عمر الكدي
حمار جدي
امتلك جدي عدة حمير
حكى لي عنهم جميعا
ولكني منذ أن حملني إلى بيته
بعد فطامي مباشرة
ارتبطت بصداقة مع حماره الأخير
كان حمارا أسود قويا
يسميه جدي الأدغم
ينظفه بفرشاة كبيرة
قبل أن يضع البردعة على ظهره
يتركه معظم السنة في العراء
حيث يطرد بذيله الذباب
ويرفع أذنيه فجاءة إذا أحس بالخطر
ويتركه في كوخه في الشتاء
بعد أن يربط على ظهره غطاء سميكا
ويسقيه من البئر
ويعشيه قبل أن يتعشى
وعندما يراه وقد أخرج ذكره
ليضرب به بطنه وهو ينهق ويضرط
يطلق سراحه فيهجم على حمارة الجيران
ويعود مجهدا بكدمات في وجهه
فيضمد جروحه ويمازحه
قائلا من أجل عيون الزيت
تؤكل الفيتورة
يعتذر جدي من الجيران
لأن الحمار فك رباطه في غفلة منه
لكنهم يحتفلون بعد أشهر طويلة
عندما تلد الحمارة جحشا يشبه الأدغم
يستغرب جدي من تصرف الجيران
ويتساءل يتوسلون اليك كي تمنحهم التيس والكبش
لينكحا كل قطيعهم ويتظاهرون بأنهم
لم يسمعوا صيحات التيس طوال الليل
ويغضبون إذا اقترب حمارك من حمارتهم
فالتيس والكبش ينكحون في الظلام
أما الحمار فيفعلها في وضح النهار
وبأكبر قدر من الصخب
ويستنتج أن الناس تخاف من الفضيحة
وليس من ممارسة الجنس
ينهض الأدغم واقفا كلما رأى جدي
كأنه جندي يقف لقائده
لم يحمل جدي عصا
أو يضع اللجام في فم الأدغم
يتركه يمشي بخطواته النشطة
إلى حيث يريد
في السوق يقف في المربط المخصص للحمير
وإذا حمل عليه شيئا
يمشي خلفه فالأدغم يعرف الطريق إلى البيت
مات الأدغم عندما تكاثرت السيارات
وأزدحم الطريق
دفناه في حلق قريب
وبعد عام كشفت السيول عظامه
فحملها جدي ودفنها في مربطه
وقال الآن عاد الأدغم إلى بيته
لم تبق إلا بردعته شاهدا
على أن حمارا ذكيا عاش بيننا
بينما تكاثرت الحمير الغبية
وهي تلبس مسوح البشر.