لم يُعرف التليسي كشاعر بقدر ما عُرِفَ كناقد في المقام الأول ثُم كباحث في التاريخ ثم كمترجم ولغوي أو الكاتب الموسوعي المتعدد الأهتمامات كما وصفه بعض مجايليه، وقد تم الحديث عن التليسي كناقد وكمؤرخ وكمترجم وتناول كتاباته في هذه المجالات الكثيرون سوى أن القليلون هم الذين تحدثوا عن تجربة التليسي كشاعر يصفو إلى الشعر بشفافيته وطلاوته وحلو مذاقاته بعيداً عن هذه التخصصات المعقدة والمجالات التي تميل إلى صرامة العلم وأحكامه القاطِعة أكثر من ميلها إلى التلقائية والبساطة والهدوء، فالشعر في بعض وجوهه استرخاء وتأمل وهدوء ودعة ويخطئ من يقول غير ذلك، بل بعيداً عن تعقيدات الحياة نفسها، ويؤيد هذا الكلام إلى حدٍ ما بيت التليسي في قصيدته “وقفٌ عليها الحب” الذي يقول فيه:-
أنا لا أقول الشعر أبغي رتبةً تعلو بها رُتبي وتكسب وافرا
مــــاذا وراء العمر من امنية وقد رحل الشباب مغـــــادِرا
وفعل التليسي خيراً حين قام بجمع كل ما كتبه من شعر في ديوان طبعه عام 1989 ليحفظ بذلك شعره من الأندثار والضياع شأن الكثير من الأدباء والشعراء – لا سيما الراحلون منهم – الذين تكاسلوا عن حفظ نتاجهم الأدبي بالوسائل المعهودة، وأهمها طباعتها في دواوين، فضاعت ولم ترى النور أبداً، وهذا ما يؤكد ما ذهب إليه الشاعر الليبي الذي لا يخطر على بال الكثيرون عند الحديث عن الشعر في ليبيا، ونعني به الشاعر الراحل أبوالقاسم أبودية، حين حث الشعراء الشباب ذات جلسة على تجميع قصائدهم وحفظها، لأنهم إن لم يفعلوا ذلك فلن يفعله أحداً غيرهم -خاصة إذا ما وافتهم المنية – والشواهد كثيرة، ما يجعلنا نبارك تجميع التليسي لشعره هو أن الشعر مع مكانته في نفسه إلا أنه لم يكن في المرتبة الأولى أذ أن الأهتمامات الأخرى نازعته مكانته ونافسته على الأولوية في اهتمامات الشاعر واختلست الوقت الذي كان يفترض أن يخصصه له، إلا أن الشعر كان دائما هو البراح الذي يهرب إليه ويتفيأ به من هجير الواقع وجهامته ومن اشتغالاته الدسمة وهذا ما أكّد عليه أكثر من مرة في لقاءاته المتعددة.
وتعود بعض قصائد ديوان خليفة التليسي الذي لم يمنحه عنواناً جرياً على عادة الشعراء واكتفى بتسميته ديوان خليفة التليسي، وهو الباحث والناقد المجدد في مجال النقد الشعري باستنباطه وتأطيره نظرياً لأطروحته “قصيدة البيت الواحد” والدارس لشعر الشاعرين الليبي الراحل علي الرقيعيوالتونسي أبو القاسم الشابي والمدقق في تجاربهم بأدواته عالية الصقل والممتلئ بالتراث الشعري العربي قديمه وحديثه حتى قصيدة التفعيلة.
ذلك أنه لم يطرح رأيه الصريح في قصيدة النثر مثلما طرحهُ في القصيدة العمودية التي حافظ على كتابتها ولم يكتب سواها وهو الناقد والباحث في الشعر حين راودتهُ كتابة القصيدة وأدركته مهنة اجتراح الشعر، ولعل للسياق الزمني الذي نشأ فيه التليسي أدبياً وترعرع في أجواءه كبير أثر في تبنيهلهذا الشكل للقصيدة العربية ووجد فيه ما يوافق أهواءه واتجاهاته، بل ما يوافق ذوقه الموسيقيّ وميله نحو الإيقاع والغنائية، إذ أنَ بدايات وعي التليسي بالشعر لم يجد أمامه وهو المولود عام 1930 إلا هذا الشكل الذي تشربه حتى النخاع، وحتى إذا ما أسفرت فتوحات القصيدة عن الشكل التفعيلي وبعد ذلك النثري لم يزحزحه ذلك عن عشقه للشعر العمودي العربي، وهو ما حدا به إلى جانب كتابته والأحتفاء به عبر وسائل عدة نذكر منها برامجه المرئية التي تستعرض نتفاً منه، إلى وضع اختياراته منهُ في مجلدات احتوى كل مجلد منها على قصائد كاملة والمفردات والثنائيات والثلاثيات والرباعيات والخماسيات من الأبيات، مع ذكر أن بعض مجايلي التليسي تخلصوا من أسر قصيدة العمود وانطلقوا حتى وصلوا مع الشعر إلى شكليه التفعيلي والنثري ونقصد إذ نقول ذلك الشاعر على صدقي عبد القادر الذي نعتهُ البعض بالشاعر العابر للأجيال وصاحب القصيدة المخترقة للأشكال الشعرية التي عرفها الشعر العربي في القرن الأخير.
تعود بعض قصائد التليسي في ديوانه الوحيد إلى سنينه المبكرة وهذا ما أمكن استشفافه من خلال القصائد نفسها حيثُ حرص التليسي على عدم التأريخ لقصائده ولم يُذيلها بزمن كتابتها وهكذا قام بدمج نتاجه الأول مع نتاجه الأخير والوسيط في كتاب واحد تارِكاً للقارئ استشفاف سياقاتها الزمنية من خلال القصائد ذاتها. وتُمثل إلى حد بعيد القصائد الغزلية المفعمة بروح الشباب وعنفوانه قصائد المرحلة الأولى فيما تمثل قصائد الحكمة والتأمل وتلك التي تميل إلى الهدوء والرصانة المرحلة الأخيرة للشاعر، بيد أنَ روح شاعرية مترعة بالبهجة ومفعمة بالرحابة والطلاقة ظلت تتنازع القصائد التي أبحرت في الذاتي قصياً دون أن تتخلى عن كونها قصائد إنسانية مطلقة تنحاز إلى كل ما هو إنساني بحث وتنفذ إلى كل ما هو رحب وكوني وهذا ما يضع الشاعر الراحل في مصاف الشعراء الكونيين الذين لم يستغرقهم الأني والذاتي واليومي والمحلي والمناسباتي – لو صح التعبير – ولم يشغلهم عن رسالتهم الإنسانية في رفد الحياة بالجمال والأنتصار لقيم الحق والخير والتسامح.
وكما قرأنا قصائد تعود إلى البدايات ونشأة الوعي الفني وتشكل الذائقة الشعرية، قرأنا تالياً قصائد تعود إلى مرحلة أكثر هدوءً أو استقراراً، تلك هي مرحلة التأمل والتفكر بروية في تجليات الحياة وهذا ما يدعمه تراوح القصائد بين التأملية الصوفية وتلك التي تتغنى بالأوطان وتُمجد التضحية بالنفس في سبيلها وتبرز ثرائها، وتلك التي تتغزل بالمرأة وتستحضرها في أبهى صورها كأُم وكحبيبة وكصديقة وتحاور جمالها المادي والمعنوي الذي لو خلت منه الحياة لأضحت جحيماً لا يُطاق ولأصبحت بلا ألوان. ثمانية وخمسون قصيدة بين تلك الطويلة التي احتلت سبع أوثمان صفحات وبين التي احتلت صفحة واحدة أو اثنتان جاء الديوان الذي ترجم قائله وأرَخَ لمشاعره وأحاسيسه وعواطفه وانفعالاته ووثَّقَ حالاته المتبدلة ونسخ شطحاته وبعض جنونه ونزقه حتى أننا لا نحتاج إلى إحالة لمتون أُخرى لنبلور فكرة عن اتجاهات الشاعر وأراءه ونظرته للأشياء من حوله وموقفه من الحياة وانحيازه للجميل فيها.
والتليسي هو الذي يقول فيما يخص عشق الوطن على سبيل المثال:
وقفٌ عليها الحب شدت قيدنــــــــا أم أطلقت للكون فينا مشاعـــــــرا
وقف عليها الحب ساقط نخلهـــــا رطبا جنيا أم حشيفا ضامــــــــرا
وقف عليها الحب أمطر غيمهــــا أم شح أو نسيت محبا ذاكــــــــرا
وقف عليها الحب كرمى عينهـــا تحلــو منازلة الخطوب حواسـرا
وقف عليها الحب تنظم عقدنـــــا ركبا توحد خطوة وخواطـــــــرا
تفدي العيـــــون جبينها ولو أنهـا تبدي لنــــــــــــا دلاً وطبعا نافرا
تشقى النفوس بحبهــــا، وعزيزة تلك التي تُشقي وتحجب ســاحرا
رُدي عليه شبابه وعرامــــــــــه وأريـه في سبيل الخلود مخاطرا
تجديه قد أوفى على غاياتــــــــه وأباح مجدك مهجة ونواظـــــرا
أو فاقنعي منه بما قد قدمـــــــت أيامـه الأولى عطاءً زاخـــــــــرا
يا منزل الصبوات كم لك من يدٍ عندي سأحفظها وفيا شاكـــــــرا
تتقلب الأيام في أطوارهــــــــــا خصبا وجدبــــا لا تمس جواهرا
محفوظة في العمق صنع أُبــوة خلعت على جيـد الزمان مفاخرا
ويظل حبك خالدا لا ينثنــــــــي للحادثات وإن بدون غــــــوادرا
إلى أن يقول:-
لكنها الآمال هزت خافقـــــــــــــي هزاً وأضرمت العروق مجامرا
فنظمت منها مشاعري وخواطري ورفعتها طوقا تأرَّج عاطـــــرا
للهادمين قيودها والرافعيـــــــــــن بنودها والناشرين بشائـــــــــرا
للزارعين حقولها ومروجهـــــــــا والناسجين لها رداءً فاخــــــرا
للغارسين علومهم وفنونهـــــــــــم الصادقين بواطنا وظواهــــــرا
للعاشقين لكل دوح راســـــــــــــخ في أرضها والحافظين ذخائرا
لشيوخها ركبوا الأمور جليلـــــــة وصلوا بها أوائلا وأواخــــــرا.
وهو الذي ينشد في شأن المرأة:-
رحلَ الغرام بصمته وبيانــــــــه وبهمسه والحلو من ألوانــــــه
بالرائع المعسول من آمالــــــــه والنادر المهموس من ألحانــه
عصفت به الخطـوب فزعزعت من صرحه وأتت على أركانه
لم يبقى من أيامــــــه إلا الرؤى تروي لنا ما كان من سلطانـه
ويقول أيضاً:-
تتلاطم الأمواج بين غدائــــــــــــــر هوج ونهد لا يطيق قــــــــــــــرارا
إني أُطيق الموج يزحف هائِجـــــــاً نحوي، وأخشـــى موجها المِعطارا
جيش من الشهوات يزحف في دمي من جندها فتسوقني مختـــــــــــارا
أين الرشادوكل ما أزهــــــــــــو بِهِ من حكمة قد أمنتني عثـــــــــــارا.
وفي كل ما كتب التليسي من شعر في المرأة لم يكن متفحشاً ولم يكن مُفرطاً ولم تخرج صوره الجميلة التي رسمها للمرأة عن حدود الأخلاق والعُرف، فالمرأة عندهُ عفيفة ملائكية شاهقة ومُفتقدة كما لو أنهُ يُلاحق امرأة مثالية تذرع خياله دون أن يقبض على أوصافها، كما لو أنهُ يكتب المرأة الحُلم المرأة النقية من الدنس الأرضيّ، ألم نقُل إنَ امرأة التليسي التي ينشدها امرأة ملائكية أو هي اقرب إلى ذلك. وهو الذي يقول متغنياً بالحكمة:-
لو كان في وسعي وهبت شمائلي ومنحت من زهري ومن أثماري
ويجوز أن تعطي وتبقي حاجـــة تأبى على الإهداء والإيثـــــــــارِ
مجد النفـــوس عطية من ربهـــا لكأنهُ قدرٌ من الأقـــــــــــــــــدارِ
لا العلم يمنحك المهابــة لا الغِنى أن كانت الأخلاق غير وقـــــــارِ
وترى الفقير يسير في أسمــــاله وعليه سيما النُبل والأحـــــــرارِ
تلك الوجاهة فطرة لا منحــــــة ولقد تكون لصاحبه الأطمــــــارِ
وتعددت ضمائر الشاعر فتارة المتكلم هو، وتارة يتحدث بضمير الغائب وأحيانا كثيرة يسوق قصائده في هيئة حوار وكثيراً ما تقمص شخصية المرأة وأجرى على لسانها أبياته وما لم يستطع قوله بلسانه جهراً قالهُ همساً وما لم يوافق النبرة العالية قاله بصوت خافت. واهتم الشاعر بحاسة السمع في قصائده المنتقاة قوافيها بعناية وربما جاء ذلك على حساب حاسة البصر التي لم يوليها كثير اهتمام بابتعاده عن الوصف وعزوفه عن استحضار الصور الشعرية وكعادة المنحازين لوضوح الشعر وضرورة رفع الغموض عنهُ جاءت قصائد الديوان البالغ عددها تسع وخمسون قصيدة واضحة الاهتمامات جلية المعاني ذات وِحدة عضوية يقود كل بيت فيها ومعنى إلى المعنى الذي يليه بسلاسة ولا يرهق القارئ برمزيته وإبهامه، فيما تعاضدت عناوين القصائد مع لحمتها في سوق المعنى واضِحاً والتقديم للقصيدة بصورة جلية فمن خلال العنوان فقط يمكن أن نُخمِّن موضوعها وما هي مُقبلة على طرحه من أفكار حتى قبل الخوض في تفاصيلها فحينما نقرأ عناوين مثل، جميلة الأوزار وحنان الوالد ونظرة وغيرة والمتكبرة وهجر وحيرة ورحل الشباب وغيرها من العناوين يقفز إلى الذهن مباشرة بعد قراءتها موضوع القصيدة ونكون قد بلورنا فكرة مصغرة عنها قبل ولوجها. ومثلما هو تقليدي في بناءاته الشعرية، التليسي تقليدياً يبدو وإلى أبعد الحدود في اختيار عناوينه وعتبات قصائده التي تشكلت في الأغلب من مفردة واحدة.
وعلى توسعه وكثرة قصائده لم نقرأ للتليسي قصائد تتغنى بالطبيعة سوى تلك الصور الطفيفة التي سخّرها لوصف حالته كعاشق او مُحب، ولا نجد أدنى احتفاء بالمكان وكأن القصائد كُتبت في المطلق من الزمان والمكان إذ لم تقيد نفسها بأيٍ منهما ولم ترتبط بمرجعية زمكانية محددة، وظلت الموسيقى الظاهرة الناتجة عن القافية التي حافظت على وضوحها منذ بدء الديوان وحتى نهايته هي المهيمن الأوحد على السياق العام وكأن الكلمات المُنغمة تتوسل القارئ بأن يقرأها بصوت جهير وعلى مهلٍ حتى يتذوقها كما ينبغي، وحتى لا تتبخر جل عناصرها، كون القصيدة العمودية تتكئ في الأساس على الموسيقى التي إن ضاعت أو تخلخلت فيها لن يبقى منها الكثير من الشعر، وبدا الديوان بقوافيه المتعددة ونغماته المتنوعة كما لو أنه معزوفة واحدة متصلة ودائرية يفضي أولها إلى آخرها ويقود آخرها إلى أولها، وعلى عكس مُجايليه والسابقين لهُ الذين تتلمذ على أيديهم ونهلَ من أشعارهم كعاشق للشعر وليس لمجرد النهل فحسب على عكسهم أجمعين أو جُلهم لم تستهوي التليسي قصيدة المناسبات وتلك التي تؤرخ لحدث وطني أو اجتماعي أو سياسي رغم أنها كانت رائجة وخلا الديوان من هذا النمط من القصائد التي تستثير في الأساس حماسة القارئ لا ذائقته، وفقط اتَّبع هواه حتى منتهاه وكتب قصائد تؤرخ للمشاعر والعواطف وتوثق أمزجته في سائر حالاته في الفرح وفي الحزن في الضيق وفي الفرج في اليسر وفي العسر، غير أن قصيدة التليسي شأنها شأن قصائد شعراء العربية العموديين القدماء والمعاصرين لم تغفل عن فخامة الجملة الشعرية وجزالتها والأعتناء بالألفاظ واستخدام المؤثر منها والبليغ القادر على استيقاف المتلقي بقوة تعبيره ووضوحه الواثق وصرامته من الناحية اللغوية وملئه لمكانه في السياق الذي يوضع به ومتانة سبكه العبارة والأبتعاد عن الغريب من الألفاظ وغير المستعمل.
ولم يكن الأسلوب أبداً متهاوناً في هذه الشروط التي اعتاد عليها الشعر العربي من حيث الصرامة والإتقان والرصانة، فالعرب اعتبروا الشعر صنعة أو مهنة وعلى من يريد امتهانها أن يُتقنها ويفيها حقها من المهارة والبراعة، لم يتهاون سوى في قصيدة واحدة عنوانها “مُلاطفة” والتي نرى أنها خرجت عن السياق السائد من حيث صرامته ورصانته وجديته وحملت بعض ما نستطيع أن نُسميه الطرافة أو السخرية الخفيفة والفُكاهة الشعرية والهزل، ونلحظ أول ما نلحظ ذلك من قافيتها التي توَّجت أبياتها بنون النسوة، وفيها استعرض التليسي خيرته مع المرأة وأوضح موقفه من النساء ككيان متكامل روحاً وجسداً في أسلوب طريف هو أقرب إلى المُزاح واللعب منهُ إلى الرصانة والرزانة، هو أقرب إلى التجريب منهُ إلى الأشتغال الجاد، ولا غرابة في ذلك لأن سياق القصيدة يحتمل هذا القدر من السُخرية والمُعابثة والنبرة المازحة التي قد تستعذبها المرأة ولا تعترض عليها، حيثُ يقول فيها:-
إنِّي أُحب عيونهنَّه
وأستطيب حديثهنه
وأرى الحياة كريهة
إما تججَّب دٌلهِنه
ويروقُ لي عند الدُجى
سمرٌ يتم بربعِهنه
ويعيد لي مرح الشبا
ب حديث صفوِ حولهنه
وأرى اللباقة والكيا
سة لا تكون لغيرِهنه
ويضيق في عيني الوجود
إذا ترقرق دمعهنه
ما قيمة الفن الجميل
إذا تغيب وصفهنه
ونفع مسعاة الرجال
إذا حجبن رِضاءهنه
تلك الحضارة ما زهت
لولا منابع وحيِهنه
إني لأطمح أن أرى
كوناً يصير لحكمهنه
فلربما فشل الرجال
يصير نجحاً عندهنه
هذا هو التليسي الذي عرفته وجلست إليه ذات لقاء جمعني به بمقر الدار العربية للكتاب التي كان رئيسا لها، قبل أن يُهديني في نهاية اللقاء مجموعته التي يضن بها على البعض ولا يهبها إلا لمن يستحقها – كما قال – والمتكونة من مجلدات ست يحتوي كل مجلد منها على نخبة من أنتاج الشعراء العرب كقصائد مفردات وثُنائيات وثُلاثيات ورباعيات وخُماسيات من الأبيات، أي أن التليسي كفانا عناء الخوض في القصائد قديمها وحديثها وقدَّمَ لنا زُبدة الشعر العربي الذي اختزله في قصائد وأبيات كما سبقت الإشارة، وتلك وجهة نظر وخطوة كرَّست صاحبها كمتذوق عظيم وكعاشق مُتيم للتراث الشعري العربي.
___________________
نشر بموقع ليبيا المستقبل