عمر الكدي
جدي أضرب عن الحج
رفض جدي الحج رغم الحاحنا الشديد
وبرر رفضه بخوفه من الطيران
قائلا هل أنا مجنون لأركب في أنبوب
يغيب بي في قلب السماء
أدرك أن جدي منذ أن تجاوز الثمانين
لم يعد يخاف حتى من الموت
سمعته مرة يحدث نفسه قائلا
لماذا أقطع كل هذه المسافات
لاقبل حجرا أسود
وأرجم حجرا آخر باعتباره الشيطان
وأقف وسط هذا الخلق على قمة عرفات
وأنا لأطيق أن يشاركني أحد قمم الجبال
لكن جدتي حجت بعد أن زارت كل بيوت القرية
طالبة الصفح والغفران
ودعناها بالكثير من الدموع والدعاء
ودلقنا خلف موكبها الكثير من الماء
وعادت إلينا حمامة بيضاء
احتضنت جدي بقوة وقالت له
أمضيت حجي وأنا أدعو لك
خوفا أن أدخل الجنة وتدخل أنت النار
فنظر إلينا مبتسما وقال
يا لحظي العاثر لن تتركني حتى هناك.
*
جدي ورمضان
عندما يحل رمضان
يصبح جدي عجوزا لا يطاق
أحيانا نغيظه ونقول له
لكن رمضان شهر مبارك
فيقول إذا كان مباركا
لماذا جعلوا العيد في فراقه
منذ السحور يشعل آخر لفافة
ويدخل إلى بيت الحفر
مثل ثعبان يدخل في سبات
ويخرج بعد العصر
بوجه من صخر وعيناه غائمتان
يلعن المؤذن إذا تأخر
ويلعن الحر ويطارد ذبابا لا يرى
وبعد المغرب تلمع عيناه
مثل مومياء تعود إلى الحياة
وترتفع ضحكته النحيلة
من بين سحب الدخان والسعال.