المقالة

تجربة رائدة ومميزة…!!

منذ خمس سنوات تقريباً ذهبت في زيارة الى جنوب أفريقيا… وكانت للمساهمة في معرض الكتاب هناك… وللمشاركة في تمثيل ليبيا في أول تواجد لها بهذا المعرض وكنت حريصا اثناء تواجدي هناك الى التعرف على اوجه عدة من تجربة دولة جنوب أفريقيا والتي اعتبرها “تجربة مميزة ورائدة” وبها الكثير مما نحتاج الى “تعلمه”، ولقد قامت حكومة جنوب أفريقيا مشكورة بترتيب عدد من اللقاءات لي بمسئولين ونشطاء ومثقفين ورجال دين.

عطية الأوجلي السادس جلوساً من اليمين

وقد كان من ضمن برنامج الزيارة اللقاء مع ممثلي الطوائف الدينية المختلفة بمدينة كيب تاون… فتمت دعوتي الى مقر يجمع وينسق نشاطات ممثلي الاديان والطوائف وهناك التقيت بممثلي الديانات الاسلامية واليهودية والمسيحية بكافة الطوائف التي تشكلها واستمعت الى شرح منهم عن كيف ان “النضال” المشترك ضد العنصرية ونظام الفصل العنصري وسنوات “السجن والنفي والتعذيب” قد قربت من وجهات النظر بينهم وجعلتهم يكتشفون “القيم المشتركة” التي تجمعهم وجعلتهم “يحترمون” بعضهم البعض… كما اخبروني انهم اتفقوا على العمل في مايتفقون عليه… وعلى ترك “الخلافات” جانبا وعدم الخوض فيها في مثل هذه الاجتماعات التي تخصص لقضايا مشتركة مثل “نشر الوعي الاخلاقي” ومحاربة “الرذيلة” والحرص على تمثيل وتوضيح رأي الاديان في القضايا والقوانين المطروحة على البرلمان. وأعترف بأنني اعجبت كثير بما لمست من “تواصل انساني ومن احترام متبادل”.

تحدثت مطولا مع شيوخ الجالية الإسلامية… واخبروني بأنهم يعيشون “وضعا مميزا” خصوصا في مدينة كيب تاون التي وصلها اجدادهم مبكرا كعمال جلبهم الهولانديون للعمل في المستعمرات الجديدة وكيف ان مانديلا وحزبه كتقديرا منهم لدور المسلمين في محاربة العنصرية كانوا حريصين على “حسن تمثيل المسلمين” في السلطة الجديدة رغم قلة عدد المسلمين فكان من نصيبهم منصب وزير العدل والسفير بالولايات المتحدة وعدد أخر من المناصب المختلفة. حدثوني على ان هناك العديد من الصعاب والتحديات التي تواجههم وخصوصا في “تربية الاجيال القادمة و تعليمها و الحفاظ على هويتها”. لم يبدو منهم أي “خوف او قلق” تجاه الاديان الأخرى بل ما سمعته و لمسته كان كله توقيرا واحتراما.

تأملت هذه الصورة هذا الصباح… فأحيت احاسيس متناقضة بداخلي… أدرك عمق “الفجوة الأخلاقية والفكرية” التي تفصلنا عنهم… والتي تدفعنا الى ان “نتصارع ونتقاتل بروح جاهلية”… ولكني أدرك ايضاً أنه من “الممكن” على البشر ان “يتفقوا”… إذا ما قاموا “بترتيب أولوياتهم” بشكل صحيح… وإذا ما “أحسنوا” تقدير الاختلاف وإدارة الخلاف،…. وأنه إذا ما استطاع ابناء الديانات المختلفة “أن يجلسوا معا” ويتباحثوا كذلك يستطيع ابناء الوطن الواحد والديانة الواحدة… إن لم يكن من اجلنا فعلى الأقل من اجل الأجيال القادمة الني تستحق ان تعش في ظروف مختلفة وأن تنعم بالتعايش والتسامح والتعاون بدلا من الحروب والدمار والخراب… فهل نحن فاعلين…؟؟؟

___________

نشر بموقع ليبيا المستقبل

مقالات ذات علاقة

زمن الرواية الليبية

جمعة بوكليب

الضحك والنسيان: جلالة الاستقلال ومهابة الملك

خلود الشعر والصحافة بهجات عند النافذة لازالت في الانتظار

نيفين الهوني

اترك تعليق