان بمثابة المستشار الخاص للأمير إدريس السنوسي حتى أنه في الوقت الذي عرضت عليه المعاهدة البريطانية التي كانت إحدى أهم الاتفاقيات في الحرب العالمية الثانية والتي كانت إحدى أهم القفازات التي نال على إثرها الأجداد استقلال بلادنا أرسل الأمير إدريس طائرة للسيد عمر لكي يحضر توقيع الاتفاقية وربما أهم التساؤلات التي يطرحها الناظر إلى الواقع الليبي في تلك الفترة لماذا تساعد دولة في قوة بريطانيا مجموعة يطالبون باستقلال بلادهم بينما طائرة حربية واحدة كفيلة باحتلال البلاد وفرض سيطرتها عليها ولكن كان لهذه المعاهدة عدة أسباب أهمها:

أولا: أيقنت بريطانيا أنه لن تنفع أي من الأساليب القديمة في إدارة الأزمات السياسية وخاصة بعد ما رأت قوة وبسالة الشعب الليبي عند مجابهته للاحتلال الإيطالي.

ثانيا: إن القوة البريطانية لا تحتمل أبدا عدو جديد، فقد بلغت القوة البريطانية أدناها، وكانت النتيجة أيضاً في مصلحة بريطانيا وهؤلاء الرجال الذين صبروا وصابروا كثيراً حيث إنه صرح فيما بعد المستر آيدن بـ ((قام هذا الجيش بمساعدات قيمة أثناء قيامه بتلك العمليات بين شتاءي 1940 و1941)).

وقال عمر شنيب في هذا الصدد إجابة على هذا التساؤل “إن الإنجليز عقدوا معنا هذه المعاهدة لأنهم يدركون جيداً إنهم لن يستطيعوا أن يخطوا خطوة واحدة داخل أرضنا دون موافقة منا”… وكانت له مراسلات عدة بخصوص التطورات السياسية مع سليمان باشا الباروني الموجود في الهند الذي كانت له مراسلات أخرى سبقت هذه وذلك في إطار الخلافات التي دارت رحاها بين سليمان باشا الباروني وشكيب أرسلان منها تلك الرسالة التي يخبر فيها سليمان باشا الباروني عمر شنيب بانتهاء القلمية بينه وبين شكيب أرسلان وذلك في عام 1938.

المجاهد عمر فائق شنيب أحد أبناء عائلة شنيب بمدينة درنة، التي اشتهرت بالجهاد والنضال والبطولات وتقديم الرجال، ومن رجالها: المجاهد المهدي شنيب – المجاهد عزيز عمر شنيب – المنشد يحي شنيب – الشاعر أحمد فؤاد شنيب.

الخميس 04 شهر رمضان الموافق 09 /06/2016م – طرابلس / ليبيا

__________________

مراجع:

– الطاهر أحمد الزاوي. كتاب جهاد الليبيين في ديار الهجرة.
– علي محمد الصلابي. كتاب تاريخ الحركة السنوسية في أفريقيا.
– محمد فؤاد شكري. السنوسية دين ودولة .

 

نشر بموقع ليبيا المستقبل

مقالات ذات علاقة

قراءة في سيرة عاشق السندبادة

رامز رمضان النويصري

مالم يْكتب عن علي ناصر

المشرف العام

صبرية العويتي : الشاعرة المنسية

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق