أسـماء عـمارة
*
الإعلام هو أن يعلم الناس بما يحدث حولهم، أي بأن ينشر هذا الإعلام الأخبار فيما يخص جميع المجالات، مع الاعتماد على مصدر معلومات موثوق، وخصوصا ونحن نعيش في ظل عصر التقنية، وفي وجود وانتشار وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، بالإضافة إلى انتشار شبكة المعلومات الدولية، التي في العادة تستخدم لمصلحة الإعلام، فيتحول العالم بفضل هذا كله إلى “قرية صغيرة” الجميع فيها يعلم ما يحدث بها.
وهنا يتبادر لذهني سؤال وهو: أين الإعلام الليبي في خضم هذا التطور الإعلامي العربي والدولي؟ وتحت أي مصنف يمكننا تصنيف الإعلام في ليبيا؟ وهل يوجد لدينا إعلام بمعنى كلمة إعلام؟ وهل توجد لدينا حرفية حقيقية في صياغة الحدث ونشره؟ وهل لدينا الصلاحية في إعداد البرامج وبثها في شتى القنوات الإعلامية الليبية؟ أم أن مؤسساتنا الإعلامية هي كباقي مؤسسات الدولة الليبية المبنية على المصلحة والعشوائية!
أما بخصوص مؤسسات الإعلام، وما يحدث فيها وبها، فنجد على سبيل المثال بأن بعض هذه المؤسسات الإعلامية، يكون التعيين فيها حسب العلاقات والروابط الاجتماعية، ولا تنظر البتة إلى أصحاب الخبرة والقدرات والكفاءات الإعلامية، التي تميز شخص عن غيره، وكثيرا ما نجد أن من يدير المؤسسة الإعلامية، يتصرف بها وكأنها ملكه الخاصة، والجميع فقط تحته خدم وعبيد لديه، كما أن المتتبع لوسائل الإعلام المختلفة في ليبيا، سواء تلك المقروءة أو المسموعة أو المرئية، سيكتشف إننا حقاً نعاني من عدم وجود إدارة مبنية على أساس علمي وسليم.
لهذا فإنني أرى أنه من الضروري النظر لهذه المشكلة بشكل أعمق، لأنها من أساسيات العمل الإعلامي الحرفي والناجح، ولابد أيضاً من إحداث ثورة إدارية حقيقية لإنقاذ مستقبل الإعلام في ليبيا، فكيف سيتقدم الإعلام الليبي ليواكب الإعلام المعاصر، الذي تفوق علينا بمئات السنين؟ و كيف سنطوره ومازال بعض الذين قدموا أعمالا للمؤسسات الإعلامية يعانون من مشاكل حقوقية وإدارية مزمنة؟ وكيف نريد أن يكون لنا إعلام ينافس الإعلام العربي والعالمي وإعلامنا في الداخل والخارج، لم يقم بكامل دوره في إعطاء صورة حقيقة عن ليبيا وما يحدث بداخلها؟ وهنا لي سؤال يطرح نفسه: ما هو الدور الذي تقوم به المراكز الثقافية الليبية بالخارج؟ وما هو دور الإعلاميين الليبيين بالخارج؟ وكم من أموال صرفت على هذه الملاحق؟ في حين لم نر لهم عملا إعلاميا حقيقيا.
في الوقت الذي نجد فيه، أن المؤسسات الإعلامية في ليبيا، تحاول أن تنافس القنوات العربية والعالمية من حيث العدد، نجدها لا تهتم على الإطلاق من ناحية الكيف، أي بمعنى (مهتمة بالكم و ليس الكيف) فما أكثر القنوات الفضائية الليبية، التي تصرف عليها أموال طائلة، وفي آخر الأمر، تكون النتيجة صفر على الشمال.
بالرغم من كل هذه المآسي، يبقى هناك الأمل في صنع الغد الأفضل للإعلام الليبي، وحتى يتحقق ذلك، لابد من وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فليس من المعقول أن نضع عسكريا على رأس مؤسسة إعلامية، لإن إدارته ستكون عسكرية.
نحن في المؤسسات الإعلامية، نحتاج لمساحة أكبر من الحرية لطرح أفكارنا، وكما أنه ومن الضروري، أن يفتح المجال أمام مبدعينا، لطرح أعمالهم وأفكارهم، لابد من وجود دماء جديدة، مهيأة ومدربة وذات خبرات عالية بالمجال الإعلامي، حتى تقود المؤسسات الإعلامية، بطريقة صحيحة وسليمة.
كما إننا لا يمكننا أن نتغافل عن دور بعض البرامج، في توعية المواطن، سواء كانت إذاعية أو مرئية، تلك البرامج التي تحاكي وتناقش هموم المواطن بشكل مباشر، حتى وإن كانت موجودة فيما سبق، وفي بعض الأحيان تطرح بعض القضايا، التي تعني وتهم المواطن الليبي، ولكنها للأسف لم تجد حلولا ملموسة، من قبل المسئولين في الدولة الليبية.
وأخيرا وليس آخر، وحتى لا يطول بنا الحديث، أود توجيه سؤال لمسئولي الإعلام في ليبيا: هل يعقل ونحن في الألفية الثالثة وفي عصر التقنية العالية لإيصال الصورة الإعلامية، بشكل مميز ورائع ومازالت قناة “الجماهيرية الأولى” بذات المواصفات الرديئة، من حيث الصورة والبرامج والأفكار، والديكور .. إلخ، بالإضافة إلى تدني المستوى الإعلامي والثقافي لمن يعمل في برامجها؟