شعر

يا بائعَ الزهرِ !

*معارضة لقصيدة صديقي الشاعر الكبير (عصام الفرجاني) حول (فاجعة درنة) التي مطلعُها:

هل خانكَ الشِعرُ إذ راودْتَهُ فأبَى … أم خلتَ كلَّ الذي أبصرتَهُ كذِبا

إبراهيم المسماري

بائع الزهر في مدينة درنة (الصورة: عن الشبكة)
بائع الزهر في مدينة درنة (الصورة: عن الشبكة)

مَنِ الذي قال فوحُ الياسمينِ خَبا … مَنْ قال ذلك إمّا ظنَّ أو كَذَبا

أو أنّ قولتَهُ من هولِ فاجعةٍ … قد ألجمتْ عقلَهُ فاختلَّ واضطَربا

يابائعَ الزهرِ لم تهجُرْ مدينتَنا … ولا القلوبَ ولا الأحداقَ والهُدُبا

يابائعَ الزهرِ لم تترُكْ أزِقّتَنا … مازال عِطرُك في الأردانِ مُنسكِبا

هذي عقودُكَ في الأعناقِ ما برِحتْ … تمائمًا تطرُدُ الأحزانَ والوصَبا

يا ناشرَ العطرِ فينا في مواجِعِنا … مازال خطوُكَ في الأرجاءِ مُرتقَبا

الياسمينُ الذي تُهْديهِ مَن عبَروا … دربَ (الفنار) لدينا لم يزلْ رَطِبا

الراحلون لنا ألقَوهُ وانصرفُوا … فحلّقَ العطرُ في أجوائِنا سُحُبا

عذبُ الرحيقِ أتانا مِن أصابِعِهِمْ … لما بها لوَّحُوا في غاسِقٍ وقَبا

إني أشُمُّ شذًا منه هنا وهنا … في كلِ بيتٍ بأحبابٍ لنا نُكِبا

مضَوا ورودًا فراح السيلُ يزرعُهُم … في كلِ زاويةٍ زهرًا نما ورَبا

هم و(الصحابةُ) في رَكْبِ السنَا ارتحلوا … فبُورِكَ الصاحبُ الزاكي ومَن صَحِبا

ببالغِ الحُزنِ أبكيهِم وأندبُهُم … لكنْ أيُرجِعُ هذا الدمعُ مَن ذَهَبا

يا دُرّةَ الجبلِ المكلومِ يا نغمًا … بهِ شَدَونا بَياتًارائقًا، وصَبا

في سالفِ الحبِ كم كنا نُدَنْدِنُهُ … مِن قبلِ أن تولدَ الألحانُ ذاتَ صِبا

أرثيكِ والقهرُ في جنبيَّ ملتهِبٌ … ياغادةً تركتْ في خافقي لَهَبا

سكبْتُ دمعِيَ في واديكِ نهرَ أسًى … ممّا عَراكِ وحتى خافقي انسكبا

حاولتُ إن أكتمَ الآهاتِ فانبجستْ … شِعرا وقهْرًا كسَيلٍ يهتكُ الحُجُبا

إنْ يسرقِ الموتُ في سَهْوٍ أحِبّتَنا … فليس يسرِقُ تذكارًا لهم عَذُبا

ما زال للحبِّ يازهراءُ متّسَعٌ … رغم الظلامِ فنبْعُ النورِ ما نَضَبا

مازلتِ ماثِلةً رغم الأسَى قمرًا … يبثُّ فينا اشتعالَ البوحِ، والطرَبا

وفي الصحابةِ أطواقٌ مُلوِّحةٌ … للهائمينَ سناها بعدُ ما غرَبا

شلالُكِ العذبُ مازالت حلاوتُهُ … في كلِ قلبٍ براهُ الشوقُ فالتَهبا

والياسمينُ سيبقَى رغم مِحْنتِنا … مَنِ ذا الذي قال فوحُ الياسمينِ خَبا


*معنى المعارضة في الشعر: أن ينسجَ الشاعر على وزن القصيدة وقافيتها وموضوعها دون خروج عن ذلك، وليست المعارضة هنا بمعناها اللغوي وهو المضادّة.

مقالات ذات علاقة

مناجاة للوطن

فوزية بريون

نصـوص

صالح قادربوه

ليبيا الإدريس

خالد مرغم

اترك تعليق