حواء القمودي.. منذ أن قرأت لها قصائدها الأولى وقد بلغت من الجرأة ما بلغت ومن الصدق الشفيف ما بلغت قلت لنفسي هذه شاعرة لمستقبل قصيدة النثر والكتابة عنها انحياز لهذه القصيدة التي كان شعراؤها يتتابعون على استحياء، الذي حصل هو أنني لم أكتب عنها وكنت ألوم نفسي وألومها لأنها كلما كتبت قصيدة جديدة جعلت الكتابة عنها أشد صعوبة لأنها تكتب ثم تمضي لحال سبيلها وكأن ما كتبت ليس من خليتها.
لم تجمع بعض مما كتبت في ديوان يليق بقيمتها، لم تستجب لضغطي المتكرر عليها عبر سنوات، الذي حصل أنني لم أكتب عنها،والكتابة عنها بالنسبة لي فرض عين،فقد قرأتها منذ قصيدتها الأولى وتتبعت أسئلتها بضجيجها وسكونها ومع ذلك مازلت مقيدا بغياب ديوان يوثق لشعرها أو لبعض شعرها ويتيح الفرصة للمهتمين بقصيدتها الكتابة عنها وتقييمها،وهي بموقفها هذا لا تمثل حالة فردية في المشهدية الشعرية الليبية، إذ لا تخلو هذه المشهدية من أسماء أخرى فضلت طائعة أو مجبرة عدم جمع ما كتبت في وثيقة ديوانية،وهذا سؤال يمكن أن يكون مدخلا لأسئلة أخرى تتعلق النشروالطباعة بصفة عامة.
على أن ما حفزني لكتابة هذه الكلمة هو صدور عمل مهم ومتميز وهو كتاب “قصائد تضيئ الطريق من طرابلس إلى القاهرة،أنثولوجيا قصيدة النثر في ليبيا، إعداد حواء القمودي وتقديم رامز النويصري وربما نحييه في فرصة أخرى بما يليق به لأنه منجز غير مسبوق.