النقد

عزلة الانسان في اسطورة عائشة

قراءة نقدية لنص (أسطورة عائشة ) للشاعرة الليبية عائشة المغربي

أزمة عزلة الإنسان في مجتمع لا يفهمه

عباس باني – العراق

 

المدينة تتسع

تتسع جداً

إنه التعب يحمل زاده

ويأتي تفاحة طيبة

وأصدقاء متعفنون

مثل شجرة عارية

توسدت عائشة وحدتها

تلفحت طريق الأحزان المشجر

ولجت غابة القلق

قلباً خاوياً

حلماً متعباً

ووقتاً يذبل

تسيل روحي

نبيذاً حارا

تشربني فتهوى عطشا

تهوى صحرا

تضيق حيناً

فتمنحك امتدادا للعطش

وحيناً آخر امتدادا للارتواء

تتبدى سرابا للسراب

يتبعك مأخوذا

ينبجس لي

عاما جديدا

أعيد كتابتي كل لحظة

أمحو السطور القديمة

أمرق دائما نحو الأمام

لكنك تمرق مني خلالي

للحظات التي لم أكتبها بعد

أضع الكحل مرتين

أحدق في مرايا النساء المشروخة

أمشط ثلاثين ظفيرة لموعدالوصول

أتكور ورقة معطرة

خلسة أتدثر في معطفك الشتوي

يهل ربيع قصير

تسرق زهوره شذي المعطف

هكذا يعدني الكهنة:

في الشتائية القادمة

أعبرك ممتطئة نشوة الغابة البكر

أمشط ثلاثين نجمة وقمرا

أشعل النار وانطفئ

لموعد عصي

غيم عقيم يجتاح وجهك الجميل

يتكدس ظلاً لعينيك

أسكن رحيلك

نجمة لجليد السنوات الحزينة

هذه الليلة

يقبضنا الغيم

ضباب بارد جسدينا

والقلب دافئ يتوهج

نسير ضد الريح

تشابك يدك يدي

نتبادل جسدينا

مرة أرتديه

مرة يرتديني

وتارة يرتدينا شتاء المدينة

ابتسم لا تبتسم

المتسول يبعثر الوقت

النهار يهجر الكون

يلتقي القمر والشمسفي الغياب

تلبس النجمة البرية حدادها

تعلن النجوم انطفاءها

في واحة الكهنة المرتشين

الوقت يتحالف على الأفق

والأفق يتسع لمزيد من الضيق

عائشة أفق يتسع لمزيد من الضيق

والوقت أفق يضيق بعائشة

عائشة أسطورة محاصرة بالرمل

تمد خطوة خارج أسوارها

تقبضها الشيخوخة

وفتاها الوجه الملون بالطفولة

المطعون بالقلق

المنفلت من قبضة الكهنة

يتهاوى على سياج الأسوار

يتوسد خطوها على الرمل

ينام في العراء

يصير عراء

الآلهة تبارك كهنتها المخلصين

الكهنة يضحكون

يتبادلون الأنخاب السرية

يشربون نبيذا حارا

الواحة ترقد في صمتها

حين نقرأ نصوص الشاعرة عائشة المغربي نجد أنفسنا أمام شاعرة تعرف كيف تمازج في بؤرة الدالة بصورة متراكبة فيصبح النص لديها أمواج المتلاحقة متراكبة وكل موجه تعمق المعنى وبشكل انسيابي مترابط المنولوج داخلي كثيف الرمز ،أي كل موجه تخضع إلى معنى مختلف كليا عن بقية الأمواج وحتى في بعضها يتصاعد هذا المعنى لديها إلى حد يعلو بحجم المعاناة التي تعيشها وكأننا أمام سيمفونية بين الصعود والنزل حسب المشهد المعبر عنه وفق ذائقة روحها ورؤاها ،مع هذا هي لا تفقد مركز بؤرة دلالة النص بحيث ينفلت خارج مسار التي تريده ويصبح مجرد هذيان بل تعمقه إلى حد حنين اللحظة المتواجد حاولها بحضور المعنى المتدفق ضمن فكرها الوجداني ، فتتحول لحظة حضور الذات في الأشياء عندها إلى لحظة رؤيا روحيه تخاطب الأشياء حولها بأتساع هذه الرؤيا فيتسع النص بالصورة التي تحقق استعارة عالية تقارب بين الصور جميعا إلى حد تكثيف هذه الصور بشروط المعنى ، أي نحن إزاء شاعرة تعرف موقع ذاتها من لعبة الزمن كي تتجنب اليأس تشبثه بالأمل برغم كل ما حولها من أشياء لا تتطابق مع عمقها الحقيقي في الحياة لهذا نراها دائما تتصاعد عندها القيم والمفاهيم التي تنتمي إليها إلى العلو نتيجة الثقة الكاملة بذاتها ليس من باب الغرور بل من ثقتها بالأيمان ما تنتمي إلية من هذه المفاهيم والقيم وهذا النص ما هو إلا تعبير عن هذه الانتماءات الجوهرية لها … المدينة تتسع تتسع جداً إنه التعب يحمل زاده ويأتي تفاحة طيبة وأصدقاء متعفنون مثل شجرة عارية توسدت عائشة وحدتها تلفحت طريق الأحزان المشجر ولجت غابة القلق قلباً خاوياً حلماً متعباً ووقتاً يذبل تسيل روحي نبيذاً حارا تشربني فتهوى عطشا تهوى صحرا تضيق حيناً وفي هذا النص أرتقت بالأسطورة عائشة إلى مستواها كشاعرة أي هي التي جذبت الأسطورة إلى عالمها وليس غابت في عالم الأسطورة وهذا ما جعل نصها يتكاثف برمزيته .فقد أعطت إلى لأسطورة الحياة بنزعاتها الآنية بدل أن ترمز الذات ضمن الأسطورة لهذا نجد أن النص أمتد بمساحة وجدانية عالية ، أعطى إلى اللغة جمالية عالية من الترميز والانزياح باتجاه ذاتها بالرغم أنها لم تفقد الاندماج مع رموز الأسٍطورة كي تبقى دلالة النص واسعة ، وترتقي إلى مستوى النبوءة والرؤيا …وهذا هو سر جمال النص وتفرده من ناحية اللغة التي بقيت صياغتها متحركة على مساحة النص بدل أن تتحول إلى لغة جامدة لا تلبي عمق مشاعرها عكس الكثير من النصوص ، حيث نلاحظ في كثير من هذه النصوص بقدر ما نجد عمق التوتر النفسي في بداية النص نشعر أن النص يتدحرج إلى التسطح وضمور هذا التوتر إلى حد تصبح اللغة هامشية في التعبير والعمق . فنجد في نصها هذا عمق المعاناة التي تعيشها بالرغم أتساع المدينة وأتساع العلاقات المتكونة نتيجتها ولكنها تشعر بالضيق ، لأنها لا تجد لروحها مع من يتماثل مع جوهرها من ناحية طيبتها وفكرها برغم من أتساع هذه المدينة حيث هنا تداخل بين أتساع طيبتها بالرمز من خلال إلى أتساع المدينة وذلك بإشارتها إلى قدرتها أن تعيش بهذا الأتساع لأتساع أفق فكرها وطيبتها ، لكن في نفس اللحظة لا تجد من يستوعب هذه الطيبة ،لهذا وبالرغم أتساع طيبتها لكنها تصاب بخيبة الأمل من هذه المدينة الواسعة حيث أن هذا لا يؤدي إلى أتساع الروح الإنسانية بل يؤدي إلى تسطح هذه العلاقات إلى حد العفونة أي لا تنتج هذه العلاقات الترابط الصميمي في حياة الإنسان والشاعرة هنا تطرح أزمة الإنساني الطيب الصادق والباحث عن العلاقات الحقيقة وليس الزائفة وهذا ما يجعله يشعر بالعزلة والوحدة بسبب عدم عثوره على صدى لطيبته ، والتفاحة الطيبة ما هي إلا رمز إلى روحها الطيبة ( المدينة تتسع /تتسع جداً /إنه التعب يحمل زاده /ويأتي / تفاحة طيبة /وأصدقاء متعفنون /مثل شجرة عارية /توسدت عائشة وحدتها )وسبب طيبتها لا تجد غير أصدقاء متعفنين وهذا ما يسبب شرخ كبير من الوجع والألم في روحها ، أنها لم تجد غير قلبا خاويا وحلما متعبا وعمرها يمضي إلى الذبول ( تلفحت طريق الأحزان المشجر /ولجت غابة القلق /قلباً خاوياً /حلماً متعباً /ووقتاً يذبل ) مع أنها لا تمتلك إلا روحا كالنبيذ الحار أي أنها لا تعيش في روحها إلا العلاقات االحميمية الصادقة ، وبالطبع هذه أزمة الإنسان الصادق اتجاه ذاته واتجاه الآخرين الذي لا يجد الصدق عندهم … فتمنحك امتدادا للعطش وحيناً آخر امتدادا للارتواء تتبدى سرابا للسراب يتبعك مأخوذا ينبجس لي عاما جديدا أعيد كتابتي كل لحظة أمحو السطور القديمة أمرق دائما نحو الأمام لكنك تمرق مني خلالي للحظات التي لم أكتبها بعد أضع الكحل مرتين أحدق في مرايا النساء المشروخة أمشط ثلاثين ظفيرة لموعد الوصول أتكور ورقة معطرة خلسة أتدثر في معطفك الشتوي يهل ربيع قصير تسرق زهوره شذي المعطف هكذا فهذه العلاقات قد تمنحك امتداد العطش كما يمدك السراب بالارتواء من هذا العطش لكن لا يحقق إليك هذا السراب الارتواء الحقيقي بل تبقى أنت في حالة عطش ، فالعلاقات حولها ما هي إلا سراب لا يروي عطشها إلى جوهر روحها الطيب وعمقه الحقيقي ، وعمرها يمضي دون العثور على من يتماثل مع روحها (فتمنحك امتدادا للعطش /وحيناً آخر /امتدادا للارتواء /تتبدى سرابا للسراب /يتبعك مأخوذا /ينبجس لي عاما جديدا ) لتؤكد أن العمر يمضي فهي ما تكتبه في العام الماضي تمحوه اللحظة أي أن ما تعتقد أنها عثرت على من يمثل ذاتها و روحها ، لهذا تبقى لا تفقد الأمل وتستمر بالبحث عن هذه الإنسان ( أعيد كتابتي كل لحظة /أمحو السطور القديمة /أمرق دائما نحو الأمام /لكنك تمرق مني خلالي /للحظات التي لم أكتبها بعد) وهي هنا لانتظر إلى الخلف بل تنظر إلى الأمام واللحظات التي عاشتها بالانتظار قد تقوم بمسحها أي أنها لا تتأسف على عمرها الذي مضى بل لديها الأمل بأنها سوف يكون هذا الانتظار هو الجدوى لمن تنتظره لأنه سوف يمثل كل روحها وآمالها لهذا سوف يعوضها عن الذي مضى ، والشاعرة هنا تبين قدرتها على التمسك بالأمل دون يأس فهو دائما يمرق من خلالها إلى الأمام أي أنها تشعر أنه سوف يحضر . فبعد هذا الأمل ترجع إلى ذاتها كأنثى وتناشد ذاتها كأنثى لتشعر أن عمرها يمضى لأن أنوثتها تمضي برعم أنها كإنسانة متمسكة بالأمل وتمسح العمر الذي مضى ولكن هنا كأنثى يختلف الوقف ، فهي تحدق إلى مرايا النساء المشروخة لشعورها بالتناقض بين موقفها كإنسانة وكأنثى وهذه ما يجعل مراياها مشروخة بين الانتظار والأمل وبين لا انتظار كأنثى ( أضع الكحل مرتين /أحدق في مرايا النساء /المشروخة /أمشط ثلاثين ظفيرة /لموعد الوصول أتكور ورقة معطرة /خلسة أتدثر في معطفك الشتوي /يهل ربيع قصير /تسرق زهوره شذي المعطف /هكذا )وهي استخدمت هنا الاستعارة بشكل كثيف حيث تمشط ثلاثين ضفيرة وهي عمر انتظارها وما الضفيرة إلا استعارة إلى السنين التي مضت أي هي رمز انتظارها في السنين إلى موعد الوصول إلى من تريد أن تجده ، فتشعر بالشتاء وما المعطف إلا الأمل بأن الدف قادم برغم من الربيع القصير ولكن تبقى زهوره في شذى المعطف أي أن الأمل لم يمت لديها بالرغم انتظارها الطويل . لكنها متمسكة بالأمل بأن سوف يأتي …… يعدني الكهنة: في الشتائية القادمة أعبرك ممتطئة نشوة الغابة البكر أمشط ثلاثين نجمة وقمرا أشعل النار وانطفئ لموعد عصي غيم عقيم يجتاح وجهك الجميل يتكدس ظلاً لعينيك أسكن رحيلك نجمة لجليد السنوات الحزينة هذه الليلة يقبضنا الغيم ضباب بارد جسدينا وتستخدم الشاعرة الكهنة هنا كرمز إلى القوى التي لا نستطيع أن نواجهها وهي الأقدار والعادات التي حولها أو لكهنة الكلام الذين يقولون ما لا يفعلون ، وهذا نتيجة عدم امتلاكهم الصدق مع الذات ، حيث أن هولاء يوعدون دون أن يصدقوا بوعودهم مع أن العمر يمضي ولكنها مازالت تمتلك الأمل البكر للاتي ، بالرغم أنها مرت على زمن انتظارها ثلاثين عام مضى وقد تصورت أنها سوف تجد في النجمة أو القمر الذي تراه الأمل لانتظارها لكن دون فائدة وتستمر برحلتها في البحث حيث هنا تشعر أنها اقتربت من هذا الأمل لكن ما هو إلا اقتراب من الوهم والخيبة وما الموعد العصي إلا رمز لهذه الخيبة حيث تشعل النار وتنطفئ أي أنها تتصور أنها وصلت إلى ما تريده في الحياة لكنه موعد عصي في غيم عقيم لا يمطر أبدا (يعدني الكهنة: /في الشتائية القادمة /أعبرك ممتطئة /نشوة الغابة البكر /أمشط ثلاثين نجمة وقمرا /أشعل النار وانطفئ /لموعد عصي /غيم عقيم ) وهنا تكرر الثلاثين بعد أن كانت الثلاثون ضفيرة تتحول هنا إلى نجمة وقمر ونشعر هنا أنها عاشت فترة ثلاثين عام كانت تضفر في كل عام ضفيرة الانتظار من أجل تغير الأخر ولكن دون جدوى من المطر من الغيم العقيم ولا أمل بالتغير باتجاه مفاهيم الحياة من الطرف الأخر وبعد كل هذه الضفائر من الانتظار أصبح لديها نجمة وقمر ينيرا لها ليلها من الانتظار ومن أجلهما هي صابرة لعل يأتي التغير .. لكنها وصلت إلى اليأس بالرغم من هذا الصبر حيث أن النار التي أشعلتها أنطفئت الموعد العصي من انتظار المطر من الغيم العقيم …. والقلب دافئ يتوهج نسير ضد الريح تشابك يدك يدي نتبادل جسدينا مرة أرتديه مرة يرتديني وتارة يرتدينا شتاء المدينة ابتسم لا تبتسم المتسول يبعثر الوقت النهار يهجر الكون يلتقي القمر والشمس في الغياب تلبس النجمة البرية حدادها تعلن النجوم انطفاءها في واحة الكهنة المرتشين الوقت يتحالف على الأفق والأفق يتسع لمزيد من الضيق وتستمر الشاعرة بمكاشفة ذاتها في عواطفها التي تنتمي إليها فهي دائما في قلب دافئ متوهج في الانتماء إلى الطرف الأخر ، بالرغم لأنهما سارا ضد الريح في اختيارهما وتشابكت الأيدي وتبادلا الأجساد ولكن كل هذا لم يوصلها إلى الأمل الذي تبحث عنه بل يوصلها إلى شتاء التوهج في روحها ، وحتى أبسآمتها لم تعد كالابتسامة ، فالوقت يمضي ويتبعثر الوقت ولا أمل بالتغير من الطرف الأخر ، وهذا ما يوصلها إلى نهاية نهار الحياة بالرغم من لقاء الشمس والقمر ، حيث أنها تتحول إلى التمرد ضد هذا الوضع الذي تعيشه وتتحول إلى نجمة برية وحتى نجوم ليلها تنطفئ فيه النجوم ، والليل الذي تنطفئ فيه النجوم إلا الليل الأخير من الحياة (والقلب دافئ يتوهج /نسير ضد الريح /تشابك يدك يدي /نتبادل جسدينا /مرة أرتديه /مرة يرتديني /وتارة يرتدينا شتاء المدينة /ابتسم لا تبتسم /المتسول يبعثر الوقت /النهار يهجر الكون /يلتقي القمر والشمس في الغياب /تلبس النجمة البرية حدادها ) يتحول صبرها وتشبثها بالأمل إلى يأس وخوف من الليل بلا نجوم فقط أنطفئت هذه النجوم في واحة كهنة الكلام المرتشين أي الذين يتغيرون من أجل مكاسب يحصلون عليها وينتهي كلامهم ويعودون إلى سابق عهدهم (تعلن النجوم انطفاءها /في واحة الكهنة المرتشين /الوقت يتحالف على الأفق /والأفق يتسع لمزيد من الضيق ) وهذا ما يجعل أفقها يضيق عليها وكلما أتسع الأفق أتسع ضيقها ، أي لا أمل من التغير وكلما تحاول أن تصبر لا يؤدي هذا الصبر بها إلا إلى الضيق أكثر من الظروف حولها وهنا تبرز أزمتها الحقيقة بأن صبرها لا يؤدي بها إلا مزيدا من الضيق والليل بلا نجوم حيث لا أمل بالتغير … عائشة أفق يتسع لمزيد من الضيق والوقت أفق يضيق بعائشة عائشة أسطورة محاصرة بالرمل تمد خطوة خارج أسوارها تقبضها الشيخوخة وفتاها الوجه الملون بالطفولة المطعون بالقلق المنفلت من قبضة الكهنة يتهاوى على سياج الأسوار يتوسد خطوها على الرمل هنا ترجع الشاعرة إلى ذاتها لتناقشها حول هذا الضيق هل هو بسببها أم بسبب الظروف حولها ، حيث تبرز هنا ( الأنا ) الناضجة بالفكر والروح وما عائشة لكن هنا هي بعيدة عنها كي لا تنحاز إليها كليا بل تراها كأنها غيرها أو كأنها عائشة في المرآة كي تصل إلى تحقق الحقيقة في هذه المناقشة من دون انحياز إلى هذه الذات ، وهنا فهي بالرغم من الضيق مازلت تتسع إلى مزيدا من الضيق أي أن روحها كما ثبتنا في أول نصها أن ذاتها واسعة بوسع المدينة التي حولها ولكن الوقت يضيق عليها فالعمر يمضي دون أمل ، فتحاول أن تمد خطوة خارج أسوارها التي حولها ، لكنها لا تستطيع فهي تقبض عليها الشيخوخة، وحتى وجها الذي كان يتلون بالبراءة والطفولة أصبح مطعون بالقلق من العمر الذي يمضي ، وحتى اختياراتها المنفلتة من قبضة الكهنة تتهاوى على سياج الأسوار ولا تصل إلا إلى خطوها على الرمل ، أي أن صبرها مكابرتها اتجاه الظروف حولها لم يبق منها شيء إلا الآثار على رمل، فالشاعرة حقا أرتقت في تركيب صورها الشعرية وفق ذائقة الانزياح واللغة المركبة من معاناة رحلة حياة الإنسان الذي يعيش ضمن ظروف لا تحقق المستوى البسيط من طموحاته في الحياة نحو التقدم والارتقاء بالعلاقات الإنسانية إلى مستوى الطموح القريبة إلى الذات الإنسانية ، فنشعر أننا نعيش الحياة بكاملها هنا وسط ظروف عصية على التغير، حيث ما الفائدة من أن يأتي التغير بعد مضي العمر إلى الشيخوخة ومع هذا يبقى هذا الإنسان نتشبث بالأمل والأيمان إلى مستوى الأسطورة بالتشبث بالأمل بدل اليأس ..فكانت هذه هي عائشة الإنسانة عائشة الأسطورة بتمسكها بقيمها وأيمانها بهذا القيم النبيلة فتحققت هذه الأسطورة .

مقالات ذات علاقة

السرد والمقاومة: بناء الوعي الوطني في الخطاب الروائي الليبي

المشرف العام

الشلطامي شاعر القضـية

المشرف العام

فضاء «العماري».. أحجية الاغتراب

عبدالسلام الفقهي

اترك تعليق