تشكيل

الفن التشكيل بين التعدد والاختلاف في المستوى الفني والثقافي

التشكيلي الليبي علي المنتصر
التشكيلي الليبي علي المنتصر

في الفن التشكيلي; كعمل فني او كتابة تشكيلية هناك العديد من المستويات والكل “يعمل على شاكلته”, فهناك ذائقة رفيعة تحتاج الى جمهور (مُتلَقٍّ) صاحب ذائقة واعية متفحصة مدركة ورفيعة حتى وان قل عددها او ندر وجودها, كما التي يحتاجها الفنان عند صناعة العمل الفني نفسه, وهنا من يرغب في مستوى اقل وهو المتعارف عليه شعبيا والأكثر انتشارا والمتفق من حوله ان المحاكاة الواقعية والاقتراب من الصورة المرسومة والموجود لها نماذج مقابلة في اذهان العامة من الناس باعتباره الفن, ولا يهم ان يكون هذا الفنان يتقن شروط الواقعية وأَضْفَى نظارة روحه عليها مثل العملاق روبنس او اي شخص يرسم بالفحم والاقلام الملونة وفي اعتقاد جمهوره الغفير والغير مدرك للرسم انه فنان (عالمي), ايضا في مستوى ارتفاع قامة بيتر بول روبنس او رفائيل , فالأمر صعب جدا ان يتم ترقية الذائقة البصرية لرسام حتى وان كان مدرس فن يحمل شهادة الماجستير او الدكتوراه ( رغم وجود فنانين حقيقيين في هذه الشريحة من الاكاديميين أصحاب الشهادات العليا صنعتهم موهبتهم قبل مركزهم العلمي) عبر التاريخ في هذا المجال لان الامر يخص الموهبة التي منها ينطلق الانسان ومن بعد وهذا ضروري جدا الاطلاع الواسع على التجارب التشكيلية في كافة العصور والفهم الجيد لكل منها في سيرتها وفلسفتها وهذا  الذي يصنع الفارق لأنه ليس في متناول الجميع, إن لم يكون هو فنان في اصله يمتلك الشغف للاستمرار والمثابرة لتحقيق ذلك في بيئة طاردة لكل ما هو مبدع, ومن هنا طبعا تعددت المستويات في رؤى الفنانين وتعددت الكتابات التشكيلية أيضا فهناك الكتابات التي تصل الى عمق التجربة وهناك الكتابات التي تكتفي بالسطح والاشارة الى السيرة العامة والاخبار الصحفية القصيرة منطلقة من عناوين المعارض واللوحات معجونة هذه الكتابة بمادة اولية أساسها المجاملات.

ضرورة وجود التنوع والاختلاف في المستوى الفني والثقافي من رسام الى اخر، ومن المهم رصد هذا التميز والاختلاف في شهادات ومقالات ودراسات من البحاث والنقاد، وإلا كيف يمكن ان يكون رفائيل في عصره وكلود مونيه بين جيله وسيزان وغوغان وبيكاسو واميل نولد وروتكو وهوكني وغيرهم من الكبار بين كل هذا التنافس المحموم من معاصريهم.

عندنا مازال الكثير من وسائل الاعلام وخصوصا القنوات الفضائية تتحكم فيها الامزجة السياسية الغير ناضجة والغير مدركة للقيم التشكيلية والتجارب الحقيقية الليبية فتجد اغلب الاستضافات في برامجها تجارب متواضعة وغير مدركة للفهم التشكيلي، تجارب تركن الى التجاري وتقف على عتبات دكاكين البيع السياحي الرخيص واستخدام التراث بشكل هابط وتسويق الهوية الوطنية بشكل سطحي وفكرة (الفنان الصنايعي) العامل الجاهز لتنفيذ أي عمل من قبل صاحب العمل. بدون أي مشروع فني ناضج يمكن ان يشكل إضافة حقيقية.

وبخلاف التجارب الجادة تبقى في الظل ما لم تبادر بمفردها وتجد مكان يليق بمستواها في العرض وفضاء يستوعي كبير حجم رؤيتها.

وفي هذا الحديث يمكن الإشارة الى تجربة فنية صنعت الفارق فيما كنت أتكلم عنه من حيث المستوى الفني في الأداء والاتقان وكذلك الرؤية الرفيعة والمشروع الفني المتكامل تجربة الفنان الليبي علي المنتصر الذي يعمل على مهل في مختبره التشكيلي الخاص على مدى اكثر من 30 سنة وهذه من تجاربه الأخيرة التي سيكون لنا وقف امامها في مقال موسع قادم.    

مقالات ذات علاقة

الخزافة ميسون عبد الحفيظ .. والخروج عن الاطر التقليدية

المشرف العام

قطعة فنية

ناصر سالم المقرحي

دلالاتُ بابِ “إلهام” في “تداخل”

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق