سعيد العريبي (حكايات وذكريات - سيرة قلم)
المقالة

مقدمة مقالتي: من ينقذ العربية من قسم اللغة العربية

(وهي أول مقالة كتبتها بالخصوص)

كأي عربى.. درجت منذ الصغر.. أحمل حب العربية فى داخلى وبين جوانحى.. كانت وقد أوقفها الله علي.. دفقات القلب وخفقاته.. بوح الخاطر وتموجاته.. سبحات الوجدان وتقلباته.

أدركت منذ الصغر أنها سر من أسرار الوجود.. وأن حبها الذى أستشعرته مبكرا فى القلب وعلى اللسان.. صار أكبر من الشعور.. وأعظم من الوجدان .. فطفقت منذ ذلك الوقت.. وقد سرى حبها الى قلبى وانطلق بها لسانى.. طفقت أركض فى دروبها.. وأستعذب الحديث فى حضرتها.. وأتغنى بها ولها.

كيف لا.. وهى لغة القرآن الكريم.. لغة اصطفاها الله وفضلها واختارها لوحيه ورسالته.. التى ارتضاها للناس كل الناس.. لم يخاطب بها أمة واحدة من أمم العالم.. بل العالمين.

عالمية منذ البدء.. كما أراد لها الله أن تكون.. متوجهة فى أساسها إلى العالم.. فى مضمونها الخالد.. فى قيم السماء الربانية.. عبر العرب وعبر لغة العرب.. إلى مواطني العالم.. كل العالم.

أدركت كل هذا.. وأدركت كذلك أنها ليست “لغة ميتة” كما يشاع عنها ظلما في قسم اللغة العربية.. بل إنها لغة كتاب سماوي مخول من قبل الله.. لهداية البشر إلى طريق الله.

وإذا كان هذا الكتاب كما نرى.. هو معجزة الله الأولى الدالة على وجوده.. الداعية إلى الإيمان به.. فإن العربية هي المعجزة الثانية التي اختارها الله.. أن تتوجه من خلاله إلى كل البشر.. من وجد منهم ومن سيوجد أيضا.. من هنا تختلف العربية و تنماز عن بقية اللغات السائرة في تطورها ورقيها إلى الزوال والاندثار.. وإذا كان هذا ما نقول به نحن.. ويقول به كل عربي مخلص في عروبته وانتمائه.. حريص على بقاء هذه اللغة التي تعد من أوثق عرى العرب على صعيد وحدتهم.. فما الذي يقال عنها في قسم اللغة العربية.

أنا هنا لا أريد أن أعرض كل ما يشاع ويقال عن العربية وعن العرب.. من أكاذيب وأباطيل لا تصدر إلا عن نفوس مريضة.. لا يروق لأصحابها أن يروا العرب وقد شرعوا بالفعل يواصلون تدرجهم لاستعادة مكانتهم الرائدة بين أمم العالم.. بل يكفي أن أتعرض لشىء يسير من مناهج اللغة العربية.. التى لا تتلائم مطلقا مع فكرنا الإسلامى الداعى إلى احترام وتقديس هذه اللغة.. باعتبارها لغة القرآن الكريم.. ولا تتلاءم أيضا مع فكرنا العربى الأصيل.. الذى يدعو إلى محاربة الغزو الثقافى الاستعمارى بكل أشكاله وأنواعه.. كى لا نحارب فى عقر دارنا.. هذا مع علمنا المسبق بأن أخطر أنواع الغزو.. الغزو الثقافى الذى يستهدف الأفكار والقيم والمبادئ.

أنا لا أريد أن أطيل الكلام.. ونحن العرب ندرك (أن العربية لغة واحدة وموحدة) كما يقول الأستاذ ساطع الحصرى.. (وأن العربية ليست لغة النبى محمد.. ولا لغة الوحى فقط.. بل لغة الوحدة الفعلية

لكل العرب).. كما يؤكد ذلك المستشرق الفرنسى “غوبى”.. من هنا فإن أى دعوة تستهدف العربية.. هى فى أساسها دعوة استعمارية.. تدعو دون شك الى الإقليمية والتفرقة وتبث روح الانفصال بين أبناء الأمة الواحدة.

لهذه الأسباب: أدركت أنه ماسوني

نعم.. لهذه الأسباب وغيرها.. أدركت أنه ماسوني.. وأن ثمة جهة مشبوهة تقف معه وتدعمه.. وتبارك خطواته وتشجع أفكاره وأباطيله:

1. تشكيكه في النص القرآني.. وتكراره على مسامع الطلاب للمزاعم التي تقول بأن النص القرآني حرف على ثلاث مراحل.

2. تشكيلة في رسالة الإسلام.. وقوله عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (… ولكن الذي يهمنا هو أن النبي اقتنع بهذه التجربة اقتناعا كاملا.. وأنه اعتبر نفسه رسولا من عند الله).

3.  حقده الشديد على السلطان عبد الحميد الذي عارض وبشدة التنازل عن فلسطين لليهود.. وقد أشرت إلى ذلك في الجزء السابق.. وقد دفعه هذا الحقد إلى ترديد حكايات مكذوبة عنه.. كهذه الحكاية التي مزجها باللهجة المصرية: (حينما خلع السلطان عبد الحميد.. وجدوا في قصره أربع زوجات وألف جارية.. فخيروه وقالوا: اختر واحدة فقط.. فوقف حائرا.. وهو يقول: آخذ دي.. لا لا.. دي أحسن.. ثم ينتقل إلى أخرى.. ويقول: لا.. لا.. أخذ دي أحسن. ثم يتابع الأستاذ ويقول ضاحكا وساخرا: فاحتار السلطان.. وتوقف مترددا.. ولم يستطع أن يختار واحدة منهن.. فأخذوا واحدة ورموها عليه وهم يقولون: (خذ دي يا شيخ.. واسكت).

4.  تمجيده لكمال أتاتورك الذي حارب الإسلام.. واستبدل العلوم الشرعية بالمناهج العلمانية.. وجعل الدين داخل المسجد فقط.. ولا يحكم المعاملات بين الناس ولا يوجد شيء اسمه حلال وحرام.. واستبدل الكتابة التركية من الحروف العربية الى الحروف اللاتينية.. ومنع تعليم القرآن لأقل من 12 سنة.. ومنع الحجاب تماما.. ولم يسمح لأي امرأة بلبس أي شيء على رأسها.. ومنع الآذان بالمساجد.. وحول مسجد آيا صوفيا الى متحف.. وغير اسم إسلام بول الى اسطنبول.. وألغى النص الدستوري الذي يقول بأن “الدين الرسمي للدولة هو الإسلام”.. وتطاول على القرآن والدين في أحاديثه.

5.  قوله الصريح في كتابه: حيوات العرب.. بحق اليهود في مكة والمدينة.. وحقده الدفين على العرب وعلى عظماء العرب.. وكذلك استخدامه لمصطلح “الغزو العربي”.. بدلا من “الفتح العربي”..

6.  ادعاؤه بأن أن اليهود هم أهل المدنية وأهل التحضر.. الذين ينشؤون المدن ويقيمون التجمعات الحضرية.. بينما العرب – في رأيه – مجرد بدو رحل ينتقلون بخيامهم وجمالهم من مكان إلى آخر.. ولذا فهم لا يقيمون المدن.. ولا يعرفون حياة الحضارة والازدهار.. كقوله مثلا:  (وعلى الرغم من ذلك الاضطراب في تحديد الناحية العنصرية للعرب.. إلا أن المجموعة البشرية التي تعيش في العالم العربي تعتبر نفسها عربا).. وغير ذلك من الأفكار والأقوال التي لا يتسع المجال لحصرها.

7. وأخيرا.. قال لي ذات يوم.. وقبل أن يتطور الخلاف معه: إذا وافقت على تسجيل رسالتك في اللهجة العامية.. ستلقى كل الدعم والمساندة.

(أقول هذا للتاريخ.. والله على ما أقول شهيد)

مقالات ذات علاقة

فـقـدت بـريقـها

المشرف العام

ما بعد صوت الربيع العربي: لا صوت يعلو على صوت الثقافة

أحمد الفيتوري

علينا أن نزرع الأمن والحب والسلام في أرض الخير وطننا ليبيا

حسين بن مادي

اترك تعليق