رواية (غياهب الحي المقابل) للكاتب حسن أبوقباعة المجبري
سرد

رواية: غياهب الحي المقبل – الفصل الثالث

دوائر الأشباح

***

كان في إحدى دوائر الأشباح ..شبح الفتاة التي يحمل قبرها الرقم (3333) والتي كانت طالبة لامعة تدرس في إحدى الكليات العلمية, وقد كانت في حياتها على قدر كبير من الأنوثة والجمال والذكاء والأخلاق الحميدة .. لنشأة تلك الفتاة في احد البيوت المحافظة.

كان هذا الشبح هو نفس شبح الفتاة التي ظهرت في الليلة الأولى، وتسأل عنها الممدد الأخير عند قدومه للمقبرة.

“أتت هذه الفتاة إلى المقبرة منتحرة”.

معلومة همس بها شبح الممدد الأول في أذن شبح الممدد الأخير في الليلة الثانية ..

في حلقة دائرية أخرى كان يوجد شبح حامل الرقم (2222) وهو شاب كان في حياته لصا .. وجاء إلى المقبرة مقتولا بإطلاقات رجال الشرطة نتيجة لعدم استجابته لهم أثناء المطاردة.

قتل ولم يتمكن احد من معرفة مخبأة الأموال المسروقة .. وفى دائرة أخرى يوجد خمسة أشباح يتزعمهم شبح حامل للرقم (1111) ماتوا غرقا في البحر بعد أن تحطم بهم قاربهم الخشبي وجاءوا في نفس اليوم إلى المقبرة.

…  حلقات دائرية كثيرة كان بداخلها بعض الأشباح, وكانت مهتمة بذلك الشاب (ادهم) في تلك السنوات.

الكل معجب بذلك الفت حتى الأشباح تمنت أن تعيش حياته ، الكل يتابع حركاته وسكناته .. ابتداء من الصباح الباكر حين كان صغيراُ ، وانتهاء بالصباح الباكر بعد أن أصبح يافعاً .. كل يوم حكاية أصبحوا يعلمون أدق التفاصيل عن حياته وعن كل شيء.

جلسات وسهرات ليلية كانت تقام تحت ضوء القمر الجميل في ذلك الصيف الحار .. وكان محور حديثها (ادهم) .. والأخوة الشباب.

… تاريخ الحي مدون في سجلات الموتى..  أيقنت الأشباح أن هذا الفتى هو أفضل من سكن الحي المقابل عبر تاريخه .. وفهموا أن الحسد هو سبب المشاكل التي انهالت عليه فجأة ..

عرفوا أن من يرتكب المقالب الإجرامية في الحي هم الإخوة الشباب ولم يكن (ادهم).

وكيف يشيعون أخبار بأنه هو من ارتكب الفعلة تلك والفعلة تلك.

كان من بين هؤلاء الأشباح شبح غريب لشيخ مسن دائم الجلوس عند تلك الصخرة البيضاء والتي اتخذت من نفسها سدا أمام الشجرة الكبيرة الغريبة الشكل .. كان شبحا دون قبر .. ولا يحمل اى هوية مقبرية .. لم ينطق باى كلمه منذ أن جاء إلى هذه المقبرة في هيئه شبح … وبلا جثة ..!

قتل هذا الشيخ في احد الأيام الشتوية الباردة .. بسبب امتلاكه لوفرة من الأموال.

قتل ولم يعثر على المنفذ لتلك الجريمة البشعة حينها!.. كان هذا الشيخ دائم الجلوس بمفرده .. لائذا بالصمت عند تلك الصخرة البيضاء .. دون أن يتفوه بكلمة واحدة .. لكنه كان يحسن الإنصات لما كان يدور حوله في الحي المقابل .. وفى المقبرة.

تطورت المعمورة وعظمت معالمها خارج المقبرة .. وأصبح الحي في حاجة إلى التجديد في كل شي ليواكب موجة التطوير .. نعم الأيام تمر والمباني تتآكل وتتداعى ، فما بالك بالمقبرة والتي شهدت مراحل متعددة من مراحل الزمن،أنها الأولى بالتجديد.

تطور الحي في كل شيء..  إلا في سلوكيات سكانه الجدد ، وتلك المقبرة التي أصبحت فجأة وبدون سابق إنذار في حكم الإزالة .. نعم الإزالة الفورية!.

حتى الأموات أصبحت مزعجة باحتلالها لتلك الأمتار القليلة التي اضطروا إلى التمدد فيها.

أزيلت المقبرة بواسطة ذلك الكم الكبير من آلات الحفر والشاحنات والعربات الكبيرة التي أتت ذلك الصباح الباكر فجأة .. لتهدم مساكن الأموات.

… انتشرت الفوضى في المقبرة .. الأشباح تتطاير في كل مكان وعمت الفوضى داخل هذا الحي الهادئ .. وانتشرت الأشباح هنا وهناك .. وقررت الاقتران بالبشر الأحياء فى الحي المقابل ، خارج المقبرة.

الكل يبحث عن صيد بشرى ليقترن به .. الكل يبحث عن الفتى (ادهم) للاقتران به، ليحيا حياته المثيرة.

ولكنهم تأخروا كثيرا .. ذلك لان شبح الشيخ الدائم الجلوس تحت تلك الشجرة قد لمح مكان تواجد (ادهم) فهاهو يمر مسرعا بمركبته الأنيقة كعادته هناك فسارع للاقتران به.

.. كان هذا الشيخ من اشد المعجبين بأدهم فقرر أن يعيش حياته ، وان يكشف سر الجريمة المشينة عن طريق هذا الفتى النشط.

… لحظات صعبه وأليمة تلك التي اقترن فيها شبح الشيخ بجسد الفتى … اختل التوازن الفكري للفتى … وظهرت عليه علامات الجنون … فتهادى بجسمه واصطدم بمركبته في احد أعمدة النور .. وانتهى مغشيا عليه على عجلة القيادة ، وأسعف سريعا إلى المستشفى.

تطايرت بعض الأشباح الأخرى وكل منها اقترن بجسد صادفه أثناء هروبه من المقبرة..

الشيح (2222) اقترن بشخص تمكن من إسعاف (ادهم) ، الشبح (1111) اقترن بأحد الأشخاص الواقفين في الحي انه (إدريس) احد السكان الجدد.

شبح الفتاة (3333) قرر الاقتران بالفتاة التي سوف تكون صديقة لأدهم وذلك لأنها أحبته من كثرة الاستماع إلى إخباره.

شبح الممدد الأخير كان محظوظا جدا فاقترن بأحد الأشخاص المُغرمين بالفتيات الجميلات والقريبات جدا من (ادهم).

.. أما بقية الأشباح فانتشروا هنا وهناك بحثا عن أشخاص أثناء هدم تلك المقبرة البائسة للاقتران بهم.

***

يتبع

مقالات ذات علاقة

ما الذي يبقى من الإنسان إذا ضاعَت المخيّلة ؟!

مهند سليمان

رباية الذايح

حسن أبوقباعة المجبري

ملجأ اليتيم

شكري الميدي أجي

اترك تعليق