لم تختمر الفكرة في ذهني بعد..
وُلِدَت خَديجاً…
يصدحُ ناظم الغزالي بصوتٍ يكاد يمزّق نياط القلب، يحسبه ظمآن الحبّ نَحيباً:
عَيّرتني بالشيّب وهو وقار
ليتها عَيّرت بما هو عار
وتحتار في أمره، فشعره أسودٌ فاحم لا يحمل أثراً من بياضٍ، والوَقار -إن كان مرتبطاً بالشيب – يُلزمه عَدم الخوض في شأن القوارير!
ربّما استدرك ذلك فجاءة، فجاء صوته في مقامٍ موسيقي أهدأ قليلاً مُدندناً:
إن شابت الذوائب مني
فالليالي تزينها الأقمار
وحتى لو أجزنا للشاعر ما لا يجوز لغيره، فالليالي تزينها النجوم في وجود قمر واحدٍ فقط لا أقمار!
الرؤوس المُزيّنة بالأقمار تمايلت مع اللحن فرحاً، فقد ثأرَ لهم الشاعر والمُطرب من عهودٍ متتالية من ظُلمِ للذوائب البيضاء..
فات الشاعر وجود ألوان شعر أخرى لا يُمكن وصفها بالليالي، فالشعر الأشقر نهارات مشمسة تفتقد تزيين الأقمار لها متى اشتعل رأسها شيباً…
ناظم الغزالي ومثله في ذلك صاحب الأبيات ومن ساروا على دربهِ استثنوا المجرم الحقيقي وراء هذه المعاناة:
الميلانين…
فهو من أوقعهم في هذه المعضلة، وهو من يجب يُلام وأن تُعيّره الحَسناوات بتكاسله عن العمل، والتوقف عن إنتاج صبغاته دون سابق إنذار، أو تعبيرٌ عن رغبته في التقاعد المزاجي، ضَارباً بحاجة الذوائب السَوداء له عرض الحائط.!
لكنه وإنْ خيّب ظنّ العاشِق الوَلهان، كان عَادلاً مُنصفاً شُجاعاً، لم يُرعبه حتى طغاةٌ ألقوا الرُعب في قلوب شعوبٍ مقهورة، ولم يجدوا له سبيلاً الاّ بصبغة سوداء فاحمة، سرعان ما يهزمها لتكشف عما تحتها من ألوان قرمزية …!
يتبادر دائما في ذهني سؤال: لماذا يعشق حكام العالم الثالث صباغة شعر رأسه؟
البعض أيضاً جعل من المثل: الشيب والعيب، جريمةً ضّد أمن الدولة…!
ويكمل ناظم مُنتشيّاً:
حياك بابا حيّك
ألف رحمة عل بيّك
هاذولا اللي عدلوني
هاذولا اللي مرمروني
على جسر المسيّب سيبوني
……….
ولم تختمر الفكرة بعد….