*معارضة لقصيدة صديقي الشاعر الكبير (عصام الفرجاني) حول (فاجعة درنة) التي مطلعُها:
هل خانكَ الشِعرُ إذ راودْتَهُ فأبَى … أم خلتَ كلَّ الذي أبصرتَهُ كذِبا
إبراهيم المسماري
مَنِ الذي قال فوحُ الياسمينِ خَبا … مَنْ قال ذلك إمّا ظنَّ أو كَذَبا
أو أنّ قولتَهُ من هولِ فاجعةٍ … قد ألجمتْ عقلَهُ فاختلَّ واضطَربا
يابائعَ الزهرِ لم تهجُرْ مدينتَنا … ولا القلوبَ ولا الأحداقَ والهُدُبا
يابائعَ الزهرِ لم تترُكْ أزِقّتَنا … مازال عِطرُك في الأردانِ مُنسكِبا
هذي عقودُكَ في الأعناقِ ما برِحتْ … تمائمًا تطرُدُ الأحزانَ والوصَبا
يا ناشرَ العطرِ فينا في مواجِعِنا … مازال خطوُكَ في الأرجاءِ مُرتقَبا
الياسمينُ الذي تُهْديهِ مَن عبَروا … دربَ (الفنار) لدينا لم يزلْ رَطِبا
الراحلون لنا ألقَوهُ وانصرفُوا … فحلّقَ العطرُ في أجوائِنا سُحُبا
عذبُ الرحيقِ أتانا مِن أصابِعِهِمْ … لما بها لوَّحُوا في غاسِقٍ وقَبا
إني أشُمُّ شذًا منه هنا وهنا … في كلِ بيتٍ بأحبابٍ لنا نُكِبا
مضَوا ورودًا فراح السيلُ يزرعُهُم … في كلِ زاويةٍ زهرًا نما ورَبا
هم و(الصحابةُ) في رَكْبِ السنَا ارتحلوا … فبُورِكَ الصاحبُ الزاكي ومَن صَحِبا
ببالغِ الحُزنِ أبكيهِم وأندبُهُم … لكنْ أيُرجِعُ هذا الدمعُ مَن ذَهَبا
يا دُرّةَ الجبلِ المكلومِ يا نغمًا … بهِ شَدَونا بَياتًارائقًا، وصَبا
في سالفِ الحبِ كم كنا نُدَنْدِنُهُ … مِن قبلِ أن تولدَ الألحانُ ذاتَ صِبا
أرثيكِ والقهرُ في جنبيَّ ملتهِبٌ … ياغادةً تركتْ في خافقي لَهَبا
سكبْتُ دمعِيَ في واديكِ نهرَ أسًى … ممّا عَراكِ وحتى خافقي انسكبا
حاولتُ إن أكتمَ الآهاتِ فانبجستْ … شِعرا وقهْرًا كسَيلٍ يهتكُ الحُجُبا
إنْ يسرقِ الموتُ في سَهْوٍ أحِبّتَنا … فليس يسرِقُ تذكارًا لهم عَذُبا
ما زال للحبِّ يازهراءُ متّسَعٌ … رغم الظلامِ فنبْعُ النورِ ما نَضَبا
مازلتِ ماثِلةً رغم الأسَى قمرًا … يبثُّ فينا اشتعالَ البوحِ، والطرَبا
وفي الصحابةِ أطواقٌ مُلوِّحةٌ … للهائمينَ سناها بعدُ ما غرَبا
شلالُكِ العذبُ مازالت حلاوتُهُ … في كلِ قلبٍ براهُ الشوقُ فالتَهبا
والياسمينُ سيبقَى رغم مِحْنتِنا … مَنِ ذا الذي قال فوحُ الياسمينِ خَبا
*معنى المعارضة في الشعر: أن ينسجَ الشاعر على وزن القصيدة وقافيتها وموضوعها دون خروج عن ذلك، وليست المعارضة هنا بمعناها اللغوي وهو المضادّة.