البحث في المعاجم اللغوية عادة محببة إلى نفسي اكتسبتها منذ أمد زمني بعيد حتى صرت لا أعرف من بذر بذورها في تربتي لكنها عادة حسنة ومفيدة وضرورة لكل من اختار السيرأو ألقت به الظروف في أنهج الكتابة والابداع، وأعرف أن كثيراً من الكتاب وخاصة الشعراء منهم على علاقة يومية بتفحص المعاجم لإثراء قواميسهم اللغوية بالمزيد من المفردات والمعاني.
وصادف خلال اليومين الماضيين أنني كنت أتصفح معجم لسان العرب على الشبكة العنكبوتية. متنقلا من باب إلى باب حتى وجدتني متوقفاً عند باب حرف الثاء مستغرقا ومتتبعا كلمة “ثعلب”، ورأيتني واقعا في شباك معانيها العديدة، حين فجأة انبثق في ذاكرتي وجه لشاب وسيم الملامح أسمر البشرة وخجول عرفته ملاعب كرة القدم الليبية والعربية لسنوات طويلة أمتعنا خلالها بفنه الكروي وعمّر في الملاعب طويلا لاعبا ومدرباً، ثم اعتزل اللعب والتدريب وبقي كغيره من نجوم الرياضة في ليبيا فريسة للإهمال والفراغ والنسيان حتى ألم به مرض عضال أودى أخيراً بحياته فغادرنا أحمد الأحول ثعلب الكرة الليبية تاركا في القلوب حرقة الأسى والحزن والألم لفقدان أيقونة أخرى من أيقونات بلاد حرصت دوما على إبداء التجاهل والنكران لكل أولئك الذين قدموا زهرات شبابهم لها امتنانا وحبا.
وفاة أحمد الأحول ثم رجل القانون عزام الديب والصحفي والكاتب أبوبكر الهوني رحمهم الله جميعا خلال أيام قليلة حلقة أخرى، وليست بأي حال الأخيرة في سلسلة متواصلة وطويلة من حلقات تشكلت عبر الزمن من تجاهل ونكران ونسيان وعدم مبالاة لقامات وطنية هائلة عرفناها وقضت أعمارها تحاول بحب زرع الأمل والثقة والمتعة في دروبنا وحياتنا.
الحزن والبكاء والرثاء جانباً، من ترى يعوضنا عمن خسرناه ونخسره من عمالقة في الأدب والفكر والقانون والإعلام والعلوم والفن والرياضة جهدوا طيلة حيواتهم لرفع اسم ليبيا عالياً وإعلاء شأنها وبذروا عميقا بدأبهم وحبهم في ترابها الساخن بذور الانتماء؟.