أمواج عاتية تتلاطم في هذا الشتاء القارص وتنكسر على صخور الشاطئ المقابل.تنتهي بزبد ابيض متلاشي ومتداخل مع زرقة مياه الموج العاتي القادم كذلك والمتكرر. ومن بين تلك الأمواج ضهرت بقايا أخشاب لقارب متحطم في موقع مجهول من محيط البحر الغاضب.
بقايا أشلاء لبحارة غرقه ، واوانى خفيفة وقوارير متناثرة هنا وهناك. ومن بين الصخور يأن طفل رضيع بين ذراعي أمه المرتمية تنتظر بشغف شيئا اقرب إلى الموت. يقترب منها صوت الأمل صوت أذان الفجر فتتسرب ابتسامة خافتة تمدها بطاقة جديدة لتتحرك زاحفة ململمة أشلائها من على حافة الهلاك.إلى الطوق المأمول. تكتم ألامها وتتجاهل خدوشها و تتثاقل خطواتها لتسقط هنا وهناك قبل أن تلمح الرصيف وتشاهد معالم المدينة ومبانيها المتلاصقة لحد النكاح. تزداد قوتها وتتأمل الوصول إلى احد البيوت فتصل وتقرع النوافذ قبل الأبواب فيهادى إلى مسامعها صوت احدهم.
يتسلل بالأنين:
من الطارق؟
فتجيب بكتم الأنفاس متزامنة بانين الألم وضجيجا من صراخ الطفل الجائع.:
انا
فيعيد القاطن من تكونين.؟ ومن انت؟
فتسلم أمرها للموت قبل أن تتكلم.وليكمل الطفل الحوار بصرخة متقطعة بائسة. يُفتح الباب ليخرج شخصا متذمرا من توقيت القدوم. فيجد الموت والحياة. إما ولجت الموت وطفل ولج الحياة. تذمر من المعاناة التي ستنتج من القادمون. هم كبير اعتراه،وتبدد سبابا وشتائم للدنيا ولكل شي حتى الجلالة!!!
فأرعدت السماء غضبا واهتزت المدينة من جراء زلزال عظيم حطم بيوتا هنا وهناك وانتشر الصراخ والعويل ممتزجا بصافرات الإنذار وأصوات مركبات الاسعاف، التي هرعت لعين المكان لتجد القاطنين وقد ارتبكوا وتبعثروا في كل مكان فمنهم من مات ومنهم من أصيب ومنهم من احتجز مابين حطام البيوت،فازدادت المأساة تعقيدا. تراجع القاطن عن قراره بانتشاله جثة الأم والطفل الرضيع لخطب جلل لان طفله الرضيع قد هلك هو الأخر من فعل الزلزال.
فوفر على نفسه مشقة الغسل والدفن فجرجر جثة الأم المجهولة إلى ثغرة نتجت في احد البيوت المجاورة من جراء كارثة الزلزال. وعاد إلى طفله الشرعي المتوفى فحمله ووضعه بين ذراعي الأم الميتة. ليضمن راحة باله فلن يقيم مراسم جنازة لابنه الرضيع فلقد قرر أن يربى الطفل البديل فأعطاه اسم طفله المتوفى ” إدريس”.