[1]
عندما أقوله بعيداً عن انفعال اللحظة، فلا أقل من أنه رجلٌ يسعُ كونه.. موشوم في خصر هذه البلاد.. نابت في صخبها.. رائق في بسطها وجردها.. هو، الزنقة والحوش والدالية وجنان النوار.. حوازة وسانية.. يجيء هنا، انتظر فيه مفرداته الليبية برائحة التنور الفائحة، وحماقة الليبيين ونزقهم.. يروح ولا يلتفت لي.
[2]
يجيء هنا.. مرة اخرى، كنت قد انتظرت طويلاً هذا الحدث الطارئ، فالتكرار المشابه له، يدخل خانة الندرة الشحيحة.. تصل رسالة: (احْضَر بعد حين).. فيغادر تواً، متنازلاً عن لقاءٍ يسمه (اللا شرعية)، نحو رسالة متأخرة يمنحها قداسة تلبية نداء وطن جريح.. موغل في لإجحاف، يسحب حقيبته، يتسرب، يتركني وراءه.
[3]
يجيء هنا.. ولا تتخلى مواعيده عن قحطها، في لقاءاتنا المحنطة، يمنحني نصفه الأيسر بقيادة يده اليسرى السابحة في، فيبهجني ذلك، يلهيني عن ابتلاع الشبكة العنكبوتية لكله.
[4]
عادة ما يجيء ويكون ذلك قليلاً، فكثيراً ما يغادر، يراوغني بادعاء حلم نقتسمه ساعة دخول مدار الشمس أبراج طالعنا، مانحاً لي رقم سعدٍ هو خمس لقاءاتٍ خلال شهر، يرد في أحدها بائع الورد مرتين، فلمن يشتريه؟!!، لحديقة سبق وان راودها في حلمه، أم لشاطئ لا يرافقه ألا من بصدره همْ.
ويغادر..
أقوله عند انفعال اللحظة، أنه لا يأتي إلا لكي يذهب.. رجل ليس لي، متخلياً عن رومانسية المشهد لصرامة الواقع، ناسباً إياها لموروثٍ متهرئ بعيد في التقليدية.. صفيقة في إلحاحها، تحايدنا اللحظة.
يهمس في أذني مبعداً دمعة، يروج لأمنية يقربها دعاءاً: (جدار تتكئ في ظل اللهفة، يخضر في جنباته اللقاء).. ويعاودني مغادراً.