طيوب عربية

المشاهد الإنسانية في قصة عندما تصادق الكلاب

من أعمال التشكيلي علي المنتصر
من أعمال التشكيلي علي المنتصر

عندما تقترب من النص الجميل المعنون (عندما تصادق الكلاب)؛ للقاص المصري “محمد الأقطع”، تستيقظ المشاعر وتتحرك الإنسانية في قلوبنا ونرى أبعاد التحجر عند البشرية التي أقفلت قلوبها بمفاتيح متينة لا تستطيع الاقتراب من عواطفها.

1- العنوان:

شكل عنوان النص محورًا مهما في تحريك أحداث القصة من البداية حتى النهاية، فكان مثيرا للقارئ شكلا ومضمونًا، يحمل أبعادًا رمزية في القصة، رمز الظاهر المتمثل في وفاء الكلب لصاحبه، ورمز الباطن المتمثل في طبائع البشرية، التي تتصف بخيانة الصداقة والالتفاف وراء مصالحها. لقد شكل العنوان لوحة فنية تتميز بدقة مفرداتها اللغوية والبيانية.

2- المشهد المكاني

احتوى النص على أمكنة بسيطة، تدل على فقر البطل وحرمان حقوقه من السكن والاستقرار، كقول القاص: (فجأة في هذا المكان، لمحته أول مرة وهو يلتقط بعض الأخشاب المهترئة وقطع الصفيح الصدئة، ليصنع لنفسه عشة بجوار سور المدرسة).

أظهر المكان بوادر الفقر والحاجة للبطل ومقتنياته البسيطة، التي تعد من مخلفات غير صالحة للاستعمال الإنساني ويعيد البطل تدويرها ليستظل في عشته. كان المكان يسير بحركة البطل وقوته في صناعة سكنه، وقدم القاص وصفا لعشة البطل التي تتساقط عدتها فهي لا تصلح عشة للكلاب فكيف بالإنسان.

المكان صور الإنسانية المفقودة عند بعض البشر؛ فهم يرون حالة البطل ولا يشفقون عليه وبقربه المدرسة مكان العلم والكتب وواقع الحياة التي اتسمت بفقدان الإنسانية. (هو في العاشرة من عمره، أقام عشته في هذا المكب الموحش..) مكان يعج بالفوضى النفسية وغياب للقيم الأخلاقية بمختلف أشكالها.

3- مؤثرات الزمن الإنساني:

كان عامل الزمن قويا في القصة، فالشخصيات تتفاعل معه، وتتطور بصحبة الزمن كشخصية طفلة الفل، البطل، (كل يوم قبيل الغروب، ينسل من غرفته كما يسميها ليستقبل طفلة الفل التي لا يعرف لها والدان.. حيث يبيع عقود الفل). (الليل احتضن بظلامه المخيف بأطراف هذا المكب عدا عشته)

صور الزمن رحلة الليل والنهار في كسب الرزق وجحود الكبار من حضن الجيل الذي يترعرع تحت قسوة الفقر والحاجة فكان الزمن مؤثرا للمشاهد المتتابعة في القصة، من مؤثرات الزمن بعد موت البطل وحضور الكلاب الوفية لمكانه كل يوم (أشاهد الكلاب تتوافد إلى إشارة المرور حيث قضى صديقهم ويعلو نباح يشبه العويل)

رحلة الزمن والوفاء لصديق الكلاب قبل مماته وبعده، شكلت أروع صورة في التعلق والتأثير العاطفي بين الإنسان ومرافقه.


هذه القصة من مجموعة القصصية (البتول والليل)، للقاص الأستاذ “محمد ياسين الأقطع” من مصر.

مقالات ذات علاقة

الفنانة ومهندسة الديكور عائشة القباج تشارك في معرض جماعي بالرباط

المشرف العام

عذارى أفكاري

فريدة عدنان (المغرب)

صفاحلي

بادر سيف (الجزائر)

اترك تعليق