الجــزغ .. الخيــاغ .. القغنبيــط .. المكسغــات .. الجغجيغ .. المشغوبات الغازية .. ظلّ الطبيب يسرد لي أنواع المأكولات التي يجب أن أبتعد عنها و هو يحذرني من التهاب في الجهاز الهضمي .. فجأة ً أصبحت مضخـــة غاز .. انتفخـــت معدتي نتيجة دوامــة من الغازات .. التهب المريء .. انقبضت عضلاته .. سد المنفذ العلوي و لم يبقى لي إلا المنفذ السفلي الذي جعلني دائما ً في موقف ٍ محرج فكلما أذهب إلى مكــان لا أستطيع المكــــوث فيه كثيرا ً .. و هاهــو الطبيب ســرد لي أنــــواع المأكولات ثم وصف لي بعــض الأدوية و خرجــت مسرعة ً من العيادة ابحث عن متسع .. شاب أسرع بخطاه نحوي .. يثرثر بكلمات غزلٍ و رقم هاتفه و لست أدري إن كان قد سمع شيئا ً ما .. أو اشتم
الوقت الآن قبيل الغروب .. وقت ٌ يفتح لك رحابه فتذوب في سحـره .. العيادة قريبة من شارع البط [1] ..قررت أن أتمشى كما نصحني الطبيب فسلكـــت هذا الطريق السريع .. فراغ الشاب وجدني فريسة للانقضاض عليّ فرماني بوابل ٍ من كلمات الغزل .. نساء ٌ في مجموعات و أخريات فرادى بعضهن يرافقهن ذكور ليصدوا عنهن بلادة الذكور الآخرين و لكنني دون هذا الدرع فوجدت نفسي وسط هذا الطريق مرمى لسهام بلادتهم .. حاولت أن أصرخ في وجوههم و أنهرهم فخفت أن تزداد كلماتهم وقاحة أو ربما لا أعرف قد يتجرأ أحدهم و يمد يده عليّ .. حاولت تجاهلهم و غرقت في بحر أفكاري .. في صحتي التي بدأت تتوعك و في قائمة الممنوعات التي حاصرني بها الطبيب و كيف يمكنني أن أبتعد عنها .. في الوحدة .. في العمر الذي مضى و الذي يمضي على مرأى مني .. شدّني منظر الغروب فوجدت نفسي أسبح لله .. خطفني الخوف و أنا في غفلة ٍ من أمري فرماني فريسة ً لذئاب الخطيئة و كبلني بالرعب .. تماوجت مشاعري و شعرت كأن دوامة الغاز التي تعصف بمعدتي كأنما آلت إعصارا ً من الرهبة يعصف بروحي .. الشاب الذي يلاحقني يمنيني بمواعيد غرامية .. الشمس التي غربت أعلنت يوما ً مضى من العمر .. الطريق التي أسلكها و لست أدري كيف سلكتها و كيف انتهى بي المشوار إلى هنا ؟ .. و فجأة ًً تحسست يدي مفتاح سيارتي التي تركتها بالقرب من العيادة .. نظرت خلفي .. تنهدت و سألت نفسي كيف سأعود ؟ .
__________________________________
طريق سريع بمدينة بنغازي تسلكه النساء البدينات لممارسة الرياضة فسموه شارع البط
من المجموعة القصصية ” انكسار الضوء الصادرة عن وزارة الثقافة و المجتمع المدني سنة 2013