.
في يوم عيد الأم العالمي، أقف اجلالا واحتراما للأم الليبية العظيمة، على ما أذهل العالم، وبما تميزت به من مواقف أظهرت قوتها وشجاعتها، وصبرها ودموعها ودعمها لهذه الثورة.
من منا استطاع حبس دموعه، كلما سمع زغاريد أم الشهيد “عماد زكري” تعلو؟ أو كلما تنصتنا على الليبية في رداها الباصمة، وهي تحضن بيديها المعروقة وجهه شهيدها، ثم توشوشه مطمئنة بلقاء في الجنة قريب؟
ومن لم يبتسم لسماع شهادة الحاجة “مناني” بمساهمتها في خياطة علم الاستقلال قبل التحرير، حينما تحكي بعذوبة طرابلسية كيف حاكت “العلامات”!؟ كما اضحكتنا قبلها الليبية بفراشيتها البيضاء وهي تدعو الله ان نعيش في خير ويرزقنا “برئيس يخاف ربي وماياخدش فلوسنا زي….!”
كثيرات هن الأمهات الليبيات، اللائي يعانين مهام القيام بأعباء العناية بأبناء فقدوا أطرافهم، أو حواسهم وغدوا في حاجة للعون الدائم والمساعدة، امهات يرفعن أكفهن بالدعاء لشفاء الجرحى والمصابين، ثكالى يبكين في صمت، غياب رجال وشباب في عمر الزهور، زوجات صرن أرامل يضمدن جراح اليتم والفقد المريع، وأخريات ينتظرن العثور على رفات شهدائهن فيما يكتشف من مقابر مجهولة، أما أكثرهن حزنا فهي من تنتظر مفقودها بدموع لاتجف، ذاك الذي خرج ولم يعد منذ عام مما تعدون.
أما أكثرهن معاناة فهي التي ظلت طوال سنوات، تعد الأيام والليالي تترقب عودة الغائب، تتهيأ لموعد زيارة سجينها في “بوسليم” بما تعده الأمهات من الطعام والاحتياجات، الله وحده العالم بأمر تدبير الحصول عليها، فهو المطلع على خبايا مشاعرها، مطلع كل شهر للقاء لايتحقق مع سجين قتل غدرا، وان مجلوباتها يتمتع به يلهو السجان المقيت، الموت كمدا وحسرة، كان نهاية مشتركة لكثيرات عانين زيارات اليأس؛ على سؤال ظل بلا جواب طوال أعوام الانتظار، عيون حرمت رؤية الأبناء بسبب قتلة يمرحون طلقاء ولم تطلهم يد العدالة المؤجلة بعد.
تتبقى الأم التي تعض قلبها على ابن فار مذنب، رمى بنفسه الى الضلال والخيانة، ثم الى متاهة الاغتراب، من أجرم في حق اخوته بالقتل العمد، وارتكاب ابشع صنوف الشر والأذى، من تيتم أطفاله وهو حيا بأنانيته المقيتة، هائما بآثامه، مكبلا بما لايمكنه من العودة إلى حضن وطن وأم لايستحقهما.
في يوم عيد الأم العالمي افتقد “أمي” التي شاركت بابنها شهيد في عرس الوطن، الذي اختلطت فيه دموع الفرح، بدموع الحزن.