قراءات

قراءة في كتاب «ما بعد الاستعمار والقومية في المغرب العربي»

«ما بعد الاستعمار والقومية في المغرب العربي» كتاب جديد من إعداد وتحرير البروفيسور الليبي د.علي عبداللطيف أحميده رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة نيو إنغلاند بيدفورد بالولايات المتحدة الأميركية. تميز الكتاب بعمقه من خلال جمعه لدراسات ورؤى وقراءات محكمة لكتاب عرب وأجانب شاركوا في طرح رؤى منهجية مختلفة، ومعارضة للرؤية المركزية الأوروبية، في قراءة التاريخ للمجتمعات غير الأوروبية.

يسلك كتّاب الدراسات منهجًا عميقًا يسعى لفهم وتحليل الظواهر التي شهدتها بلدان المغرب العربي في مرحلة الاستقلال، وفهم القوى التي قادت تلك المرحلة وخلفياتها الاجتماعية، وتحالفاتها من أجل توطيد سلطانها، وكذلك طبيعة التفكير الذي ساد النخب السياسية، ثم الانفصال الذي كان يزداد عمقًا بين هذه النخب والفئات الاجتماعية الشعبية، مما فتح الباب أمام قوى جديدة برؤية معادية للاستعمار، لكنها تستخدم نفس منهجه وأدواته وعنفه أيضًا في توطيد خطابها الفكري.

عن المصدر
عن المصدر

أنجز الكتاب باللغة الإنجليزية التي يستعملها الكاتب في كل معظم إنتاجه الأكاديمي. وقام بالترجمة القاص الليبي جمعة بوكليب، الذي بذل وقتًا طويلاً وجهدًا كثيفًا لإتمامها.

يقول بوكليب: «الترجمة لم تكن سهلة بالنسبة لي، خاصة أنها التجربة الأولى على المستوى الأكاديمي والفكري الراقي، من خلال كتاب موجه في الأساس للنخبة، ففي كثير من الأحايين، وجدتني غير قادر على فك العديد من طلاسم المصطلحات الأكاديمية والفكرية واللغوية، مما اضطرني إلى الاستعانة بالعديد من الأصدقاء ذوي التخصص والخبرة، في أماكن كثيرة من العالم، والجلوس في المكتبات ساعات طويلة، لتتبع المعاجم والموسوعات ضبطًا لكل كلمة أو مصطلح».

ويضيف د. علي عبداللطيف أحميده: «ولدتْ فكرة هذا الكتاب العام 1996، حينما سألني مؤرخ بريطاني سؤالاً صدمني بقوله: (لماذا يعاني الليبيون من هوس الارتياب في الاستعمار الإيطالي؟). سألني هذا السؤال، عقب محاضرة ألقيتها في جامعة لندن، حول الأصول الاجتماعية للمقاومة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي. فسألته بدوري (ماذا تعني بكلمة هوس الارتياب؟)، قال لي إن (للصوماليين والإثيوبيين والإريتريين رأيًا إيجابيًا حيال الاستعمار الإيطالي. إن فترة الاستعمار الإيطالي تمثل مرحلة تحديثية في التاريخ الليبي، رغم حقيقة أن نصف عدد سكان الشعب الليبي قضي عليهم، كما أن الآلاف منهم شردوا ودفعوا إلى المنفى)».

ويواصل أحميدة بقوله: «أجبته على الفور بأن الشعب الليبي، مثل غيره من الشعوب التي تعرضت للاضطهاد والقمع على أيدي مستوطنين متوحشين، لديهم كل الأسباب التي تجعلهم يكرهون الاستعمار. هذه المواجهة، بالإضافة إلى حيرة جيلي مع الأنظمة الوطنية في بلدان المغرب العربي، قادتني نحو التفكير في قراءة نقدية للاستعمار والنظريات القومية. وهناك أسماء عربية وأجنبية مهمة لها خبرتها وتميزها في هذا المجال ساهموا ببحوث تناولت جانبًا كبيرًا من معضلة الاستعمار وما خلفته من تداعيات وتأثيرات ظلت حاضرة إلى الآن منهم أدموند بيرك الثالث وعبدالرحمن أيوب، وإدريس مغراوي وغيرهم».

صدر الكتاب في بيروت هذا العام عن منشورات وزارة الثقافة والمجتمع المدني بليبيا، وتأخر صدوره كل هذا الزمن الذي تجاوز 13 عامًا بسبب مشاكل إدارية وعدم استقرار الأوضاع في ليبيا، بالإضافة للوقت الذي أخذته مرحلة الترجمة والمراجعة.

يقول د. أحميدة عن كتابه: «هذه المجموعة من المقالات المدرجة في الكتاب، تركّز على بلدان الشمال الأفريقي وهي المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر، ممتدة من المحيط الأطلسي إلى وادي النيل، وتشمل موريتانيا. تكوّن هذه الدول (المغرب العربي) الجزء الغربي من العالم العربي الإسلامي. وتتشارك في بيئة طبيعية مشتركة، وإرث استعماري، والمذهب السَّنُي المالكي، وثقافة مزيج من العربية والبربرية والأفريقية والأوروبية».

_________________________

نشر بموقع بوابة الوسط

مقالات ذات علاقة

عند أعتاب القصيدة

علي عبدالله

إطلالة على كتاب التأويل الحداثي للتراث لإبراهيم السكران

المشرف العام

رسائل العوكلي والطويبي… موسوعة باذخة الجماليات

المشرف العام

اترك تعليق