أصدر مشروع «كلمة» للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي، كتاب: «الموسيقى العالمية»، من تأليف: فيليب فيلاس بولمان، ونقلته إلى العربية رشا صلاح الدخاخني، وراجع الترجمة محمد فتحي خضر.
الموسيقى العالمية قديمة قدم العالم ذاته، وتؤرخ هذه الموسيقى للقديم والحديث، وتعيش في الماضي والحاضر، وتردد أصداء كل ما هو محلي ودولي، وتحوي قصصاً من الحياة اليومية وأحداثاً من حقب تاريخية، وتمس الأجزاء الأكثر حميميةً في حيواتنا، وتعبر عن أسمى صفات الوجود الإنساني. ويضم مصطلح «الموسيقى العالمية» طيفاً عالمياً من الممارسات الموسيقية، من الموسيقى الشعبية والشائعة إلى الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الأفلام. وقد ظهرت الموسيقى العالمية إلى الوجود، بكل هذه الطرائق، بسبب قدرتها على الربط بين بني البشر على اختلافهم والتعبير عن تنوعهم.
يضم كل فصل من فصول هذا الكتاب مجموعةً من العلاقات التي تجسد أفعال الموسيقى العالمية وظروفها في لحظات معينة من العولمة. في الفصل الأول، نستعرض أصول الموسيقى العالمية؛ أي الأفعال والظروف التي شكلت معاً أنواعاً مختلفة من البدايات، مثل: بداية الخرافة والتاريخ، والدين، والحديث عن الجوانب الأنطولوجية (الوجودية) والإبستمولوجية (المعرفية) للموسيقى. ثم يتحول الفصل الثاني نحو التاريخ، مركزاً على السبل التي كثيراً ما تؤدي بها الروابط بين الغرب وباقي أنحاء العالم –لا سيما الظروف المحيطة بالتعرف إلى الموسيقى العالمية– إلى التوزيع غير المتكافئ للسلطة. وفي الفصل الثالث، يقدم استعراض للتاريخ والخرافة إطاراً لمجموعة واسعة من الروابط بين التمييزات الجوهرية، مثل: الزمني والسرمدي، والتقاليد الشفاهية والمكتوبة، ومفاهيم الاستماع في العالم الإسلامي ومفاهيم الموسيقى السماعية في أوروبا. ويستعرض الفصل الرابع النموذج الأكثر استمراريةً للموسيقى العالمية، ألا وهو الموسيقى الشعبية، وفيه نتفحص عن كثب ظروف الظهور الأول لها بوصفها حواراً بين أنواع الموسيقى العالمية المختلفة، ثم نتتبع تاريخ ذلك الحوار. وبالمثل، يركز موضوع الفصل الخامس، الموسيقى والأمة، على مجموعة محددة من الظروف التي أوجدت أنواعاً للموسيقى العالمية تصف الأمة وإصرارها على تمييز نفسها عن باقي الأمم. وفي الفصل السادس، تتوارى هذه الروابط لأقصى حد أمام الدراسة المقارنة لمفهوم الشتات والموسيقى، مع ذكر أمثلة مستقاة من الكتابات التاريخية على مدار فترة طويلة للشتات، وكذلك الانتشار المؤثر لتجربة الشتات باعتبارها حالةً تميز العصر الحديث. وتظل الموسيقى العالمية حاضرةً بقوة عندما تصل الروابط إلى نقطة الانهيار، في الفصل السابع، الذي يتخذ الإمبراطوريات والعولمة نقطة انطلاق، غير أنه يتناول إمكانات التحرر من الفكر الاستعماري لتكوين روابط جديدة، تناولاً نقدياً. وفي الفصل الختامي، نبحث عن ظروف جديدة للموسيقى العالمية في القرن الحادي والعشرين، لا سيما الظروف المادية التي وفرت معاني جديدةً تضمن أهمية الموسيقى العالمية في ظل عالم متغير.
يتسم المشهد التاريخي والعالمي للموسيقى العالمية بالاتساع الشديد، ويضم موضوعات تتلاحم فيما بينها. وبسبب الانتشار الشاسع للموسيقى العالمية، فإن لها معاني كثيرةً جداً ومختلفةً للغاية أينما نلتقيها في أرجاء المعمورة. ويتناول هذا الكتاب الظروف المعقدة التي رسمت بواسطتها الموسيقى خريطة ثقافات العالم وأعادت رسمها، في الماضي والحاضر على حد سواء، ويستكشف الطرائق المختلفة التي تنشر بها الموسيقى العالمية وتستهلك، ونظرتنا إلى الموسيقيين في عصر العولمة.