الأربعاء, 2 أبريل 2025
المقالة

إنّهم أشبه ببني إسرائيل

من أعمال التشكيلي الليبي محمد نجيب
من أعمال التشكيلي الليبي محمد نجيب

إنَّ أكثر القصص والمواقف التي ذكرت في القرآن الكريم وضعت بعناية إلهيّة، فهي قصص مضت وستمضي حتى أخر الزمان، إلا أنها تختلف في الزمان والمكان مع تشابه في محتواها.

وأيضًا معظم القصص بل وأكثرها تخص بني إسرائيل كقوله عزّ وجل: (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ). وإنَّ قصة تجبّر بني إسرائيل وتحولهم من مركز الضعف إلى مركز القوة والهيمنة مذكور في سورة الإسراء، والسؤال الذي يدور في ذهن الكثير منّا عن تخاذل بني ماء السماء وضعف عزيمتهم وعدم جهادهم في سبيل الله ودينه، ومن أجل حرية وحق مسرى نبيّهم صلّ الله عليه وسلم.. موضح توضيح بسيط في بعض الآيات والمواقف.

كانوا بني إسرائيل مستضعفين في الحضارة الفرعونية الإمبراطورية الأقوى والأعظم حضارةً واقتصادًا ومعمارًا، وكانوا يعبدون الأوثان والأصنام على هيئة صور لملوكهم أو صور لحيوانات معينة باعتبارها آلهة تمثل شيئًا ما، وكانوا بني إسرائيل وقتها هم المؤمنون والموحدين لله فهم من قوم يعقوب!

والسؤال هنا يخص بني إسرائيل كيف هم أضعف وهم على حق ويعبدون الله، ولهم كتاب منزل ونبي مرسل يكلّم الله تكليمًا؟

إذاً الأجدر بالحق أن يكون معهم وأن يكونوا هم الأقوى؟

هل كان موسى والله ربهم أقوى أم الثور الذي يمثل القوى والبقرة التي تمثل الرزق والمال أقوى؟

حين يستعبد قوم لآلاف السنين فأنه يتأثر بمستعمره ويتشرب شيئًا من طباعه حتى وإن لم يلاحظ

وانفلق البحر ومضى القوم وغرق فرعون، ويتساءل بني إسرائيل أين العلم والسلاح والتكنولوجيا والمال والذهب الذي كان للفراعنة، لماذا لم يصلوا لنجاحهم حتى بعد أن تخلصوا منهم؟

ولإنّنا سبق وقلنا إن قصص القرآن تتكرر مع الوقت ولا تذكر عبثًا فإن السامري لم يذكر عبثًا، فهو الذي ضّل قومه وصنع لهم من الذهب بقرة ليتعبدوها ظنًا منهم أنّها بقرة القوم الناجحين مثل التي كانت يتعبدها الفراعنة، ويكون في نظرهم مبسطًا لهم دينهم جاعلًا لهم إله يعتقدون أنه سر نجاح من كانوا مستعبدينهم، وعند قدوم نبيهم قال له السامري فعلت هذا بقبضةٍ من أثر الرسول، أي بناءًا على تفسيره وما تمليه عليه نفسه ليس إلا.

  إنّ هذا الموقف يذكرنا بالأيام القليلة الماضية حيث دخلت بعض من عادات وتقاليد النصارى بيوتنا، فهم أيضًا على علم ولهم نصيب أكبر من النجاح أكثر منّا نحن المسلمون الموحدين، وهل يعتقد البعض أن النجاح والعلم والثقافة سيكون باتباع الغرب بوضع شجرة الكريسمس في صالة بيوتهم؟ وهكذا تتكرر القصص والمواقف القرآنية! وإن خلاصة القول إنك إن ناقشت أحدهم اليوم في الحق لصاروا يجادلونك ويصفونك بكل أنواع الاستهزاء، وكأنك تكلمهم في كل أمر غريب وعجيب بعيدًا كل البعد عن أمر دينهم، إن حرمت عليهم المعازف وأمرتهم بعدم اتباع أهل البدع وفرض الحجاب لجادلوك فيه وإن رءوا منك شيئًا بعيدًا عن الدين مما يسر اهوائهم، لفعلوا دون أن ينطقوا بحرف واحد.. إنّهم أشبه ببني إسرائيل الذين جادلوا موسى في البقرة المؤمرين بذبحها، ولم يجادلوا السامري في تعبدها!

  إنَّ الابتعاد عن الفتن في ديننا هي بالالتزام بأوامر الله واتباع سنة نبيه صلّ الله عليه وسلم، ومراعاة قوله في خطبة الوادع: (أيّها الناس والله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم).

وإنّ النصر والفتح يكون على أيد أناس لا يغنيهم شيئًا من الحياة، وينصرون الله في كل أعمالهم ويخشونه في كل عباداتهم. كما كان يفعل أصحاب النبّي والمجاهدين في سبيل الله والفاتحين.

وليس لنا من سلاح غير الدعاء، والانتباه والحذر من البقر المحيط بنّا ومن السامريون في قومنا!


الآية: 76، من سورة النمل.
بني ماء السماء: لقب للعرب مستوحى من قصة السيدة هاجر والنبي إسماعيل عليه السلام.

مقالات ذات علاقة

بَيْنَ التَّأمُّل والتَّفَكُّر

علي بوخريص

خرافة الإنسان الكامل: بين الإرادة والإدارة

عبدالمنعم المحجوب

نظرة قديمة في النقود الليبية!

أحمد الفيتوري

اترك تعليق