حوارات

انتصار بوراوي: الأعمال الأدبية الجديدة تعاني الإهمال وغياب النقد

أجرت اللقاء سميرة البوزيدي

الكاتبة انتصار بوراوي
الكاتبة انتصار بوراوي

انتصار بوراوي كاتبة وقارئة شغوفة كتبت القصة والدراسات الادبية ومهتمة بكل ما ينشر في المشهد الثقافي العربي والليبي، نشطة على المستوى الصحفي وعلى مستوى النشر في مواقع التواصل الاجتماعي ولقد كان لنا معها هدا اللقاء

-كيف كانت البدايات؟

البدايات كانت منذ سنوات الدراسة الجامعية، عندما أنجزت مع مجموعة من الزميلات والزملاء مشروع التخرج من قسم الإعلام والصحافة وكانت” صحيفة شعاع” التي نشرت فيها بالإضافة إلى عملي الصحفي، أول مقال لي ثم بعد تخرجي عملت بمجلة “لا ” التي نشرت فيها بعض المقالات، بالإضافة إلى التحقيقات الصحافية ومنها انطلقت لنشر المقالات الأدبية والاجتماعية والقصص القصيرة في الملفات الثقافية بالصحف التي كانت تصدر في ذلك الوقت بأواسط التسعينيات.

حدثينا عن تجربتك بالصحافة ومع رئاسة تحرير مجلة المرأة؟

بعد عملي القصير فى مجلة “لا” لم اجد مكان لي في ذلك الوقت للعمل بالصحافة نتيجة التضييق الإعلامي وعدم السماح للدماء الشابة للعمل بمجال تخصصها الدراسي  بالصحافة التي كانت مؤدلجة ،وأنا أتحدث هنا عن أواسط تسعينيات القرن الماضي فتوجهت للعمل بدار الكتب الوطنية ،التي منحتني فرصة للقراءة والكتابة وفى نفس الوقت كنت أبعث مقالاتي وقصصي للنشر في الملفات الثقافية  ،ولكن بعد ثورة فبراير استيقظ حلمي القديم للعمل بالصحافة في جو كان مفعم  في البداية  بحرية الرأي فعملت كمتعاونة صحافية مع الصحف التي صدرت بعد الثورة ونشرت مقالاتي الثقافية والاجتماعية التي تخص المرأة في كثير منها ثم أصبحت عضو تحرير بصحيفة الأحوال التي كانت تصدر في بنغازي ثم بمجلة “الثقافة” التي كانت تصدر من وزارة الثقافة، ثم أَوكَلَت لي مهمة رئاسة تحرير مجلة المرأة التي حققت من خلالها حلمي باستئناف صدور مجلة خديجة الجهمي ،وأنجزت مع فريق من الصحافيات أعداد شهد لها الكثيرين بالتميز ،والاختلاف بالطرح في المواضيع التي ناقشت قضايا المرأة المسكوت عنها ،ولكن للأسف كعادة كل المشاريع الصحافية والثقافية في بلادنا ،توقفت المجلة نتيجة الحرب وانقسام المؤسسات بين الشرق والغرب ،ودفن حلم خديجة الجهمي  للمرة ثانية بعد موتها كما دفن في حياتها  وتم طمس اسم مجلة “المرأة ” رائدة مجلات المرأة في ليبيا و مشروعها التنويري ولكن  بقيت  تجربة رئاسة تحرير مجلة المرأة بالنسبة لي هي  أجمل تجربة صحافية حققت، فيها حلمي الصحفي ولو لوقت قصير .

-أي المجالات تجدين فيها نفسك الكتابة الابداعية ام النقد والدراسات الأدبية؟

الحقيقة أنا أحب كلاهما ، فبالنسبة للقصة القصيرة، فأنى كثيرا ما استلهمها من الأحداث  والشخصيات حولي وهى حالة إبداعية مختلفة عن كتابة، المقال النقدي أو الأدبي الذى يحتاج لدراسة وتمعن عقلي النقدي ،الذى  يعمل على  الكتابة عن الكتب التي تستفز فيه مكامن الجمال أو الأسئلة  المختلفة ، وأغلب ما أقوم به من كتابات عن الرواية والشعر وغيرهن من مجالات الأدب والفكر ،هو محاولة  متواضعة منى للإشارة لقارئ مجهول بأن ثمة جمال هنا عليك الاطلاع عليه، وكما تعرفين النقد في بلادنا شحيح وهناك إصدارات شعرية وروائية وقصصية  وفى أدب المذكرات والسيرة لا يعرف عنها القارئ شيء، نتيجة عدم الكتابة عنها و إظهار جمالياتها لهذا أرى من واجبى كقارئة متذوقة للجمال الإبداعي بكافة أجناسه ، وككاتبة مهتمة  بالكتابة الإبداعية أن أكتب وأنشر مقالات  تلامس تخوم الأعمال الإبداعية  المهمة  وتستنطق جمالياتها وتنقد مكامن الضعف فيها أحيانا.

-كيف ترين المشهد الأدبي الليبي من زاوية القارئة والناقدة؟

المشهد الأدبي الليبي يشهد زخم ثقافي كبير فهناك اسماء شابة كثيرة من الأجيال الجديدة في مجال الشعر والقصة والرواية والفن التشكيلي أيضا فالمشهد الأدبي الليبي في هذه السنوات في أجمل عطاؤه الإبداعي، وكقارئة أتابع كثير من الانتاج الإبداعي الليبي بفرح وحبور فثمة انطلاقة للأديب الليبي من عزلته الطويلة  بتلاقحه مع  الأدب العربي من خلال النشر بدور عربية كبيرة  التي  قدمت الأديب الليبي للقارئ العربي  الذى  اكتشف بأن هناك في ليبيا أدباء كبار في مجال القصة والرواية والشعر يستحقون القراءة والمتابعة لإنتاجهم الأدبي .

هل صدر لك كتب جمعت فيها كتاباتك؟

صدر لي كتاب عن وزارة الثقافة عنوانه “ضفاف الكتب” وهو عبارة عن مجموعة مقالات ودراسات أدبية في مجال الرواية والشعر بالإضافة إلى مقالات عن المشهد الثقافي الليبي

نعرف إنك كتبت القصة ما الذي اجتذبك لهذا النوع من الكتابة؟

القصة هي التي جذبتني إليها، فهي تستمر في الضجيج برأسي حتى أكتبها وأغلب القصص التي كتبتها هي عن الأحلام والخيبات والفقد وبعضها الأخر عن نساء هزتني حكايتهن مع الحياة فكتبت قصصهن.

-ما الذي ينقص الكتابة ككل في بلادنا؟

ينقصها أن يتقبل المجتمع ما يكتبه الأديب ويمنحه الحرية ولا يحاكمه على الإبداع والخيال   ولا يترصده الرقيب الذي يهرب منه، الكاتب لحظة الكتابة والذي قد يكون مجتمعي أو ديني أو سياسي، ولكنه في النهاية رقيب يمنع الخيال من التحليق وتبقى الحرية هي أكسجين الكتابة رغما عن كل رقيب.

لمن تقرأين من المبدعين الليبيين؟

منذ بداية عشقي للقراءة قرأت لأغلب الأجيال المبدعة في ليبيا، ولكنى حاليا في المجمل أحب متابعة الإنتاج الإبداعي لشعراء مثل عبد السلام العجيلي وسالم العوكلى وعاشور الطويبى ومفتاح العماري وخالد مطاوع وصالح قادربوه وعمر الكدى وجمعة الفاخرى وعائشة المغربي وسميرة البوزيدى وغادة البشتى وحنان محفوظ ورحاب شنيب.

 أما في الرواية فأبرز الروائيين الذين أحب متابعة نتاجهم هم  محمد الأصفر وهشام مطر وعبد الله الغزال ومنصور بوشناف وللروائيات نجوى بن شتوان ورزان المغربي وفاطمة الحاجى وعائشة الأصفر وعائشة أبراهيم والقاصة عزة المقهور

-هناك هبة شعرية وقصصية وروائية شابة ما رأيك بها؟

بالتأكيد هي جميلة ومميزة، وخصوصا في مجال الشعر الذي أدهشنا في السنوات الأخيرة بظهور اسماء شابة جديدة لديها، ما تقوله في وجه العالم والوجود مثل سراج الورفلى وحمزة الفلاح ومفتاح العلوانى وهناك تميز ملفت للنص الذي تكتبه مجموعة من الشاعرات الشابات مثل فيروز العوكلى ونورهان الطشانى وعزة رجب وريما المبروك ونعمة كركرة.

-كيف ترين المشهد في غياب الناقد الحقيقي؟

الحقيقة المشهد مؤسف ، فغياب النقد يجعل المبدعين يكتبون دون أن يكون هناك صدى لكتاباتهم بين النقاد المفترض بهم دراسة ، ونقد ما ينشره الأدباء رغم وجود كثير من  الأساتذة  والطلبة الجامعيين المتخصصين في علوم النقد الأدبي بالجامعات الليبية  إلا أنه هناك تقصير في  العمل النقدي الجاد ،الذى يتابع النتاج الأدبي الليبي ومن خلال مطالعتي  لبعض  الأطروحات الجامعية ،في أقسام اللغة العربية التي كانت ترد على دار الكتب الوطنية لاحظت ، بأن  الكثير منها مهتم بدراسة الأدب الليبي والعربي القديم الذى أشبع بحثا ونقدا وتحليلا ، وليس هناك دراسات  عن الأدب الليبي الحديث  إلا بشكل محدود ، وكم أتمنى  من أساتذة النقد بالجامعات الاهتمام بإرشاد  طلبة الدراسات العليا لدراسة الأعمال الأدبية الجديدة التي  تعانى من الاهمال وغياب النقد  كما أنه من المفترض أن تعمل أقسام اللغة العربية بالجامعات على إجراء  خطة  نشر وطنية  لطباعة  الأطروحات النقدية التي تتناول الأدب الليبي  في كتب كي تكون متاحة للجميع .

 بالإضافة إلى مشكلة أخرى يواجهها النقد الليبي وهو غياب النقاد المشتغلين بالنقد من خلال المدارس النقدية الحديثة، وحصر الدراسات بالمناهج القديمة وفى هذا المجال أحب التنويه والشكر لما يقوم به الدكتور والناقد عبد الحكيم المالكي من مجهودات كبيرة عبر مختبره النقدي للسرد الليبي الذي يقوم فيه بعرض ورش وأوراق نقدية على اسس مناهج ومدارس النقد الحديث، والذي استفدت كثيرا من متابعة بعض أعماله النقدية المنشورة عبر صفحة المختبر النقدي السردي بالأنترنت.


صحيفة فبراير | 18 يوليو 2022م.

مقالات ذات علاقة

القاص: أحمد يوسف عقيلة: القصة في ليبيا لا تقل شأناً عن القصة في أي مكان من العالم

المشرف العام

سالم الهنداوي: المثقف الليبي مظلوم لا مؤسسات ترعاه ولا يحظى باهتمام إعلامي

المشرف العام

هادية علي قانة.. تقيس الحلم بأصابع من ماء!!

حواء القمودي

اترك تعليق