طيوب عربية

مع اللغة.. محاولات لحركة التصحيح والتصويب اللغوي

من أعمال التشكيلي الليبي محمد الخروبي
من أعمال التشكيلي الليبي محمد الخروبي

محاولات لحركة التصحيح والتصويب اللغوي!! بداية من التوحيد والتقريب بين الفصحى ولهجاتها من الأفراد والمجامع اللغوية..

وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً   

وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ

فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ    

 وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ.

(قصيدة : اللغة العربية تنعي حظها – شاعر النيل حافظ إبراهيم)

…..

عزيزي القارئ الكريم..

بادئ ذي بدء الحديث عن لغتنا العربية وعلومها وآدابها ذو شجون ولِمَ لا.. فقد ميز الله عز وجل الإنسان عن سائر المخلوقات باللغة وعلم آدم عليه السلام الأسماء كلها كما علم سليمان عليه السلام منطق الطير..

وعندما أتجول بين ظلال لغتنا الشاعرة لغة الضاد لغة القرآن اللغة لغة الإعراب الجميلة حيث خصائصها ومميزاتها التي كل يوم نمسك بجواهرها ولا سيما معاجم اللغة التي استوعبت مفرداتها قديما وحديثا ولا سيما المسميات للمخترعات الحديثة والمعاصرة..

ومما لا شك فيه ولا جدال قد أفاض علماء اللغة وأهل الكلام في ماهية اللغة هوية واستخداما وتوظيفها نطقا وكتابة..

و الحمد لله درسنا اللغة العربية من منطلق علم اللسانيات العربية مع الاحتكاك باللغات الأخرى ومدى التأثير شكلا ومضمونا وعملية الأخذ والعطاء والدخيل في إطار نظريات اللغة ومعاملها الحديثة..

والمحاولات نحو تفصيح العامية في الوطن العربي كما هو مدون في المعاجم ، نعم إنها جهود ضخم لحركة التصحيح والتقريب اللغوي لرسم صورة واضحة عن تبديل اللفظ العربي الفصيح على لسان المتكلم من العامية..

بغية الارتفاع بلغة العامة إلى اللغة الفصيحة.. والتركيز على وسائل الإعلام والصحافة والفن ولغة الشارع ولهجات البلدان في الوطن العربي لفهم وإدراك مقاصد ووظيفة اللغة في الخطاب والاتصال والتفاهم في حلقات الحوار للواقع اليومي المعاش..

ومن ثم نلمح التغيرات التي تحدث في العربية ولهجاتها من أدوار أولها في الفصحى وتُلحق في اللهجات الحديثة.. والهدف من وراء كل هذا هو التوحيد والتقريب بين الفصحى ولهجاتها من الأفراد والمجامع اللغوية..

وجاء في بعض جلسات المجامع العربية:

“إن لغة التخاطب الآن عربية ولكنها ابتليت بعلل يرجى برؤها منها وعودها إلى تمام صحتها للمعالجة شيئا فشيئا”.

وتناولت كثير من بحوث ودراسات معاصرة إضافة إلى الجهود السابقة للقدامى في ثنائية تفاعلية بنائية منذ عصر بن جني وظاهرة تفشي اللحن مع دخول قوميات غير عربية في الإسلام والفتوحات والاحتكاك التجاري والثقافي والتزاوج في شتى مناحي الحياة..

وفي النهاية لا ننكر كل هذه الجهود حتى تتوحد اللهجات العامية لأن الفصحى آخذة بالتغلب عليها على كل حال والتفاهم من خلال المدارس والصحف والمجلات و سموات القنوات المفتوحة كلها عوامل مباشرة للاتصال والتصحيح المباشر نحو جماليات اللغة الأم..

والمكتبة العربية تعج ببحوث ودراسات ونظريات لكل من:

حفني ناصف وأمين فكري وفارس الشديقان والبستاني ومحمود تيمور وكرد وأنيس إبراهيم وكمال بشر ومحمد الخضري وطنطاوي جوهري ومصطفى جواد وحسين نصار وأبو جبل والسامرائي وغيرهم كثيرون.

وعلى أية حال استفاد الجميع من الدراسات اللغوية الحديثة الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية… الخ. فالقرآن الكريم مدار الحضارة الإسلامية ومحور وجودها فيجب علينا الآن مواصلة حركة الإصلاح والتنقية لما لحق وعلق بها على وجهات المحلات التجارية واللافتات في الشوارع والاعلانات والمطبوعات المختلفة ووضع ما يعادل ويطابق هذا اللفظة والمفردة في الاستخدام والاستعمال في سائر الوطن العربي تعويضا عن الدخيل الأجنبي الذي يساهم ويشارك في توسيع هوة اللحن وفساد اللسان والقلم معا.

فالفصحى يا صديقي مرآة الشعب العربي فليت الجميع يحاول العودة إلى ظلالها مجدا واعتزازا بالتراث والهوية والشخصية والقومية إلى مهد الجذور الأصيلة..

ونرى أن جل اللهجات العربية في الوطن العربي مجملها ترجع إلى أصولها العربية. ولذا نجد التعليم ووسائل الاتصال الاجتماعي والإعلام يساهم في عودة التقريب بين الفصحى والعامية اليوم من جديد في لغة بسيطة وسطية سهلة من خلال المعايشة حتى يستقيم لسان الأمة بقدر التقويم وبيان الأجنبي الدخيل منها لاستبدال لفظ عربي فصيح به وعودة المثقف العربي إلى دوحة اللغة العربية دائما.

رحم الله شاعر النيل حافظ بك إبراهيم حيث كتب قصيدته الخالدة بعنوان ( اللغة العربية تنعي حظها ) ومنها هذه الأبيات التي يقول فيها:

وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً، وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ

فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ، وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ، فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي

فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني، وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي

فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني، أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي

أَرى لِرِجالِ الغَربِ عِزّاً وَمَنعَةً، وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ

أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً، فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ

أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ، يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي

مقالات ذات علاقة

سلمى الخضراء الجيوسي في ذمة الله

المشرف العام

الرجل العاري محنة الإنسان والكاتب

المشرف العام

نبضاتُ ضميرٍ بينَ شفرتَيْ مِقصّ!

المشرف العام

اترك تعليق