مسألة ضرورة تطابق المشروع الديمقراطي للدول مع طبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده مسألة مهمة… كان واقعنا الاجتماعي حتى 1911 واقعا رغم الصراعات الداخلية واقعا متماسكا بسبب تماسك العرف…
وعندما انهارت الدولة العثمانية وجد الواقع الاجتماعي نفسه ملزما بالدفاع عن نفسه فقد صار بدون أي غطاء سياسي او عسكري وأمام غزو خارجي… فتم تأسيس الادوار الاجتماعية الحربية.. حتى حدث الاستقلال…
هنا دخلت مفاهيم ديمقراطية غريبة عن الواقع الاجتماعي الليبي من خلال البرلمان والاحزاب.. وصار الدستور رديفا للعرف… ليبدأ التداخل بينه وبين العرف تحت مظلة الدين…
انتقل المفهوم الفكري من مفهوم فكري اجتماعي مرتبط بالعرف إلى مفهوم فكري حزبي مرتبط بالإيديولوجية السياسية… فتحول الليبي من جبروني او حرباوي او سليماني او الاد كعب.. او مرابط او اشراف…
إلى اشتراكي… ليبرالي…بعثي.. ناصري.. الخ؟؟؟
ومنذ ذلك الحين استمر التضارب بين التماسك الفكري الاجتماعي المرتبط بالعرف وبالعرق وبين التنوع الفكري الإيديولوجي المرتبط بالحزب والمتصل بأفكار خارجية مستوردة لا تمت للواقع الاجتماعي بصلة..
وبدأ الصراع…
وتحول الاتجاه العرفي حليفا في كثير من الاحيان لمن يمثلون هذا الاتجاه سياسيا فقد تم توظيف العرف والجانب الاجتماعي لدعم الاتجاهات الأيدولوجية.
مما أربك المشهد الاجتماعي وجعل العرف ينحرف عن قيمه ومثله الاخلاقية فصار بشكل غير مباشر يحمل افكار ميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة..
اي ان الانتصار للقبيلة في اوسع نطاق للدولة غاية يتم توظيف وتسخير كل شيء لها… باي شكل من الأشكال..
ومن هذا المنطلق أصبح الوصول إلى السلطة مرتهن لمن يريدونها بتوظيف الواقع الاجتماعي لدعم الاتجاه السياسي والعسكري….
..؟..
إن الحل يكمن في أن تتولى الجهات الرسمية بتكليف من يستطيعون وضع دراسة موضوعية لطبيعة واقع المشهد الاجتماعي الليبي وانعكاس اثاره على السلطة والعكس ايضا..
هناك دراسة موجزة موجودة لدي للانتقال بدور القبيلة من كونها شئنا ام ابينا عائقا أمام نجاح مشروع دولة حديثة حقيقي إلى أساس مهم من أسس نجاح هذه الدولة…
المشكلة لدي أن هناك شخصيات سيادية ليس همها هم المواطن همها أن تجعل مما يمكن ان يتم به خدمة المواطن سبيلا لتستفيد منه من خلال السيطرة على المشاريع والاعتمادات لا تهتم بالعلم والدراسات العلمية اي كانت التي تسهم في الارتقاء بواقع مجتمعنا.. مما جعل التخلف سبيلا لتفاقم الآفات الاجتماعية كالجريمة والطلاق ومن ناحية اخرى تعثر المسائل الاقتصادية والسياسية
لأن الدراسات العلمية ستلزم تلك الشخصيات السياسية بحلول تتعارض مع أهمية وجودها وتحملها المسؤولية بشكل مباشر او غير مباشر..
وهم لا يريدون ذلك وقد امتلكوا مقومات القوة التي تمكنهم من التحكم في كل شيء وإخضاع كل شيء لسياسات الامر الواقع… نحن همنا الوطن وبناء دولة حديثة وهم همهم الحكم وكيفية توظيف مقومات الدولة للبقاء إلى مالا نهاية في الحكم ولو ببقاء المجتمع متخلفا بعيد عن دراسات علمية تحرجهم… وتحملهم المسؤولية مما يتطلب تنازلهم… وهذا مستحيل…