من اعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني
قصة

السَّحابة السَّابعة

الشريف بوغزيل

من اعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني
من اعمال التشكيلي الليبي .. علي العباني

 

1
مدينة بحَجْم السَّحابة السَّابحة في فضاء الله. بل هي عَين السَّحابة… هي الانْهِمار والقَطر والنَّدى… يرْتادها العَابرون السَّالكون وتمْطر على حَنايا سفْحها برْد وبرْق وعلامات أخْرى لأولياء صالحين إنَّها مدينتي.. مَدينة الماء. مَدينة الأولياء والشُّهداء…

2
تُحَاكيني جدَّتي من الرُّكن المُطل على منْبر السَّماء،لذلك الوادي المُتَاخم لبيتنا تماما،وأينما رحنا قِبلتنا الرُّكن المُطل على ذات الوادي.
تباغتني بكلامها المزهر المُعَطَّر بعبق الصبَّاح،كمَدخل أنِيق لصَباح متَفائل لولد يرى مَعالم البُشرى الطيَّبة والأَمَاني المُوَفَّقة بالدُّعاء الممْزوج بالإنْطلاق دونَما خَوف … اليوم مَوعد تعبئة جِرار المسْجد وحَمْل التُّمور والخُبز للعابرين الذين يطُوفون حَول تلك البلدة النبيلة المكللة بالدِّفلى ورائحة التُّراب والماء،تحفزني وهي تُقيف ملابسي الدّافئة،أسرع..أسرع قبل هُطول السَّحابة الثَّالثة،إنَّها سحابةُ الضُّحى التي تشبه ابنتي بعد مضي أربعين عاما عن زمن الطُّفولة
أقاطعها …
عندما أعُود سأكتب عنْك أسماء السَّحابات السَّبع يا جدتي…وأعرف أنَّ هذا لن يحدث لأن جدَّتي تُؤمن بالنَّقش والإشَارة وآيات تُرَدِّدها عند تفْسير الأحلام ومُداواة الأطفال.

3
أخطو إلى ذلك الضَّريح المنتصب على قمة الربوة التي يطل عليها كل سكان المدينة. ويحلِّقون حولها كطُيور الغُروب في بلدتي..حيث حِكاية المساء والدِّفء وتلاوة القُرآن ورائحة المباخر التي تعد لطقوس السَّحابة. إنَّها بلدة ونَاس لا يملُّون المَطر ونفُوسهم تعْشَق الانهمار والبُخور وأعْواد الجَبل وما تبَقَّى من سيرة المُتَصوِّفة والعلماء .قبل لحْظة النَّوم. وامتِزاجها بأحلام المدينة النَّائمة على الدعاء والبَركة وعزيمة العَابرين والدَّراوشة وكلّ السَّالكين…
تنهَمِر السَّحابة قطرا ممزوجا برائحة الآيَات الصَاعدات نحو الله.فتُحلِّق مدينتي بطُهرها نَحو الله لتنام في الرُّكن البهيج للسَّماء لتعود قطرة في صباح آخر ليْس ككُل الصَّباحات.
هكذا قالت جدَّتي.

4
ينطلق حِوار مَنزلي حميم،لزيادة الأغطية والحرص من البرد،البرد هذا المعشوق عند ذهابنا للدَّرس في جوقة الطفولة الملوِّنة البسيطة.ومُرورنا على جَرس الكَنيسة كي نعْلق به حتى يدقَّ. وشراء الحلوى و أغمار اللَّوز والتفَّاح البري وما يؤكل من الشُّجيرات المُحيطة بالبلدة. إنها حكاية الدفء والولي.

5
ولِيٌّ علَّمنا (اقرأ) وعلَّمنا قِيم أهل هذه البلدة ومثلهم البريئة الطَّيبة. التي لولاه لما كانت تُشْبه البرق المُلامس لقلوب أهْلها. أهلها الحَالمون بالمطر المعلَّقة عيونهم بالسَّماء بحثا عن سحابة سابحة في فَضاء الله تهْطل بعد قليل وقبْل انهمار
الحِكاية ببُرهَة…

مقالات ذات علاقة

لماذا ذهبت إلى العراق !؟

جلال عثمان

لا خيار

غالية الذرعاني

قصة رصاصة فقد

المشرف العام

اترك تعليق