قطار العمر في عجلة من أمره يجري.. الخامسة والثلاثين والحالة الاجتماعية عـزبـاء.
اللعنة.. عيونهم لا ترحم وألسنتهم الحداد تقطع شرايين الأمل والمشاعر… أي بشر هؤلاء تعيش معهم؟! متبلدوا الشعور.
نعت الـ(عـانـس) بات معروفا ومألوفا لديها رغم عدم اقتناعها وتقبلها له… ليست هي فقط من ترفضه. كثيرات مثيلاتها يتوجعن لهمزهم ولمزهم…
لماذا يربطون الزواج بعمر محدد إن تجاوزته الفتاة يكون قد فاتها القطار؟!… عقليات ونفسيات تحتاج للتعديل. أملها لم ينطفئ بعد في تكوين عائلة سعيدة.. لعل مع كل ساعة تنتظر طرق بابها وإطلالة وجهه الصبوح.
لم يعتب عليها شيء يقربها لتحقيق حلمها إلا فعلته.. صدقة.. فعل الخير… لا شيء إلى الآن حقق المراد.. استسلمت وسلمت أمرها للقدر، فهو كفيل بمداواة القلوب وتعويضها بخير عميم.
*
في عيادة الأسنان جلست إلى جانب امرأة كبيرة في العمر منتظرة دورها.. حديث طويل دار بينهما انتهى بسؤال المرأة لها:
– هل أنت متزوجة؟
هزت رأسها نافية ووخزة ألم سرت في قلبها.
– غريب فتاة جميلة مثلك لم تتزوج بعد.
المسألة نصيب..
– النصيب أعمى يريد من يقوده!
صمت لدقائق كسرته السيدة قائلة:
– ألم تأكلي خبزة البخت؟!
باستغراب:
– ماذا؟! أين تباع يا خالة؟
ضحكت:
– إنها لا تباع…. سأعطيك الطريقة لعملها، كل فتيات قبيلتنا تناولنها وتزوجن…
*
فكرت في كلام العجوز وقلبت فكرة تناول الخبز جالب الحظ في رأسها.. بعد مضي أسبوع من التفكير قررت تجربة عمل الخبز… الفرصة لن تتكرر في العمر ثانية.
في ضحى يوم الخميس دارت على سبعة بيوت مجهولة… أخذت من كل بيت مقدار من الملح والطحين.. عجنت الخبز جيدا..
في المساء أكلت رغيفا ثم نامت عطشى… لقد كان مالحاً جدا… كانت ترغب في شرب الماء لكن الشرط أن تنام عطشى حتى ترى المكان والرجل الذي سيرويها في الحلم… ذلك هو زوج المستقبل.
نهضت في الصباح وهي تشعر بجفاف في الحلق وتجرحات… ركضت صوب المطبخ تروي ظمأها مراجعة كل ما رأته في المنام..
لا شيء.. قبور لأناس لا تعرفهم.. بيت أبيها.. صور لطفولتها.. درجة متدنية في الرياضيات.. أين هو بين الأحلام؟ … هل امتصه الملح وتبلور في حباته؟!…
يبدو أن مفعولها قد بطل أو أن النبع قد أصابه الجفاف والرجل انتقل إلى رحمة الله !!…
المنشور السابق
المنشور التالي
فهيمة الشريف
الاسم: فهيمة عمر الشريف.
مواليد الزاوية 1988.
مجال الكتابة: القصة القصيرة. الرواية.
نشرت نتاجها الأدبي في الصحف المحلية و المواقع الإلكترونية.
حاصلة على جائزة القارئ للكتابة الإبداعية 2018.
حاصلة على جائزة انتيبرجيس للإبداع الليبي في جانب أدب الطفل 2019 ;
صدر لها رواية عن دار السعيد في مصر 2019.
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك