ديستوبيا هي خطة لحفر قبر ديناصور بملعقة شاي.
ببلومانيا منحتني ما افتقدته في بلدي.
اقرأ للموتى و لكل الذين لن يولدوا.
ثمة من يجعلك تقفز داخل نصه بلا سترة رصاص أو خارطة.
أخبر نصي بأن يأتي باكرا !
حاورته: حنان علي كابو
الكتابة عن الكاتب أنيس البرعصي القادم من أزقة “الحميضة”، كالتجول في حقل مليء بالألغام، وكقبعة الساحر الممتلئة بأحجية لاحدود لها.
عرف أسمه عبر صفحات التواصل الإجتماعي، يجيد كتابة الأجناس الأدبية، وينتقل عبرها بخفة، يمتلك أدواته جيدا، ويحفر بإزميل قلمه في أخدود الكلمة، يحفر عميقا بشراسة، بدهشة، ويتوغل بخوف مشوب، بالقلق مشوب تجاه أي حرف يصدر منه، وبحنكة عالية، ببراعة تجد نفسك كقارئ تهرع في دروب نصه المكتظ المشتعل حد أخر رمق من النار.
يخوض حربا شرسة مع شياطنه، الشعر جنازته المؤجلة والذي قال عنه ” وإن كتبت ديوان ربما سينتهي بعد القيامة “
كل يوم استيقظ صباحا
لأراقص الموتى
وأنعي ذويهم
وأصرف للبحر جثتين
ليهدأ
أما عن الشعر فيراه “جثث متعفنة خضعت لعمليات التجميل “
بعد أن نالت “ديستوبيا” التراتيب المتقدمة في مسابقة (ببلومانيا).. الكاتب أنيس البرعصي لن يتمكن من حضور حفل التكريم لعدم امتلاكه جواز سفر.
حول البدايات الأولى، وديستوبيا الرواية، والنص الشعري، وعوالمه الخفية كان هذا البراح….
أستهليت حواري معه عن ديستوببا أول تجربة روائية في عالم الأدب، تنال التراتيب المتقدمة؟
قال “الأمر اشبه أن تخرج بنزهة صباحية على متن دراجتك الهوائية فتجد امامك لافتة تقول ” المريخ يرحب بكم” –
وحول ماهية الكتابة يقول:
أكتب لأني لا أملك نيزكا في ثلاجتي أو دبابة في الجراج لم اقابل في حياتي القصيرة ما يدفعني للكتابة عن شيء مخالف، ليس في سماء مدينتي رائحة منطاد ملون، ولا في بيوتنا مداخن ليهبط منها بابانويل
ديستوبيا الواقع المرير في مجتمع تغيرت كل معالمه بحرب؟ ماذا تقول عنها:
الحرب بذاتها لم تفعل بي شيئا.. فمنذ ولادتها طوقتها في فناء منزلي، لكن صدى نباحها يوقظ الموتى في ذاكرتي كل ليلة ” – تأثرت بكل من لم يحالفهم الحظ بالتعرف على جثثهم في المشرحة، و بكل من دفنوا بلا جنائز بملابس نومهم و لم يناموا على تهويدة في طفولتهمأطلقت ديستوبيا منذ فترة كما يطلق جندي محاصر نداءه الأخير.. قد لا يصل الإسناد في الوقت المناسب، لكنني فعلت ما يجب علي وهذا كاف ديستوبيا هي خطة لحفر قبر ديناصور بملعقة شاي.
وحول توقيع عقد نشر روايته مع ببلومانيا لمدة خمس سنوات، ماذا نقرأ من وراءه؟ يجيبني قائلا:
ببلومانيا منحتني ما افتقدته في بلدي، و هو الشيء الذي قد يموت من أجله الرجل هنا بعدة أشكال و لا يناله
تنتقل من الشعر إلى القصة إلى الرواية في لحظة أو برهة أو مدعاة حالة، كيف أمكنك ذلك؟
اصناف الكتابة تختلف كالكهوف.. لكنها تؤدي غرضا واحدا.. والمكوث في كهف واحد لفترة طويلة يعني أن الصياد سيصبح فريسة.
لمن تقرأ؟ وهل تقرأ بنهم، أم تتابع أم تفكر أم تنصت لسطوة النص؟
اقرأ للموتى ولكل الذين لن يولدوا الكتب التي قرأتها في حياتي يمكن عدها على يد طفلة دون استخدام الة حاسبة ليس لأنه ليس ما من كاتب جيد دائما.. لكن ثمة من يجعلك تقفز داخل نصه بلا سترة رصاص أو خارطة.. وهذا ما يستهويني
وأنا أتصفح حسابك قرأت لك نصوصا، هل سيفاجئنا أنيس بديوان شعري؟
لم أفكر بالأمر قبل الآن، لكن إن تركت ديستوبيا شيئا مني ليؤكل.. فربما قد امنح نفسي التجربة.. لكن بعد مدة طويلة.. طويلة جدا عندما تكون بندقيتي في حالة صيانة.
نصوصك لا تخلو من صور بليغة في الرعب، من أين أتيت بكل هذا الجحيم؟
الجحيم هو أن تعيش في عالم تشيع فيه التوابيت الفارغة فيما تخجل من حمل باقة ورد في حفلة تخرجك.
هل حدث وأن شعرت بالرعب وأنت تكتب تفاصيل رواية أو قصة ما؟
لم أشعر بالرعب إطلاقا.. لكن انتابني شيء من القلق ذات ليلة حينما شعرت بأني تعلقت بشخصية داخل نصوصي فخرجت كمواطن صالح برفقة ظلي لنضع خطة مناسبة لقتلها.. لكنها هربت برفقتي.. وتركت ظلي وحيدا!
هل تعقد صداقات وصفقات مع ابطالك؟
أحيانا أعجب بهم لدرجة أني اتبادل معهم السجائر والنكات وارقام الهواتف، ثم ادعوهم لوجبة عشاء كعربون صداقة وهناك يموتون في حوادث مؤسفة لا يد لي فيها
لديك مشكلة في اقتناء العناوين، من وضع ديستوبيا، من أين أتيت بهذا الاسم؟
كان لها اسم اخر مشتق، لكن بعد اتمامها فضلت الاختصار ولم أجد انسب من هذه الكلمة التي تختزل كل الحالات التي نمر بها، رغم أن احداثها تحمل أكثر من اسم.
تدرس في السنة الأخيرة بكلية التربية، هل كان اختيارك أم؟
ما وجدته في هذه الكلية كان هوايتي الذي تغلبت على طموحي، كان اختياري نعم
كيف تتعامل مع سطوة النص في غير أوقاته؟
أخبره بأن يأتي غدا.. باكرا.