المقالة

الفنادي يفند تهمته كناقد

مقالة حول النص المخاتل.. لأستاذ علم الارصاد الجوية أ. يونس الفنادي

د.هدى العبيدي

الكاتب (يونس الفنادي) في أمسية احتفاء السقيفة الليبية بأعمال الأديبة الليبية عزة كامل المقهور، تونس 12 سبتمبر 2022.
الكاتب (يونس الفنادي) في أمسية احتفاء السقيفة الليبية بأعمال الأديبة الليبية عزة كامل المقهور، تونس 12 سبتمبر 2022.

في كل مرة أتحين الفرصة لأكتب عن الفنادي بحثاً رصيناً يخضع لمعايير نقدية إلّا أنني.. ما انفك من تأملاتي حتى ينشر منشوراً أو كتاباً يدخلني في رحلة تأملاتٍ لا حدود لها.. الفنادي ناقدٌ بلا منهج محدد.. اتخذ من الانطباع نهجاً وأسس له حديثاً فأحياه لما كان عليه النقد العكاظي الحقيقي..  حتى تطور واستمر إلى أن وصل لما عليه اليوم من نظرات فلسفية ومذاهب ومدارس فكرية.. منها ما صاحبه منهجٌ نقديٌ معينٌ.. ومنها ما بقي مجرد فلسفة.

فحاول الفنادي أن يفند فكرة أنه ناقد حقيقي ولا يتوانى في الصد والرد والتذكير بها.. وبأنه لا علاقة له مكابراً حتى بعد إصداراته المطبوعة وحتى هذه اللحظة في مجال النقد وتقدر ب الستة عشر:

(حول، ومع، وضد، وفي) لقد أحدثت كتبه وهو ليس متخصصاً واستفزت من يدعي النقد مثلي.. كمتخصصة في مجال النقد محاضرةً وحاملةً لشهادات وترقيات ولي كتبٌ في ذات المجال.. وسأفرد له مستقبلاً إن شاء الله مساحة حول نقده للصناعتين شعراً ونثراً وهو نقد النقد.. كتوجه لابد جذب النظر له.. وهو قراءة المتلقي ورؤيته.. وفاعليته.. مبعثه النص ومبدعه ومآله.. متلقٍ واعٍ والطموح:

(متلقٍ لمتلقٍ) يوجه البقية للبحث عن النص كوسيلة للتشويق.. ذهاباً وإياباً.. مشكلين نهجاً وحراكاً تثويرياً للحركة النقدية في ليبيا.. بإطار جديد ومستحدث.. علّنا نحدث لنا من أمرنا رشداً.. وحتى نتخلص من قولبة المناهج وارتهاننا لما يطرحه الغرب خاصة فيما يتعلق (بموت المؤلف) عبدت لطرحه البنيوية وما بعدها في 1923م تقريبا بعد أن تناول تلاميذ دي سوسير محاضراته وأسسوا لمنهجيته.. كقاعدة انبنت عليها بقية المناهج كالتفكيكية ل تشومسكي والسيمولوجية والاسلوبية الى أن وصلنا لنظرية عربية بامتياز ولد من رحمها منهج (التحليل الفاعلي) المنبثق عن نظرية التحليل الفاعلي للشيخ محمد الشيخ العالم السوداني مقسماً عقل الإنسان إلى ثلاثة بنى فاعلة.. منها بنيتان أوليتان متدنيتان التناسلية والبورجوازية والثالثة هي البنية الخلاقة كفاعلية تنادي بالخير والحب والعطاء الشامل دون مقابل.. وهذه الفاعليات الثلاث مكونة لعقل الإنسان.. ومن ثمَّ  للمجتمعات .. وهي في حالة تنازر أي (تناحر وتآزر) مصطلح نقدي للشيخ صاحب النظرية.. مما يجعله متفاوت في أفعاله وردودها.. كلٌ حسب التحديات والاستجابة طيلة مراحل حياته …وهذه البدهية (اللامفكر) فيها من قبل النقاد قاطبة على حد تقديري.. سواء من تبنى منهجاً نقدياً ينتمي لمنظومة المناهج الخارجية التي تبحث عن قصدية المبدع كالتاريخ والاجتماعي والنفسي..

 أو المناهج الداخلية التي تنادي بموته وتهتم بفاعلية النص فقط.. بقراءة متلقٍ من الممكن هو الآخر أن يحتاز بنية مغايرة لبنية مبدع النص لنخلص لفاعليات تنتج فاعليات.. وفي كثير من الأحيان لا تتوافق وفاعليات أقطاب النص الثلاثة مبدعاً ونصاً ومتلقياً …فنجد بأن فاعلية المبدع على سبيل المثال خلاقة بينما فاعلية لغة النص المستخدمة برجوازية مادية متدنية في حين نجد فاعلية أحد المتلقيين أولية تناسلية متدنية حسب احتيازه لسماتٍ احتكرته وجعلته يصدِّر الأحكام الظالمة حول النص ومبدعه.. ليصل النص منهكاً متهماً محكوماً عليه في فترات معينة بالإقصاء والإبعاد والتهميش ..فيأتي من يتناوله مجدداً شارحاً مشرحاً كاشفاً مناظراً بين وجهات الانظار ..عن فترة الاضطهاد والتي غالباً ما تكون إما سياسية أو دينية أو اجتماعية ..انتهت صلاحيتها بانتهاء مصالح أفرادها المنحازون لبنية وعي المتلقي الأول الذي عمم حكم الاعدام  ..وحتى لا انكث عهداً قطعته لطلابي وهو اعداد دراسات حول نقد النقد ومن المتوقع أن يكون أ.يونس الفنادي موضوعاً مطروحاً مستقبلاً فالعلم عند الله  وحده وكذلك شدة استفزازاته الإيجابية عبر كل ما يطرحه لنا بين ليلة وضحاها ..منهكاً لقابلية التلقي عندنا ..فإن مقالته جعلتني أتناول الهاتف بقوة لأعقِّب عليها ..(المقالة) ..(فتباً له من ناقدٍ شهي الفكر وأنيق الطرح ) فما طرحه هو نقدٌ بمنهج المدرسة الانطباعية التي تحاصرها الدراسات الأكاديمية والمناهج التلقينية ..لها ما لها ..وعليها ما عليها ..وأنا معها في جانب واحد ..وهى أمر لابد  منه للطلاب والاكاديميين فقط  لتأطيرهم مبدئياً حتى يتمكنوا من تهذيب أذواقهم وتشكيل معجمهم اللغوي النقدي .. وتشكيل حصيلة من القراءات المتنوعة؛ ليصلوا إلى تجاوز منهجيات بعينها وإطلاق العنان للنظر.. ولندع الخيال وشأنه.. وحتى لا تكبل الملاحظات النقدية وتؤطر …حينها لن نحتاج لمنهج بعينه..

لتجد نفسك اتخذت من (التحليل الفاعلي) منهجاً يعطيك براح التحرك بين جنبات النص باحثاً عن المتعة والمسرة.. واتمنى ألاّ تجدها؛ حتى لا تحكم على ذائقتك النقدية بالموت المبكر.. وادعُ الله ألاَّ تجدها لننعم بك ناقداً انطباعيا ينتج لنا استفزازاته لنتلقاها بمنهجية علمية اكاديمية رصينة فاعليةٍ تنتج فاعلية.


د. هدى العبيدي أستاذ النقد المعاصر في الجامعات الليبية وعميد مدرسة اللغات بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا طرابلس 

السبت الموافق 12/11/2022

مقالات ذات علاقة

تغيروا تصحوا

نجوى بن شتوان

عن علاقة المثقف بالسلطة

المشرف العام

لحظة ترجل التاريخ

وفاء البوعيسي

اترك تعليق