وبمعنى٬ تستقرأ التحليلات أن ملكات النقد٬ تحاط بفلك الأفهومة٬ بؤر تفكير٬ توظف ذاتها بأفعال تلقائية٬ تتجدد وتتماسك في الوعي الذاتي العام. ويتمثل اقتدارها على تماسك وترابط توحيد تأليف (موشور معرفي) المتنوع المانح. وتعمل٬ كأفهومة حاكمة٬ بتسييل المتنوع المانح٬ عطاءه٬ ضمن الأفاهيم الخالصة٬ وتسييره بموجب قواعد قبلية٬ ويتوسط السمة٬ يتحاشر المخيلة نبضها٬ فتمكن الممارسة كنجربة مقبولة. حيث تحصن اقتدار المعرفة القبلية ضمن إطار هذه التجربة ممكنة.
وإن ما يتضح هنا يسقط فرضا٬ أي٬ كونه حزمة اعتقادات ضرورية٬ إذا استطعنا أن نسلم باقتدار الاحكام بالموشور المعرفي (التأليفية) القبلية٬ بمعنى نسلم بأنساق علمي الرياضيات والطبيعة٬ إن شئنا٬ ونمكن هذه الاستطاعة مفهوما٬ وسعيها اقتدارا متعينا.
إلا أن منهج الباحث النقدي٬ سعيه البحث الدائم٬ مرافقا فعل منهج الديالكتطيقيا٬ في النظر إلى “مشروع” ناقديته من حيث وظيفته النقدية المعرفية. إن منهج الباحث للديالكتطيقيا من حيث اقتداره على الاستدلال٬ قدرة التعقل؛ وقابلية وصفه مزاعم التجربة وعناصرها٬ وجعلها مزاعم ضرورة هذا الإمكان مفهوما ومتعينا موضوعيا. فيشخص أن موضوعه النقدي من تلك الملهمات؛ معرفة الأفهومة(ات) لا الموضوعات ذاتها٬ ويستخلص بالتالي٬ أستكشافه “الموشور المعرفي” في توحيد حزمة الافكار جملة٬ بناء على هذا المنال٬ وفي ذات الوقت يبين ما هو سبب المغلوطات و الترائيات. ويتطلب ذلك سعي بحث الناقد إمكانه٬ ويستدعي اقتداره المعرفي بموضوع أفكاره٬ بمعرفة فرزه ملاحظات منهج الديالكتطيقيا٬ قبل منح هذه الملاحظات أفكارا٬ أي٬ تطويق التعريف النقدي التبياني حدوده٬ عن إمكان استعمالها التجريبي في المعرفة النقدية النظرية.
وعليه٬ يتوسع الباحث في موضوعه٬ ويتطور البحث في الديالكتطيقيا٬ مستعرضا خوض لبوسات المغالطات القبلية في أوحالها٬ وتلبس الترائي ناقديها. كاشفا نقيضات نقودها٬ قابضا عليها دالا على أشحوبات وحل حزرها وقدرتها. وإذا ما بدأ أن البحث هنا قد استكمل وانفرد عن المشكلة٬ استقل٬ ليصبح نقدا للقبلية المتخيلة٬ فإن البحث ما دل خاصيته٬ وما زال محافـظا٬ في الحقيقة٬ فهو يحافظ على نبت نبض جذره الأولي. وعرض أغاليط ملهمات النقد لدى الناقد٬ التي هي دون أدنى شك٬ اغليط قبلية في التحليل والتمحيص٬ ما يجعل٬ بدفع أغاليط كل التصورات لدى المذاهب النقدية القادمة ممكنة٬ وبالتالي الملهمات النقدية٬ حسب قبلياتها٬ تظهر بطلان استعمال ادوات الناقد فيها إمكان المعرفة أو نجاح استعمالها قبليا في توحيد بين ملهمات المعرفة والموضوع ملهمات نقدية. بمعنى٬ توحيد المعارف القبلية لها تحتاة شرح ضرورة العلاقة القبلية٬ والصلة في سوغها الأفاهيم بموضوعات تعد قابلة للاستعمال ومعنية الإمكان والأقتدار. هذا الاستعمال اللفظي٬ استعمال غير مشروع٬ أو وصفه يتوحد معينيا في السعي٬ كملهمات معرفة نظرية نقدية ذات صلة بالموضوعات. وحين الإشارة بالمعنى٬ أصله مرتبط بشروحات معرفية قبلية٬ يخوض الناقد بمخففات معرفية٬ يستبعد عبرها المقصود المتعالي٬ لكن لا يقطع استمراره ايضا٬ من استعمال الاستعارة المفارقة٬ بإزاء ما يقدم عليه. يمكن وصف ما يرتأيه بـ”المضارب”٬ لحين توصله إلى توحيد معانيه المختلفة في إمكان القبض على المعرفة الحقة٬ أو٬ ما كان استعمال اغراضها قبليا.
وعليه البحث والتطوير٬ يتوسع في الديالكتطيقيا٬ لكشف قواعد هذا الأستعمال٬ وإظهار عجز تشخيص الباحث لوحدة افكارة٬ وبطلان استعمال ادوات واساليب مهاراته في تبيين إن هذه القواعد وخطواتها٬ يستكشفها البحث في التجانس والتنوع وممارسة الاتصال٬ وهي مبحث “كمي” لا “نوعي فقط”٬ محايث طبيعته في استعمال يفيد كيف يجب أن يختبر بحثه عن طبيعة اصل الموضوعات٬ وقراءة خاصة لأسلوب ترابطها وامتزاجها في التجربة العامة كـ”موشور معرفي”٬ لا كيف يتكون الموضوع ولا مما تتشكل وتتعدد أنساقه٬ أومكوناته.
وتمنح الموضوعية٬ معطى هذا الاستعمال٬ بإشغاله “خصال” رابطة تلون وتنوع الفكرة٬ افلاكها بما هي “فكرة مدهشة”٬ تأطيرا٬ جامعا أقصى طرفيها٬ حدود موضعة المعرفة الفاحصة الفاهمة. فتكون إضاءة ملهمات المعرفة النقدية لدى الناقد٬ بمثابة قبضة دالة٬ وسيلة من وسائل الإمكان والأقتدار في الرابط المعرفي واقاصي الموضوعات التي تمهد لمعرفة الفاهمية النقدية.
وآخيرا٬ الديالكتطيقيا في تعلم ملاقط النقد في ملهماته يبدو قد انجز الباحث رسالته بتعيين شروط الاقتدار وأطره وقواعده٬ حدود ومبادئ الأنتظام٬ لكن هطا الأنتظام نفسه لم يتمم٬ فيستمر الباحث إذن من خلال منهج الديالكتطيقيا٬ يطور تعليم واستدامة منهجه نحو الاقتدار٬ ملتقطا دوافع محفزاته في أسكتمال مهمته في تطور الأفهوم والتعيين٬ وليس في الترائي والاستجمام والتغني في المعرفة النظرية. بل تحيلنا إلى المختبرات٬ لمعرفي تلك الفيوض٬ وضبط حدودها نحو دقة عمل الملهمات٬ في حرص الاقتدار ونقده٬ دون ارتياب٬ بكل ثقة كاملة٬ واحكام قواعد العمل الديالكتطيقي٬ ناظرين إلى طبيعة الفروض المتوخاة٬ والميل إلذي ينتج في استعماله لإنتاج القيم الفائضة٬ والتراكيب في استعمالاتها كـ(قوانين)٬ يحسب لها الصلة بموضوعات تصور الملهمات ومعلولاتها النقدية بالمعنى٬ في تجددها والاستدامتها. انتهى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- إشارة: هذه الورقة العلمية٬ ألقيت في الندوة و الورشة التدريبية المشتركة ٬ تحت عنوان (أخلقة الابتكار في فلسفة تصميم وتشغيل الابداع)٬ بمشاركة كل من البروفيسور (شعوب٬ ابوذر٬ الغزالي٬ إشبيليا٬ د. اكد الجبوري)٬ في مقر مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية٬ شركة (BMW)٬ فرانكفورت٬ التي عقدت يوم الاثنين الماضي 13.08.18 ٬ استمرت لمدة أربعة ايام.