الطيوب | متابعة وتصوير : مهنَّد سليمان
شهدت فضاءات المدينة القديمة طرابلس ليلة يوم السبت 16 مارس الجاري انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من ليالي المدينة الموسم الرمضاني لعام 2024م، وذلك تحت شعار (أيام الخير)وسط حضور لافت من الكتّاب والأدباء والمثقفين والمهتمين، حيث نُظمت أولى المناشط الثقافية بإقامة أمسية خاصة بالشعر المحكي بحوش محمود بي بزنقة فرنسيس شارك فيها نخبة من شعراء المحكية وهم : الشاعر “الصيد الرقيعي“، والشاعر “سالم العالم“، والشاعر “محمد الدنقلي“، والشاعر “عبد المنعم الفليليح“.
تجربة الشعر المحكي
فيما ألقى الشاعر “صالح قادربوه” المسؤول عن البرناج الثقافي لليالي المدينة كلمة الافتتاح التي أشار من خلالها إلى أهمية تجربة الشعر المحكي الليبي وانعكاس تجربته القيِّمة على المشهد الأدبي عامة والشعري على وجه الخصوص لاسيما ما يمتاز به من عمق حداثوي مبيّنا في آن الدور الذي لعبته الأصوات الإبداعية في النهوض بالشعر المحكي وإعلاء منزلته بين الأجناس الأدبية الأخرى، بينما استهل الشاعر”سالم العالم” مشاركته بقراءة باقة من نصوصه الشعرية متغزلا بعينيّ محبوبته مختزلا ملامحها على كف الوطن إذ أنشد بالقول : (يا من يجفف دمعتي بالدم، ويقولي فعلا أنا منها ولا أنا ملموم لمّ)، وفي نص آخر أخذ العالم يستشف ما وراء المعاني قائلا : (رغم إنه الحكاية في العين مش واضحة لك المعاني رغم إنه الكلمات في العين مكتوبة، ومش واضحة حدود الطريق حتى وهي خطواتنا محسوبة، وما بين عين الوهم وعيون التمني إرياح الهوى محتارة).
روح الفصحى
من جانبه قرأ الشاعر “الصيد الرقيعي” مجموعة متنوعة من أشعاره المصقولة بروح الفُصحى والممهورة بفم الناي مُحدِثا على أديم الإيقاع دويّا يُشبه صرخة الميلاد ففي إحدى النصوص يقذف بعبارة مكثفة ترجمتها اللغة وفق النحو التالي: (واقف على ذكراي)، وفي نص ثانٍ يقول: (تطوي المراحل بين مد ورد لا ينتهي ترحالها لا تكنّ لا ترتاح، يا مهاجرة بمعنى العشق، والعشق سري وغايتي يا وجه بملامح وطن)، وفي نص ثالث يطرح الرقيعي تساؤلاته الوجودية(ما بين ظلي والنهار وقفت في لحظة انكشف فيها النظر وتواردت وجابت الأفكار) وفي موضع آخر يتابع (تساءلت كيف طفل انبهر بدنيا عجيبة واسعة وعالم يفيض أسرار).كذلك كان للشاعرين “محمد الدنقلي”، وعبد المنعم الفليليح” مشاركة متميزة بقراءة مختارات من نصوصهما المحكية فقرأ الفليليح (كل المفازات الغريبة ويا شمس تكتم في خيوط الشعاع، يا شوق الوفي وين وفّى حبيبه شوقك شوق النرد لدموع الندى أما الشاعر محمد الدنقلي فكان مثلما عهده محبوه متى ما ينبري على المنصة حتى يُشيِّد تلك العوالم التي فاضت بها أحلام قصيدته ما بين دموع عاشقة تتوق للعودة إلى الوطن وبين ما يحمله الشاعر من أمكنة تتوزع دفقاتها أينما نثر الصباح بذوره.