الطيوب | حاوره: رامز رمضان النويصري
منذ انطلاقتها ودخولها عالم النشر، آلت مكتبة الكون على نفسها التعريف بالكتاب الليبي والكاتب الليبي، من خلال حضورها في أحد أهم عواصم النشر والطباعة عربياً، القاهرة.
مكتبة الكون لم تكتفي بالقاهرة، وبمقرها بمدينة نصر، أو من خلال مشاركتها بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وغيرها من معارض الكتاب بمصر، بل خرجت للمشاركة عربياً ودولياً، فشاركت ممثلة لليبيا في أهم معارض الكتاب في الشارقة واسطنبول والدوحة.
وليس هذا فقط، بل إن المكتبة اتخذت اكثر من خطوة، في مج لنشر الكتاب الليبي وتوزيعه عن طريق الإنترنت، فكان آخر هذه الخطوات اتفاقيتها مع منصة حبر كتب التركية، لتوزيع منشورات مكتبة الكون داخل وخارج تركيا.
هذه الخطوات يقف وراءها شخص شغوف بالعمل الثقافي والكتاب، منذ نعومة أظفاره، إنه الأستاذ فتحي بن عيسى، مدير المكتبة، والكاتب الصحفي وصاحب التجربة الطويلة في مجال الكتاب والنشر. نلتقيه متابعة فعاليات معرض الكون للكتاب الليبي، بالقاهرة، بمشاركة: مكتبة الكون للنشر والطباعة والتوزيع، دار الجابر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، دار جين للطباعة والنشر والتوزيع، مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة، منشورات الوسط.
هدفنا من عدم غياب اسم ليبيا عن هذا المنشط المهم قد تحقق
بداية، من البديهي أن نسأل: لماذا معرض للكتاب الليبي في مصر؟ ولماذا بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب؟ ولماذا لم تشاركوا هذا العام بمعرض القاهرة؟
بداية أتوجه بالشكر والتقدير من خلالك إلى كل من يقف وراء هذا العمل العظيم المتمثل في موقع طيوب الثقافي، تحية إجلال وإكبار لإدارة وأسرة التحرير وكل متابعي طيوب.
لا أكتمك سرًا إن قلت ولست أبالغ عندما تجمعني المحافل الثقافية والابداعية في القاهرة مع مثقفين ومبدعين من أصقاع شتى، عندما يسألوني عن المشهد الثقافي في لييا يكون جوابي بإخراج هاتفي وتصفح موقع طيوب أمامهم، مفتخرًا ومفاخرًا، ويبلغ بي الزهو منتهاه وأنا أسمعهم يشيدون بهذا الجهد الخرافي (هكذا عادة يصفونه) عندما أخبرهم بأن القائمين على هذا الصرح المميز متطوعون على مدى تجاوز ربع قرن من الزمان.
بالنسبة لسؤالك الثلاثي الأبعاد، أقول:
منذ إنشاء مكتبة الكون في القاهرة كانت بمثابة معرض دائم للكتاب الليبي في القاهرة، وقد افتتحت أبوابها في ظروف صعبة جدًا، ووضع أمني غير مستقر في ليبيا وما نتج عنه من صعوبات لوجستية على مستوى الشحن والتحويلات المالية والتواصل مع المعارض الخارجية جعل من التفكير في التواصل الثقافي مع الآخر نوعًا من الترف إن لم أقل حماقة، ثم جائحة كورونا وما أنتجته من شل للحركة. كان هذا التحدي، فأنا في العادة لا أهتم بأداء فروض الكفاية، فطالما وجد من يقوم بمهمة ما، فلا أزاحمه بل أدعمه متى ما كان هذا الدعم مطلوبًا، أركز دوما على (الثغور الشاغرة) وأحاول أن أؤدي واجبي فيها.
من هنا جاءت ما يصفه البعض بالحماقة والبعض الاخر بالمجازفة، فافتتحت مكتبة الكون في القاهرة مستفيدًا من الامكانيات اللوجستية التي توفرها عاصمة بحكم القاهرة للكتاب والابداع الثقافي، وقد كان.
ورغم أن القانون يسمح لنا المشاركة في المعارض الدولية باسم جمهورية مصر العربية وهذا بالمناسبة يعني وفرًا ماليا يتجاوز 60%، مثلا في معرض القاهرة الدولي المشارك باسم مصر يدفع حوالي 80 دولار للمتر الواحد، بينما المشارك من خارج مصر يدفع 200 دولار أمريكيا للمتر الواحد، ومع هذا فضلت الاشتراك باسم ليبيا في دورتين متتاليتن عندما حالت الظروف دون مشاركة زملائي الناشرين من ليبيا وقتها، والحمد لله اليوم نشهد مشاركة واسعة من دور النشر الليبية، وبالتالي هدفنا من عدم غياب اسم ليبيا عن هذا المنشط المهم قد تحقق، وهذا المطلوب.
لدينا الموهبة.. وينقصنا الإرادة الوطنية والسياسية
هذا يقودنا للسؤال التالي؛ هل للكتاب الليبي حضور لدى القارئ المصري؟
أقولها بمرارة وحسرة، السنوات العجاف التي مرت بها وتمر ليبيا منذ 2011 صنعت صورة نمطية لليبي أنه لا يكتب ولا يقرأ، فقط يجيد القتل والسلب والفساد والافساد. سنوات غابت فيها ليبيا عن معارض الكتاب فانقطعت الصلة بينها وبين القارئ العربي عموما، فمن كان عمره في 2011 عشر سنوات اليوم عمره 25 عاما، ولطالما سمعت عبارة (هل لديكم مؤلفين؟ هل لديكم شعراء؟ هل وهل؟) وفي نفس الوقت يحفظون أسماء المسلحين، ويذكرونهم متندرين.
إذن: ما الذي ينقص الكتاب الليبي لينتشر عربيا؟
لدينا الموهبة، وينقصنا الإرادة الوطنية والسياسية، التي تعي دور الكتاب والكاتب والثقافة والمثقف كقوة ناعمة للبلد، للأسف الثقافة والكتاب والكاتب خارج اهتمامات من تولوا ويتولون الأمور في بلدنا المكلوم، في فمي ماء وفي قلبي غصة، فلله الأمر من قبل ومن بعد.
متابعة لسؤالنا: ما أهم ما تحتاجه صناعة النشر في ليبيا؟
لا توجد صناعة نشر في ليبيا، وإنما مجهودات فردية تقوم بها بعض المكتبات، أصحابها يعشقون المهنة ويرون فيها رسالة.
لتقوم صناعة للنشر في أي بلد، أولا لا بد من حالة استقرار قوانيها واضحة لا قيود مزاجية فيها على الابداع، اليوم قد نجد كتابا ليبيا يسمح بتداوله في مدينة، ويمنع في أخرى خارج سلطة الدولة، وإنما بفعل سلطة الأمر الواقع في كل منطقة وحسب مزاج كل جماعة.
بالإضافة إلى تشجيع إقامة المطابع وتوفير مستلزماتها ودعمها، وقبل كل هذا إرادة سياسية تعي أهمية صناعة النشر في بناء المجتمعات.
لازلنا نحبو، والطريق أمامنا طويل
المتابع لحركة النشر في ليبيا، يجد الكون حاضرة وبقوة، فكيف استطاعت الكون تحقيق ما وصلت إليه من تميز؟
لازلنا نحبو، والطريق أمامنا طويل حتى أستطيع أن أشاركك هذا الرأي المشجع والداعم.
ما هي الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها؟
أن نسهم في إعادة الاعتبار للكاتب والكتاب الليبي، وأن يحظى بالمكانة التي يستحقها عن جدارة، وأن نعيد جسور التواصل بيينا وبين العالم.
هل دخولكم مجال الطباعة، يساهم في تقليل تكلفة النشر؟ وبالتالي فتح فرص أكبر للنشر؟
أرجو ذلك، وأتمناه.
ما هي مشاريعكم القادمة؟
لست من من يفضل الحديث عن مشاريع مستقبلية قبل أن ترى النور، نحب دوما أن ننجز ثم نترك الانجاز يتحدث عن نفسه.
كلمة أخيرة...
إلى كل مسؤول اتق الله في هذا البلد، واعلم أن الثقافة ليس مجرد طباعة كتاب يتم تخزينه في مخازن سيئة التهوية، الكتاب رسالة وقيمة، كلما نشرها على نطاق واسع توزيعا وتعريفا كلما حصدنا ثمارها ليس أقلها تعزيز الانتماء لهذا الوطن في نفوس المواطنين.