الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
بفضاء القبة الفلكية الرحيب نظم صالون البغدادي الثقافي بالتعاون مع لجنة السلامة اللغوية بمجمع اللغة العربية بطرابلس احتفالية ضمن فعاليات طرابلس عاصمة إعلام العربي تحت شعار(إضاءات حول المسيرة والإبداع)، وذلك بمناسبة حلول الذكرى الثانية لرحيل الشاعر الدكتور “عبد المولى البغدادي” بحضور لفيف من الشعراء، والكتاب والمثقفين ومحبي الشاعر الراحل صباح يوم الأربعاء 23 من شهر نوفمبر الجاري، وتولت إدارة وتقديم البرنامج العام للاحتفالية “ملاك الأزهري” ليفتتح الحفل بقراءة ما تيسر من الذكر الحكيم تلتها كلمة رئيس لجنة السلامة الوطنية بالمجمع الدكتور “محمد عمر بن حسين”، وكلمة أصدقاء الشاعر ألقاها السيد “جمال عبد المطلب” أعقبتها كلمة لرئيس مجمع اللغة العربية الدكتور “عبد الحميد الهرامة” مشيرا فيها بالقول إلى أننا نستذكر في هذه اللحظات رجلا نادر المثال متعدد الخصال قضينا معه زمنا طويلا فعرفنا قيمته وقيمه السامية ،وأدبه الجم وإنسانيته الراقية، مؤكدا بأن الأديب الراحل قضى أكثر من ستين عاما شاعرا يحمل روح الأمل والتفاؤل ويرزع الابتسامة على شفاه الناس، وينعش الشغف بالأدب الظريف في عيونهم وقلوبهم فالبغدادي ظاهرة لا تتكرر كثيرا ففيها سهولة في التعامل ولطف في المعشر، وقرب من الناس على اختلاف أعمارهم وأجناسهم وأحوالهم.
اللقاء الموصول
ثم جاءت كلمة رئيس صالون البغدادي الثقافي الدكتور “محمد علي البحباح” التي أوضح فيها بأن إحياء ذكرى الشاعر الراحل هو لقاء موصول لم ولن ينقطع لأنه وصل في لغتنا مع أساتذتنا الكرام إن هذا اللقاء المتزامن مع فعاليات طرابلس عاصمة الإعلام العربي هو مسؤولية كبيرة على عاتقنا جميعا، مسؤولية في أداء رسالة الفكر والأدب والشعر والثقافة في مجال العلوم الإنسانية داخل المجتمع، وأردف أن المجمع والصالون يساهمان في بناء الفكر الإنساني والمجتمعي بصورة عامة بجمع الكتاب والبُحاث، والمفكرين والمبدعين لتقديم نشاطهم العلمي المتنوع، وبيان أثرهم البارز في الميدان المجتمعي للوصول إلى تقوية العلاقة بين الأوساط الثقافية والفكرية والمجتمع عامة بغية تحصين المجتمع من مختلف الظواهر التي تهدف الفكر والعقل معا، كما أكد البحباح في كلمته أنهم سعوا لاقتراح تسمية أحد القاعات أو المكتبات باسم الشاعر الراحل “عبد القادر البغدادي” لكن الأمر لم يتحرك البتة رغم مطالبة رئيس جامعة طرابلس في العام الماضي، مقترحا على جامعة طرابلس بتسمية مكتبة كلية الآداب أو مكتبة كلية اللغات باسم الشاعر الراحل، وفي المقابل ألقى السيد “عبد الباسط البغدادي” كلمة عائلة الشاعر بالخصوص، تلاه عرض مرئي يوثق لسيرة الراحل ويُبرز أهم مراحل ومحطات حياته وكذلك بُث آخر لقاء مصور للشاعر وهو يُنشد أحد أشعاره.
رثاء الشعراء
وفي فقرة الشعر انبرى ثلة من الشعراء من المخضرمين والمحدثين وهم : الشاعر “محمد المزوغي“، والشاعرة “هاجر الدويك”، والشاعر “إمحمد أبو سطاش” بقراءة باقة مما جادت به قرائحهم في رثاء الشاعر الراحل يُضيئون على مناقبه وشمائل شخصيته وعطاء حرفه السخيّ، بالإضافة لقصيدة ألقاها حفيد البغدادي الشاب “مصطفى محمد البكوش”، وعقب استراحة قصيرة أقيمت جلسة علمية بعنوان (إضاءات بحثية) ترأسها وأدارها الدكتور “محمد الصغير كريديغ”، وشارك فيه نخبة من البُحّاث والأكاديميين بروقات علمية وبحثية، حيث أشار الدكتور “بشير عبد الله القلعي”” من خلال ورقته المعنونة (فن الرثاء وأبعاده الإنسانية عند الأديب الراحل عبد المولى البغدادي) بأن الترجمة والتأريخ لحياة العلماء والمفكرين والأدباء وسيرهم وأخبارهم يعد إحياء لهم، وهو الجسر الذي يعبر عليه الأبناء إلى آبائهم وأجدادهم،، وتطرق الباحث إلى أحد الأغراض الشعرية لدى البغدادي المتمثل في شعر الرثاء ومضامينه الإنسانية، وتناول الباحث في ضوء عدد من النقاط مفهوم الرثاء ونشأته ومكانته في الشعر العربي، وخصائص الرثاء وأنواعه، والمعاني الإنسانية في شعر الرثاء، ومختارات من مراثي الدكتور البغدادي.
الضرورات الشعرية
من جهة أخرى شارك الدكتور “خالد ميلاد العود” بإضاءات أدبية حول عدد من المباحث، تعريف الشاعر للقصيدة، والضرورات الشعرية بشكل عام والضرائر الشعرية التي وجدت داخل القصيدة نماذج وتطبيقات، مشيرا إلى أنه كلما وجدت ضرورة داخل القصيدة أراجع كتب الضرائر الشعرية، من جانبه أوضح الدكتور “صالح محمد الشريف” عبر ورقته المعنونة (قصيدة الوطن الجريح للشاعر عبد المولى البغدادي قراءة في المضامين والدلالات البلاغية للتراكيب) أنه حاول أن يعطي إضاءة حول مضامين القصيدة، مضيفا بالقول أن أهمية القصيدة تكمن تعد وثيقة تاريخية وأدبية مهمة وثقها شاهد عيان على العصر، وسجل فيها ما يجري من أحداث مرت بها بلاده، كما أنها من آخر ما أنشأ الشاعر من قصائد فضلا عن اعتمادها على وسائل وتقنيات بلاغية لها أثرها في نفوس المتلقين.
الإيقاع الشعري عند البغدادي
وانطلق الدكتور “علي البهلول حسن” من إضاءات إيقاعية مُقدما قراءة انطباعية عن ديوان (عودة الحب) متناولا الإيقاع الشعري والموسيقى الداخلية لدى قصيدة البغدادي فاختار إيقاع البديع في شعر البغدادي، ذاكرا فيه بعض الظواهر الظواهر الإيقاعية التي تبرز في الديوان، واختتمت الجلسة العلمية أعمالها بمشاركة الكاتب والإعلامي “يونس شعبان الفنادي” بورقة عنونها (البغدادي كما عرفته وأحببته)مؤكدا فيها على أن البغدادي لم يكن إنسانا فردا أو شخصا واحدا بل وطنا للمحبة والبهاء والظرافة والقفشات والأحاديث الممتعة، وشبكة علاقته الواسعة لا تمنح أحدا إحتكار صحبته أو محبته، وقد أضاء الفنادي على بعض خصائص شعر البغدادي ودواوينه ومطبوعاته لاسيما الأولى منها، وأضاف الفنادي بأن البغدادي حافظ على شكله التقليدي في الكتابة بالعروض الخليلية، مُركزا على تميز القصائد البغدادية بالنفس الشعري الطويل المحافظ على مضمون القصيدة وتماسك كيانها البنيوي دون الإخلال بترابط موضوعها، وإيقاع قافيتها ووزنها الموسيقي.