طيوب عالمية

مشقة سؤال الأوبرا والباليه عند نيتشه وفاغنر (3-6)

نيتشه وفاغنر

…. تابع

ـ مدخل الجلسة الثانية فجوة الأوبرا والبالية: عناصر الهيبة والأبهة المتعالية
 2-1 : الموسيقى والدولة: الإشكالية المتشاطرة
2-2: الإشكالية المزمنة بين تبادل أبهة الأحكام و نزول هيبة الأرادة الحرة
2-3: الحفاظ على تهيب وحدة الحكم العملي؛

… لمدخل تهيب العناصرمن الصيرورة إلى إدراك ثقلها٬ هناك نقطة أخرى يتوافق حولها (نيتشه) و (فاغنر) تتعلق برؤيتها للواقع٬ وموقفهما من ” جينالوجيا/انساب الأخلاق”٬ فما يميزها عن العديد من الفلاسفة الذين نظروا لصيرورة التهيب ونمو كينونتها في الأنوجاد كـ”عروض مسرح المدن الفاضلة”٬ هو أنهما رغم موافتهما على انحياز قبول/رفض تلك العروض٬ إلا أنهما يرفضان التنكر نظرة الخطاب للواقع وافتراقه؛ هو الامر الذي توقف عند كل من فاغنر ونيتشه؛ فهما يرفضان أقوال اصنام المدن الفاضلة٬ ويصفان خطاب مدنهم تصورات بغير المقدور على تحقيقها٬ وذلك في معرض تأكيدهما “بالتعريف المؤطر”؛ ضرورة الأهتمام بالفعل المدهش٬ أي بالإرادة المتعالية هيبة مدركة بالملموس. وفي هذا السياق التنظيمي٬ نجد أن شارحي (نيتشه) اخذهم غلو يجرف ثقل “الإرادة المتعالية” من ثقل كينونة المكون “الأعتراف بالملموسات”. بمعنى٬ جانبوا الصواب لما رأوا فكرة أهتمامه الأول بالمتنوع الطبيعي٬ والمتحول الأخلاقي٬ والمتعدد المنطقي؛ التي تحفل بها مؤلفاته٬ وذلك بسبب أن تطلعوا خطأ أن تعاليمه تمثل “نظرية في التغيير الفلسفي”٬ وهو بالضبط أهتمام بالمتهيب الثابت ـ المتعالي٬ والمتهيب المتنوع المتعالي٬ والمتهيب غير المتحول المتعالي٬ أي بالمتوالي الدائم الإضافة وقيمة الباقية المستمرة. والذي جعل (نيتشه) مشقة سؤاله في فن الأوبرا والباليه مرتكزا جماليا فلسفية للإرادة المتعالية٬ أي ذا وثيقة أنوية بتاريخ الثورة الأخلاقية٬ طبيعة وأخلاق ومنطق٬ الثابت٬ والثابت والمتحول٬ أي بمعنى٬ بحسب ما يلاحظ٬ هو٬ أنه كان من فكر بإمكان تأسيس كيان كينوني ـ مكون٬ مكون متحول دائم٬ ومتوالي طويل البقاء ومتنوع مستمر…٬ والأهم في سياق موضوع هذه الدراسة٬ أن (نيتشه) كان أول من تصور نشوء ميدان إنساني “الإنسان المتحرر المتعالي ـ المستقل” عماده: قوة الإرادة؛ قوة تهيب الطبيعة الإنسانية٬ قوة تهيب الأخلاق الإنسانية٬ قوة تهيب المنطق المتحول والحكم. بمعنى الاخذ بالقوة؛ فن القيمة المضافة٬  أي جمالية تصرف متعاليها مكون الاوبرا والباليه؛ تكون قوانينه ومبادئه للعمل٬ مستقلة عن تعاليم جاهزية الكنيسة وسلطتها على وجه الخصوص٬ مما ابرز أهمية فكرة جمالية فن الأوبرا والباليه ضمن خطاب الإنسان المهيب٬ قيادة الأولويات المتعالية التي تتجاوز مستوياته الأخلاقية المتهافته٬ وتجعل من الخطاب الموجه مجمل الشؤون الإنسانية رفعة عموما. بمعنى؛أن الخطاب الأوبرالي بالباليه يشكل إرادة تحقيق بالتجربة٬ سعيا إلى تصحيح “المعرفة التجريبية المركبة”. وجعل هذا السبيل حول خلق تصور جديد لمعيار المعنى بالإرادة التجريبية٬ وذلك من خلال ما يمكن أن يكون له ترجمة فاعلة من الإرادة المنطوقة بالخطاب إلى الانوجاد وال”تراني” كيف يمكن الفحص عن صحتها تجريبيا. ولهذا السبب أصر صاحب كتاب (زرادشت) على الذين يدخلون عالم الإرادة المتهيبة المتعالية٬ تحطيم صنمية العبيد وجحود السعداء. أي٬ بمعنى أن يتعلموا أولا السعادة بالعمل “الفعل”٬”قيمة هيبة الإرادة المتعالية”؛ كيف يكونون غير مهانيين٬ أي كيف لا يلتزمون بالسنن الكنسية الطيبة المهينة. ووضع قواعد لهذا التصور النيتشوي٬ نحو الأنوجاد: خطاب الأوبرا/الباليه بمثابة التجريبية المركبة التي يجب أن تكون قابلة للتحقيق “الأنتقال من إرادة الأقول إلى إرادة التجربة” لتحقيق جديد “الـ(تراني)”٬ والاعتبار للإرادة خطاب الأوبرا/الباليه بمثابة إرادة  تأكد قابليتها للتأييد تأييدا ملزما تاماـ وهذا التوجه مبدأ التأييد للفن والجمال . وكذلك الأخذ بموضوعات الأوبرا والباليه بما يجب أن تكون قابلة للجهد بالتأييد والتفحص في الخطاب المبين طرحه مع إظهار الملاحظات في مشقة السؤال المتعلقة بالاحوال التي تكون فيها الصفات المستحقة ذكرها كملاحظات. بمعني٬ إن الذي يميز نظرة (نيتشه) الجمالية المتعالية٬ أي الـ”تراني” (أو) الـ”انوجاد” ـ الاوبرالية والباليه ـ من تأوهات رجال الثورات الفكرية٬ هو أنه فهم الأساس الذي تقوم عليه إقامة قيمة الـ”تراني ـ هوية”٬ الـ”انوجاد ـ هوية” الإنسان ـ إرادة مستقلة٬ موحدة الجوهر٬ لتلتحق في خلقها مجموع المكون ـ كينونة جوهر٬ المضاف٬ قيمة سياق تنظيمي جمعي٬ وليس العكس٬ وتأسيس دولة أمة قوة ايديولوجية ( الالمانية) لا على غرار النموذج الفرنسي والإسباني٬ بل تهيب بنفسها متعالية٬ متجاوزة حتى ما يألفه البعض “البسماركية”٬ لا كما بالنظرة إلى (روبسبير) عند فاغنر٬ بحيث نجد أن نظرته البعيدة٬ القوة الفائقة للإرادة٬ هي ما ينبغي تجسدها كأعجابه في تطبيقات ما حققته٬ في تنفيذ خطة الثورة الفرنسية٬ التي كانت مكتوبة بإشارات وتنبيهات في إسهاب في منوها إليها عنه٬ نيتشه.

ونجد الاهتمام نفسه عند (فاغنر) في إطار دفاعه حضور هيبة الايديولوجيا في الاوبرا والباليه٬ عن ضرورة وحدة قوة ارادة الاجتماع البشري٬ إذ يلح على فرض مسحة الخطاب الايديولوجي جمالية قيمة متعالية٬ الإخضاع الموحد٬ والفعل الطوعي٬ والتهيب النافذ المقدس؛ بمعني يعطي بالملموس أنعكاس؛ بالمتنوع الطبيعي٬ والمتحول الأخلاقي٬ والمتعدد المنطقي الجمعي؛ بمعنى٬ أنه لا بد لهم في الاجتماع المقدس من وازع يتنقل باستلامه هيبة القائد الملهم٬ ينسبون له مرجعية الإرادة٬ حاكم يرجعون إليه٬ وحكمه فيهم تارة يكون مستندا إلى شرع فنزل من عند الله يوجب أنقيادهم إليه إيمانهم بالثواب والعقاب عليه الذي جاء به فبلغه٬ وتارة إلى سياسة عقلية يجب القيادة إليها ما يتوقعون من ثواب ذلك الحاكم بعد معرفته بمصالحهم”. مضيفا “وما تسمعه من السياسة المدنية فليس من هذا الباب٬ وإنما معناه عند الحكماء ما يجب أن يكون عليه كل واحد من أهل ذلك المجتمع في نفسه وخلقه٬ حتى يستغنون عن الحكام رأسا٬ ويسمون المجتمع الذي يحصل فيه ذلك باوبرا وباليه المدينة الفاضلة٬ والقوانين المراعاة في ذلك الخطاب المقيد بالسياسة المدنية٬ وليس مرادهم السياسة بالفرد؛ التي يحمل عليها أهل الاجتماع بالمصالح العامة٬ فإن هذه غير تلك٬ وهذه عروض خطاب المدينة الفاضلة٬ تشكل عندهم نادرة أو بعيدة الوقوع٬ وإنما يتكلمون عنها على جهة الفرض والتقدير.

إن الرفض لـ(يوتوبيا) الفلسفة وما ينبغي أن يكون٬ ليدل شديد البيان على أن (فاغنر) كان شديد الأرتباط بالواقع لا ينفك عن التفاعل معه٬ حتى إنه يصعب على الباحث الفصل بين تنظيرات هذا العالم /الموسيقي وما يقترحه كبرنامج سياسي وأجتماعي وثقافي واقتصادي٬ وبين ما يستخلصه ويستنتجه ويتأوله من معيشه ودراساته التاريخية. وهذا بالفعل ما حدا بنا على التريث في الجزم بإبراز موقفه من قضية الايديولوجيا بالفن والايديولوجيا بالسياسي٬ فعندما نستنتج أنه من دعاة دمج الفن الايديولوجي بالسياسي والحكم بالسياقات التنظيمية العليا٬ نجد أنه لا يفعل ذلك من منطلق رصده التجارب الفنية والجمالية والسياسية٬ ولا سيما أنه من الذين يرفضون التنصيص الايديولوجي على الشؤون الجمالية الموسيقية والسياسية. ولما نلمس له فصلا “المركب الشبح” تمييزيا بين إرادة السياسة الدنيوية وإرادة التدبير الايديولوجي٬ نجده يقيم نوعا من خطاب السلطات المتهيبة العليا٬ والمستندة إلى الاوبرا والبالية٬ أو٬ أنوجاد سياقات السيمفونيات (التنظيمية) الايديولوجية٬ مقدما من خلالها “الدعوية العامة المقدسة”٬ معبرا خلالها٬ النصح٬ لمن يملكها معتقدا٬ ويملك إرادة ساكنيها في الـ”تراني” (الجوقة)٬ خطاب سلطة لا يتميز فيها نظام الحكم عن الكيان السياسي. وربما هذا ما حدا بـ(نيتشه) على الاخذ عليه؛ بإن اتجاه (فاغنر) إلى عالم التأويل الموسيقي٬ هو تداخل الإرادة الايديولوجية في تمكن”عالم الأوبرا” صياغة خطاب عن “لحظة شروع علاقة الإرادة العليا ـ بطموح التهيب”٬ كما أن اتجاه (فاغنر) إلى آفاق “عالم اشياء الصيرورة” كان نتيجة إدراكه حقيقة الهوان٬ و جحود آخد بـ”تراخي الأبهة” من قيمة الإنسان. وهنا٬ تصبح (الفاغنرية)٬ منطقا صوريا: لأنا متراخية٬ وصفا قابعا لواقع ريء علينا تجاوزه٬ والفاغنرية علامة برنامج عقلاني من شأنه مساعدتنا على تجاوز الواقع  الفاغنري ـ اللا ـ أنا٬  في سبيل تحقيق الطموح الماضي المتماهي عن اليوم؛ فالمضمون الايديولوجي في الأوبرا البالية٬ لها خطاب متعالي محدد٬ ولكن بالتأكيد ارادة المتهيب فيه ليس المادة المعرفية٬ بل التعالي عليه من خلال مبثوث المتبقىات من فساد التراث٬ مما يدعو بشكل مستمر٬ “المركب الشبح” كدعوة بالمتنوع الطبيعي٬ والمتحول الأخلاقي٬ والمتعدد المنطقي؛ التي تميل بكفاءة عمل الـ”تراني” للفصل بين الايديولوجيا والدولة في الفاغنرية وتجنب تدخل الموسيقى في تأويل الواحد على حساب معطيات قيمة إرادة تهيبه بالآخر. فجوة الأوبرا والبالية:  تنعت عناصر الهيبة والأبهة المتعالية٬ بأنها فلسفية محدد بأنها “إرادة المتجاوزة” القوة المتعالية المهيبة٬ القوة التركيبية التجريبية٬ من إرادة القول إلى التحقيق والفحص٬ إيجاز إليها:

  1. ـ تحرر الحقيقة خارج العقل الإنساني٬ ولهذا فإن الإرادة لموضوع الأوبرا والباليه جوف في الذات. والإرادة نظر وعمل.
  2. ـ تحرر الفرد عن الحقيقة الكلية٬ أي إن الفرد هو تجسيد التحدي لها ـ موضوعات الاوبرا والباليه ـ٬ غير إن (فاغنر؛ يرى العمل الايديولوجي٬ مؤلع يتم في داخل ذاته)٬ يعكس داخل الأوبرا الفرد مهما ينظر للإردادة إلا بمحمل أنه يفكر أو يعمل.
  3. ـ تحرر طبيعة الإرادة وتطور الاخلاق وتحول المنطق؛ بمثابة تعالي على العقل٬ بل يسلك سلوكا لا يأخذ بمراصفته٬ بل إن الدورات المتواليه؛ دورات لا وعود فيها٬ بل تنفيد وتحقيق الدورة على نحو يذهب للتغير والتحرر٬ فالمقبل له أنتقال من اقوال خطاب ررادة الاوبرا /الباليه إلى مخاطبة إرادة الفرد للفعل٬ لتعظيم تعالي الإرادة للفرد٬ بالتحقق والفحص ـ من إرادة الانوجاد إلى إرادة الـ”تراني”ـ ثم ارادة الـ”التراني” إلى  إرادة “الانوجاد”٬ بيد أنه يتجدد في كل مرحلة. والإمكان ٬ هنا٬ لا بفكرة التصور الارسطي٬ والصورة. بل هوالمكابدة والمشقة نحو كل دورة متوالية بالنسبة لكل “دورة إرادة” لإستكمال واغناء التهيب المتعالي دورته.
  4. ـ الوحدة التركيبية والتمييزالتجريبي يؤطران الإرادة ضمن عمل “الأوبرا /الباليه”٬ أي وحدة الفرد وتعاليه٬ وفرة الهيبة لها تمييز قيمة متعالية٬ بمعنى “فلا” سمات وحدة للفرد المتعالي “بلا” سمات تمييز تجريبي للتهيب٬ ولا تمييز للاوبرا والباليه بقيمة متعالية بلا وحدة تركيبة الفرد (القول والفعل). فوحدة السلطة المتعالية تتنوع بالصيرورة تفهم موسيقي مهيب متعالي٬ يجدد الفرد ـ القيادة ـ طبيعة الأفكار٬ وتنوع المنطق وتحول الاخلاق٬ التي لا تفهم النص في الخطاب إلا بوتها في السلطة.

2-1 : الموسيقى والدولة: الإشكالية المتشاطرة

والتمييز المتعالي في نشاط الموسيقى والدولة؛ بعضه يتخذ من صيرورة الشعر وتطوره/خطاب/ متعالي قيمة التركيب مع قيمة التجريب والنتائج الفاحصة. فالاول؛ يأخذ من الصيرورة للشعر أو الفلسفة لها دور المتابعة في “دورته” إلى الخطاب٬ إلى سلطة المنطق العملي. والثاني؛ التمييز التجريبي٬ الوظيفي٬ أبهة العمل٬ تقسيم الطاقة ـ اقتصادياته٬ اخلاقيات الطاقة في التقسيم والتحولات٬ والتنوع المنطقي٬ لاجل أن تنجو الاوبرا والبالية من الميتافيزيقيا٬ والفن الفاسد٬ والجمال الرث للعبيد ـ الديني٬ دون العناية بالمصالح القادمة بالايديولوجيا٬ لذا تتجه العناية بالاوبرا والباليه العناية بالفرد ومصالح تحقيق مهابته في أنشطة ميادينه٬ وفي الاخلاق إلى لعناية إلى سعادته٬ وتكون الدولة تحقق عملها ضمن أوركسترا إلى خير الناس جميعا.

والإشكالية  للعلاقة أشد تعقيدا عند (نيتشه) بأنه لا يرى الإرادة والواقع ـ الموسيقى والدولة ـ كما هي عند (فاغنر). إلا أنهما يلحقان بظلالهما بعض على بعض٬ من تاريخ الموسيقى والدولة٬ تترافقان لا سعيا وراء صورة من العاطفة٬ ولا أيضا عاطفة خاوية٬ بل هي شكل من أبهة نغمات وتوافقات لها ألوان وخطوط تعبيرية؛أي أنها شكل من أشكال إرادة الاشياء ولا شيء غير الإرادة، وتقوم الإرادة لموسيقية والدولة ضمن حلقة القوة٬ المكانة الفاعلة المتهيبة٬ كفعل فردي ـ نيتشه/ايديولوجي مؤله ـ فاغنر٬ عبر:

  1. ـ تحدي الاستسلام لثوابت الطبيعة؛ الاعتراض على منزلة المؤلهات كل واقع لدولة…٬
  2. ـ تفسير السلطة للدولة بعد التمييز التجريبي٬ وعلى ارتكاز الخطاب للإيضاح والتحقق والتفسير على متوالية تطورية ديالكتيكية٬ بمعنى العملية الموسيقية لها ذاتها مبدؤها إرادة الفرد وتقييم اداؤها الايديولوجي في الفهم.
  3. ـ رفض السعادة الرخوة من كل علو تاريخي٬ بمعنى الفلسفة والعلم أن تلتحق بالمعارف الجديدة المتحققة٬ القيمة المتعالية٬ الفحوصات المتحققة بمتهيباتها بـ”الانوجاد” و الـ”تراني”٬ توكد محايثتها بمكون كينونة تماثلها بالكون٬ اساليب الدولة والتاريخ موسيقيا٬ وبعبارة أخرى: توكيد “هوية إرادة الفرد”/الايديولوجيا المؤلهة بين سلطة الموسيقي والدولة٬ سلطة الفعل الاوركسترالي.
  4. ـ رد التحديات إلى الإرادة الحالية٬ لا مرجعية أو ردها إلى ؛ تاريخية في الخطاب٬ واقع الموسيقى ونموها إلى لحظة منهجية الفعل وتحقق نتائج قيمها المضافة٬ لتشخيص الإشكالية المزمنة بين تبادل أبهة الأحكام ونزول هيبة الإرادة الحرة.

2-2: الإشكالية المزمنة بين تبادل أبهة الأحكام و نزول هيبة الإرادة الحرة

والفهم للأوبرا والباليه عند كل منهما٬ تطور٬ والتطور تغلب عليه إشكالية مزمنة بين تبادل أبهة الأحكام ونزول هيبة الإرادة الحرة٬ بحيث أصبح التغلب والمنافسة مستمر على الذات وتجاوز لها٬ وهو الوقت نفسه استمرار دورة صراع٬ وصدام٬ وتجاوز٬ والمحافظة المتوالية الدؤوبة في تبادل أولوية المتهيبات للأحكام. والإرادة تقدم٬ وكل لحظة من لحظات الدورة متوالية٬ لها قيمة متعالية٬ ودافعة إيجابيا نحو فوق وقائع الأنوجاد قيمة الـ”تراني” بالملموسات الحياتية٬ والتغلب الحسي المستمر في داخل الفرد. من داخله تتدفق وتتسلسل خطواتها القوى وقائع التحقق والنتائج كما تندرج تحتها الوقائع الإنسانية٬ حياة الإرادة؛ صيرورة الأحكام والإرادة الحرة٬ وتحديات الواقع. لان التحدي له مرسوم بين الطبيعة الكلية والفرد٬ في إرادة تتماسك التربص لكل منهما في داخل الإنسان المهيب٬ تحدي العلاقة؛ بين٬ تعالي الأحكام وأبهتها٬ ونزول هيبة الإرادة الحرة٬ اللذان يشكلان بناءا تجريبيا وتجريديا في آليه المتواليات المبثوثة: كلياتها؛ النموذج المتطور في حياة تحريك المتوالية؛ وتأثير خطاب الاوبرا والباليه٬ نظرية وعمل وتاريخ ابداع في الحفاظ على تهيب وحدة الحكم العملي.

2-3: الحفاظ على تهيب وحدة الحكم العملي؛

وقد يتعلق التحول والتغير والحفاظ على علي تهيب وحدة الحكم العملي من خلال الآخذ بخطاب ومنهاج العمل في تحدي؛ طبيعة٬ وأخلاق٬ ومنطق وجمال٬ وتجارب الحق في (الأوبرا والباليه). وآخذت الاهمية في وحدة الحكم على تكوين بث مكتسبات قوة الإرادة من خلاف الاجناس المختلفة في تحديات الطبيعة٬ والتغيير الاخلاقي٬ والتنوع المنطقي التي تقوم بها سمات “قوة جمال الإرادة”؛ بفلسفة الفن وعلم الجمال واللغة ايما اهتمام، ويمكن وضع مشقة سؤال الحفاظ على تهيب الحكم العملي٬ يمكن وضعها ضمن الفكرة المدهشة المتعالية وخصائصها٬ في:

  1. اعتماد تهيب الفعل في مضمون معين؛ محددة في جوهرها؛ عن صنعة وفن الأوبرا والباليه٬ ولا يمكن أن يشكل هذا التهيب في مضمون الخطاب٬ ولا في إطار محدد إلا بتجسيد قوة الإرادة لتحقيق سعادة الذات متعالية. مما يجعل الحفاظ على قيمة متحققة بالجمال في الأثر الفني٬ هذا لا يعني القيام تضحية بالاخلاق أو المنطق٬ بل الحفاظ على سلطة الحكم؛ بخطاب المتعة المتعالية التي تستقطب بالمتلقي٬ وما يجلب طلك من جهد مشقة السؤال ودفعه نحو تحرر الفرد/الجماهير. كذلك الانوجاد الجمالي والأثر الـ”تراني” السعادة ـ أو التماثل الأكمل والأغني والانسجام ـ ٬ ما يشكل قيمة إضافة متهيبة بمضمون ـ التفسير والإيضاح والتأويل لعالم المعرفة في سلطة الحكم أو ذاك٬مما يقوم الحفاظ على ظاهرة مضمون الخطاب في تجاذب بتابع الشكل إليه معا.
  2. هذه الرابطة (الاوبرا والباليه) تقوم السياق التنظيمي في الهيبة والسيادة معا٬ الثورة والقوة٬ عبر حلقات متوالية. بمعنى٬ تقديم تفسير متقدم نحو القيمة للـ”تراني” وتاثره على ساحة الأنوجاد لجمال الحاكمية بمثابة حفاظ التهيب الحيوي. والصيرورة الحيوية٬ القلق الحيوي؛ ضمن الوحدة العضوية؛ وحدة الحكم العملي.
  3. كذلك الحفظ الحيوي لوحدة الحكم يوحد بين سلطة التهيب وبين التعبير عنه٬ فلا توجد صورة جمالية قوة الإرادة بدون تنوع الخطاب ولا لمحات حركة المنطق وقيمة مراحل تعاليها٬ كما لا يمكن تحقيق الانوجاد والتراني؛ الا بتحقق صورة الموسيقى والدولة؛ السلطة والحكم؛ من علاقة عبر صلة مضمون خطاب عالم الموسيقى للحياة والواقع٬ من الاوبرا والباليه بدون توافقات ونغمات.
  4. تهيب وحدة الحكم لا يستغني عن صناعة وموهبة فن الخطاب للهيبة المتعالية٬ أي أن مشقة سؤال الاوبرا والباليه من خلال التعليق النقدي علي وحدة الحكم٬ صعوبات تجريبية ـ فيزيائية٬ لا بد من جعلها فاعلة٬ يتغلب عليها وهو ـ قوة الانوجاد ـ والتحقيق بـ التراني في التعبير في إظهار التهيب في عملها الفني.
  5. تهيب وحدة الحكم يتوقف على الفعل والسعادة المتعالية أو الاخلاق الفردية/الايديولوجية أو الجمالية والتنوع المنطقي أو الازدهار الموسيقي٬ ولا يمكن أن يتحقق هطا التهيب للحكم دون استقلال الفرد بذاته٬ وإلا لم يكن مد انعكاس تنوع ألوانها في خطاب الاوبرا والباليه فنا متعاليا مهيبا.
  6. تهيب وحدة الحكم٬ يمنح سعادة متعالية في الفن المتعالي٬ أي احياء لغة الاوبرا والبالية بكل قوتها وصرامتها٬ أي الإرادة لكل فرد/الجنس البشري٬ حامل علم الجمال بوصفه الخزين الحيوي للتعبير..٬ ولهذا يمكن أن يوجد الخطاب الاوبرالي/الباليه٬ دون تهيب تلقي وحدة الحكم٬ وإلا لا يمكن الحفاظ على هذه الوحدة دون أن يكون لها واجبا في الحضارة ليشكل الانوجاد نحو التحرر في التراني٬ للحاق بالمعنى للسعادة.

في السايق ذاته٬ وباللغة نفسها٬ نجد أن (نيتشه) متردد في موقفه من دور الايديولوجيا في الدولة٬ نقرأ له في “زرادشت/ تهافت الاصنام/الجينيولوجيا..” نجده حاسما وصريحا في دعوته إلى تنكر “زرادشت” مثلا إلى كل ما له علاقة بالايديولوجيا٬ لأن ذلك من شأنه أن يصيب الإشارة والتنبيه بالوهن والانحطاط٬ لكن هذا الدور السلبي الذي يؤديه الايديولوجيا عندما تختلط بالمؤلهات٬ لن نجد له أثرا لما نواصل قراءة المتن النيتشوي الذي أعقب “زرادشت”. فـ(فاغنر) يتبع ما ينبغي عليه أن يراعي الشؤون الايديولوجية٬ وعلى القوانين “مؤلهات” أن تتلبس بما هو ايديولوجي إن هي أرادت النفاذ داخل المجتمع٬ فنيتشه٬ والقول قبل النهاية ننهي إليه؛ كان يعرف انعدام تفسير الإرادة من خلال العمل٬ ودون ذلك: ما هو إلا جحود رأي منغمس لأقول واهمة بحقيقة عن فسادها فكرة خاطئة٬ رغم استعارة جمالها جيدا٬ وعلى الأخص فساد مؤسساتها الايديولوجية؛ التي ينبذها على “تهافت الاصنام” افول الفلاسفة. ولكن هذه المفاسدة الذي رآه في دور المؤسسات الايديولوجية قد تلبس في الشؤون للحياة بشكل مقصود و واعي٬ تحافظ على التفسيرية الثقافية٬ أي في المظاهر لخطاب الاوبرا والباليه؛ التي لا تتوافق قواعدها مع تعاليم مشقة سؤال الاوبرا والباليه.  فبالنسبة إليه “الإرادة الفرد ـ الذي ـ هو تحقيق الذات بالتحرر” و تعالي ” الانوجاد ـ الذي ـ يظهر التراني”. وعن ذلك ما يؤدي التبصر إلى كل من حكم (نيتشه وفاغنر) وهما ينظران إلى الاوبرا والباليه؛ يظلان منفصلين. أما في تغيير الاخلاق لمشقة السؤال وتطوره فإنه ينتقد ما ذهب إليه (فاغنر) وإن ليس بالمعنى السقراطي٬ الفعل هنا لـ”الاثنين ـ في ـ واحد” الخاص بالاوبرا والباليه٬ لا يحتاج إلى الضمير والشعور٬ وإنما بمعنى أن “الإرادة العليا ـ الذي ـ هو ـ التهيب للفرد/الحكم والسلطة المتعالية”٬ ولا يمكن أن يظهر بكينونته الحقيقية إلا أمام القوة الحازمة؛ فإذا حاول أن يظهر أمام الاشياء؛ طبيعة٬ وأخلاق٬ ومنطق في المجال الخاص بمظاهر خطاب فن وطبيعة صنعة الاوبرا وآلبالية٬ فإنه يكون على اتم كينونته أصلا٬ فإذا ظهر في المشهد الذي هو العالم ـ الانوجاد٬ يظهر تعاليه ـ التراني٬ بزي الفضيلة فما هو بمنافق لا هو يفسد العالم٬ لأن استقامته تظل آمنة أمام العين الاخلاقية المتغيرة نحو الخير والسعادة بأسم الحكم المتهيب٬ الكلي في أنوجتد مكونه نحو تحديات واجب إليها الوجود٬ في حين أن الفضائل جمالية٬ وميلها التي يعرضها تحتفظ بمعناها المحدث الكامل٬ لا في الأختباء مقومات خطابها٬ إنما فقط في كونها عرضت علنا ما ورد ذكره خالدة في الفن واللغة والاخلاق ضمن الاوبرا والباليه القاهرة. وبصرف النظر عن الكيفية التي يحكم بها بالسلطة والنص عليها٬ فإن فضائلها متخيبة تحسن العالم إرادة٬ في حين أن تظل رذائل متخفية بالمكامن في العبيد ٬ والحق٬ هو سيكشف طبيعة الإرادة بالسيادة؛ كيف يخفيها “اعوان” العبيد٬ لا بسبب شعوره بأنها ليست صالحة٬ بل ترجع لاسباب انسابها٬ لكي ترى استسلامها الناقمين على المتفرد بالشجاعة والتهيب..

استنتاجا٬ أمكن القول إن (نيتشه) و (فاغنر) وعلى الرغم من تعارض انتزاعهما٬ لبقاء تحدياتهما٬ لأنهما قررا رفض الدائم للرضوخ٬ والمطالبة بالتعالي دون الزوال على تسلق الجبال أو نحى نحو البحر والزورق شبح بالغرق٬ وفصل الوجود عن الفرد وقيمة التهيب سنن الإرادة٬ واستعمال الحقائق الانوجاد بالتراني للتهيب وحفظ الحقائق بتويق الحرية٬ لتصنيف المجد٬ وتحليل أفعال الإنسان شأنا٬ فيكون الكل فيه سؤال٬ مشقة لتحقيق الانوجاد. فإنهما  فتحا أسسا صعوبة بث الثورة والتحرر٬ تهيبا حكميا عالما لإرادة الإنسان لطاقته٬ حين أنكرا المشقة في السؤال إلا هو الحقيقة في الانفتاح نحو التحرر٬ لكن هذه المملكة قد أنتقت منهما بانتهاز الفهم تمام الأفتهام عن جوهر خطاب الابداع للأوبرا والباليه منالا٬ وأعز عليهما اشراف تاليها٬ لأنها هي أيضا جزاء المشقات الكثيرة التي إن نزلت لا تنفر نفوذها٬ بهما٬ يقودان نتائج الفضل بتحقيق الفتوحات والتحرر للإرادة على عولمها٬ ورسمت الموسيقى والاوبرا والباليه معالم حياتهما المعذبة تشرح قوتهما وسلطة واخلاصهم لإرادتهم القيمة نحو الحرية المتعالية٬ عروة موثقة بالتحقيق والفحص٬ بكل نجاح حكم سلطة مفطورة على التحرر حرة مستقلة.

إلى الحلقة القادمة:

ـ الحلقة الثالثة:الأوبرا والبالية؛ مشقة عظمة سؤال اصالة تقدم مكانة إرادة التهيب؛

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ملخص لكتاب سيصدر بعد أن تم التوقيع العقد الآولي مع (دار غوليمار) الفرنسية للنشر والتوزيع بعد استكمال ترجمة نسختيه الفرنسية من الالمانية معا عند الاصدار. التي قامت بتصميم لوحة زيتية الغلاف إشبيليا مع لوحات داخلية بريشة أكد الجبوري. يحتوي على 480 صفحة قياس ( )

مقالات ذات علاقة

قصة الليالي البيضاء لدوتسوفسكي

المشرف العام

أصوات من إفريقيا … كتاب يجمع المبدعين الأفارقة

مهند سليمان

رواية عاشق الكتب في حُلتها العربية

مهند سليمان

اترك تعليق