سالم البرغوتي
قبل كل شيء هي قراءة شخصية لا علاقة لها بالنقد الأدبي.
ثمة من يرى أن الرواية الأكثر نجاحا هي الرواية الأكثر بيعا حتى وإن كانت تفتقد للشروط الفنية. وثمة من يرى أن للرواية شروط فنية. الزمان والمكان والحبكة والموضوع واللغة وغيرها وهي اشتراطات أكاديمية لا علاقة لها بذائقة القارئ.
في رواية (أسرار عائلية) للروائية فاتن الفازع والتي كتبتها باللهجة التونسية، لا أرى من وجهة نظري أنها رواية تستحق أن تكون الأعلى بيعا لسنة 2023م في تونس، وما يؤكد ذلك ما وصفه آلان دونو في كتابه (نظام التفاهة)؛ بأنه نظام اجتماعي تسيطر عليه طبقة من الأشخاص التافهين على جميع مناحي الحياة، وبموجبة تتم مكافأة الرداءة عوضا عن العمل الجاد.
في حوار تلفزيوني مع الروائية فاتن الفازع، أدركت وأن أشاهده أن آلان دونو على حق فيما كتبه عن نظام التفاهه.
ربما ابتعدنا في هذا الاستهلال عن رواية مروان كامل المقهور.
بالنظر لأن الرواية هي الأولى لمروان المقهور، سأعتبرها عملًا سرديًا رائعًا بالرغم من اعتراضي على عنوان الرواية، الذي أختاره الكاتب من بين عنوانين كان أحدهم (أحياء من أجل ابتسامه).
وفي الحقيقة أن عنوان أي رواية في أغلب الأحيان، يكون جاذبًا للاقتناء من المكتبات، وهو ربما عامل نفسي، كما حدث لرواية العقيد لكوثر الجهمي، بالرغم من أنها رواية جميلة للغاية.
ينتمي مروان المقهور لأسرة أدبية، فوالده القاص الكبير كامل المقهور، وأخته القاصة الملكة عزة كامل المقهور.
وفي اعتقادي أن رواية مروان فيها شيء من روح عزة الأدبية، وذائقة وثقافة كامل المقهور، غير أن هناك شيء آخر ينسلخ فيه مروان المقهور عن جلباب أبيه في صناعة شخصية غردت خارج سرب آل المقهور في توظيف شخصيات الرواية، لإطلاق رسائل سياسية واجتماعية تقول إحداها:
(كم عشقنا ذلك الربيع ورحبنا به، لكنه ربيع مخادع، ختلنا وضحك منا، سكرنا بنشوته وطربنا ورقصنا لانهيار النظام، وعندما أصبح الصبح لم نتفق على ظلام آخر نلعنه فتبعثر الكره بيننا، ولم نجد صنما نرجمه فقذفنا بعضنا).
رواية تستحق القراءة، وروائي يمسك بأدواته جيدا في تجربته الأولى.