نبيلة سالم الطاهر
ترتبط شعرية النّص في شعر الشاعر الليبي محمد المزوغي ارتباطًا وثيقًا بدلالات الغياب والحضور؛ إذ تعتمد الذات الكاتبة أحيانًا على خلفيتها النصية ومرجعيتها الدينية أو الثقافية الموروثة.
كما تجدر الإشارة إلى أن النص الشعري عند المزوغي يخبئ نصوصًا من أجناس مختلفة، يمكننا من خلالها اكتشاف علاقات التآلف والتخالف واستحضار النّص القديم من خلال الجديد. لذا، يشير النص الحاضر إلى استدعاء نصوص غائبة عنه؛ ولكنها شديدة الحضور، بوصفها علامة تكشف من خلال استحضار بعض أحداثها وصورها ومشاهدها، عما يعتريه من معاناة أو أي حالة أخرى.
نقرأ ذلك في عديد من نصوصه ولاسيما تلك التي تتناص مع القرآن الكريم ولا سيما (سورة يوسف) تماما كما نقرأ في النص الموسوم بـ(ألقِ القميص) وغيره كثير.
كذلك نجد إشارات مرجعية شعرية تتناص معها نصوص المزوغي تخدمها فنيا ودلاليا… نقرأ مثلا النص الموسوم بـ(وطن تناءى عنك):
(وطن تناءى عنك/ لملم روحه ومضى/ وأمعن في الغياب…. كفكف دموعك/ رب نار جنة/ ولرب جرح/ فيه برءك لو علمت….)
إنه نص يحاكي نصا معاصرا للشاعر المصري مصطفى الجَزّار: (كفكف دموعك/ وانسحب يا عنترة/ فعيون عبلة أصبحت مستعمرة)، والذي استحضر منه المزوغي كفكفة الدموع، كما جاء في نص مصطفى الجزّار، لكن الاستدعاء تم بصيغ تم توظيفها عبر استدعاء يخدم الدّلالة فيسقطها على الواقع المعيش….
الكثير من الإشارات والدلالات التي تمنح المتلقي لنصوص المزوغي، صك دهشة لا يشوبه حبرا…