في أيامنا الماضية بالقرن الماضي ونحن شاهدين على ذلك العصر او الزمن وخاصة في الستينيات وما بعدها من قصص حدثت وتكون دائما في الذاكرة لا تنسي ابدا من مواقف حلوة ومواقف مرة وعصيبة أحيانا ، ومن علامات استعدادنا عند بداية العام الدراسي الجديد لتجهيز انفسنا نحن الطلبة وكذلك الطالبات نفسيا او بالأحرى نحن التلاميذ وتلميذات في ذلك واستعدانا ذاتيا ونفسيا لهذه الفترة بالذات بدخولنا الى العام الدراسي الجديد الي مدارسنا واستعدادات وزارة المعارف كما يطلق عليها تلك الاعوام ومن ثم وزارة التربية والتعليم لتوفير متطلبات العام الدراسي الجديد حيث كانت تتكفل الحكومة عامة ووزارة التربية والتعليم خاصة بتلك الحقبة بكل المتطلبات من كتب والكراسات وادوات الهندسة كاملة مما تحتويه من الألوان وكراسة رسم والموسيقي مع توفير وجبات يومية في كل يوم وجبة تخلف عما سبقتها باليوم الذي قبله وتنوعها من بانينه بالتن او المربي او حلوة شامية وجبنة حمراء مع كوب او ما يعرف حليب المثلث وكذلك عند نهاية الأسبوع يوزع علينا كيس به ثمر و الفول السوداني ما تعرف كاكاوية.
وكانت اعداد الطلبة بالمدرسة قليل لا يتعدى بالفصل الواحد 20 تلميذ وعند دخولنا لمدرسة نقف طابور لكل فصل لوحدة ودلك حسب كل مرحلة او سنة من سنوات الدراسة تحية الصباح بعد تلاوة ما يتيسر من القران الكريم لرفع علم المملكة الليبية بصحبة نشيد الاستقلال ونقف استعدادا لتحية تلك الرائية المجيدة وندخل الفصول اول بأول وذلك حسب الترتيب من إدارة ومشرفي المدرسة ،وعند دخولنا الفصل نلقي تحية السلام الى اميرنا راعي النهضة ومؤسس ليبيا الحديثة حضرة صاحب السمو الملكي الملك الصالح ادريس السنوسي مع صاحب السمو الملكي ولي العهد المحبوب الأمير حسن الرضا السنوسي وذلك على حائط الفصل من اليمين صورة الملك وعلي اليسار صورة ولي عهده المحبوب في برواز يليق بمقامهم السامي .
بكل معانيها بذلك الزمان فالخير متوفر والكل ينعم بفضل الله ورعايته والاهتمام بإنشاء جيل يمتاز بالصحة أولا والتربية والتعليم ثانيا، حيث تتوافر الرعاية الصحية او الصحة المدرسية حيث يقوم طبيب عام بالكشف عن التلاميذ شبة أسبوعيا عن العيون والباطنية والانف والاذن والحنجرة والاسنان وتحويل الحالات المستعصية في المستشفيات التخصيصية للكشف والعلاج تلك من مهام الصحة المدرسية بالزمن الجميل رغم الإمكانيات البسيطة بذلك الوقت.
والاهتمام بالتلميذ برعاية كاملة حيث تقام نشاطات تربوية مختلفة شبة يومية منها رياضية وثقافية وتربوية من الأنشطة الرياضية من كرة القدم والطائرة والسلة وكرة اليد حيث يقام دوري بين فصول المدرسة وكذلك الاهتمام بلعبة تنس الطاولة وخاصة للتلميذات وأنشطة اخري مثل مواهب الرسم واعداد صحيفة الحائط حيث يشترك التلاميذ في اعدادها وإخراجها وكذلك مسابقات بين التلاميذ حسب سنة الدراسة وخاصة المتفوقين منهم في مسابقة لمناهج السنة الدراسية ومعلومات عامة وتقدم للفائزين هدايا طبعا يكون تحت اشرف مدرسي وإدارة المدرسة وإقامة نزهة مدرسية وخاصة بفصل الربيع شبة سنويا الى احد الأماكن الاثرية او المناطق الجبلية مثل جبل نفوسة عين الرومية او منطقة ترهونة لعين الشرشارة وفي الغابات المنتشرة في ضواحي مدينة طرابلس مثل طريق المطار ومصنع الجبس طريق الفلاح السواني بالاشتراك بمبلغ رمزي بين التلاميذ والمدرسين حيث تقام أنشطة وبرامج مختلفة مثل شد الحبل والجري والقفز واقامة مباراة لكرة القدم واليد وكذلك كرة الطائرة بين التلاميذ و المدرسين او مشتركة بينهم وغيرها من نشاطات تسعد التلاميذ والمدرسين بهذا اليوم الجميل.
وتستمر تلك الاعوام الذهبية سنوات مند الستينيات وحتى اواخر السبعينات في نفس المنوال مع تغيرات طفيفة للأحوال الدراسية حيث يشرف على الاستعداد للعام الدراسي الجديد فريق عمل متكامل من جهاز الوزارة من فني واداري ومالي طوال 3 شهور العطلة الصيفية بمتابعة متواصلة ودقيقة لتلبية كافة الاحتياجات المدرسية للعام الدراسي القادم بكل متطلباته بفريق العمل المكلف بهذا العمل .
من تلك الأيام وانا أتذكر عدد من المدرسين الأوفياء في تعليمنا وتنشئتنا تنشئة تربوية وتعليمية وفق الإمكانيات المتاحة بذلك الزمن ومنهم الأستاذ الفاضل والمربي الأستاذ محمد بنوير كان مدرس التربية الرياضية وبنفس الوقت كان هداف ولعيب بفريق المدينة برفقة على البسكي والاخوين نوري وعبد الرؤوف السري ويعتبر مدرس واخ وصديق لنا نحن التلاميذ من عام الدراسي 1967 الي العام الدراسي 1973 عندما تحصلنا على الشهادة الإعدادية حيت تنقل معنا من مدرسة اربع عرصات الى مدرسة الحرية وله الفضل في اكتشاف مواهب رياضية وخاصة في كرة القدم واليد وتنس الطاولة وبعد سنوات الغيبة والقطيعة يأتي أحيانا في مخيلتي وتفكيري فاتفقت مع زملاء الدراسة في ذلك الزمن الجميل على ان نقوم بتكريمه بإقامة وجبة عشاء على شرفه في منزلي المتواضع برفقة زملاء الدراسة والمقربين منه.
وكذلك مدرس في مادة الرياضيات الأستاذ الفاضل محمد العالم تونسي الجنسية حيث بدل جهد كبير لترغيب التلاميذ بمادة الرياضيات من خلال شريحة للمادة استطاع الطلبة فهم المادة بأتقان مما جعليهم يعشقون مادة الرياضيات مما جعل الطلبة يتنفسون فيما بينهم في حل التمرينات والنظريات الرياضية بالمنهج المقرر .
وبنفس الوقت الشيخ أبو منجل مدير المدرسة رحمة الله علية برفقة نائبة الشيخ الطاهر الزنتاني ربنا يمده بالصحة ومجوعة اخري من مدرسي المدرسة وخاصة مدرس مادة التربية الدنية فلسطيني الجنسية يتمتع بالشدة ومدرس من السودان في مادة اللغة العربية أستاذ عوض ومن ثم تم تغير الإدارة للإدارة المدرسة بمدير جديد الشيخ عيسي كعال رحمة الله عليه كان شديد وصارم في إدارة المدرسة ولكن في نفس الوقت مربي فاضل يحب مدرسته وتلاميذها ومدرسيها بدون فرق ويشجع المتفوقين والمجتهدين بتقدم لهم الهدايا التشجيعية وكلمة الغرض منها ترفع معنويات التلميذ المتفوق وتشجع الاخرين للمبادرة ونشاط سوء تعليمي كان او نشاط رياضي وتقافي.
كانت تلك الأيام مرت بمواقف حلوة ومواقف مرة وعصيبة أحيانا عند استعدادنا لعام الدراسي الجديد وكنا كأخوة بنفس الوقت نحن زملاء وأصدقاء وجيران تجمعنا المنافسة الشريفة وحب بعضنا لبعض وذلك ناتج من مجهود مدرسينا الذين ابدلوا كل الجهد والاجتهاد بتعليمنا وتربيتنا على حسن الخلق والمعاملة الطبية فيما بيننا وبين الزملاء والجيران فعلا انها التربية والتعليم …. في الزمن الجميل
طرابلس الغرب / ليبيا
يوم الاثنين الموافق 10/10/2016م