طيوب عربية

عنوان يخيفني: شارع القتلة

الكاتب أبوبكر حامد كهال (الصورة: عن الشبكة)
الكاتب أبوبكر حامد كهال (الصورة: عن الشبكة)

المبدع أبوبكر حامد كهال، صديقنا الأثير، تصطاد اللحظة وتسجل خفقة الروح. تبدأ القصيدة بفعلِ مضارع:

تطل من النافذة

ثمة مُخَاطبٌ هنا، تراقبه وتحكي عنه، واطلالة من ( النافذة)، نافذة محددة، وهذه نافذة تطل على شارع القتلة، مشهدٌ لا يوارب، واضح ومحدد، ثمة شارع، نافذة مفتوحة على هذا الشارع، وثمة هو يراقب المشهد، ويوجه خطابه لهذا الذي يطلّ من النافذة،والشارع :

المكتظٌ بالقتلة!!؟؟؟

ثمة فخٌ يصطادنا به الشاعر، نظن أن الرؤية واضحة، شارع القتلة- هو ينظر لذاك الذي يطلّ من النافذة، النافذة مفتوحة على الشارع، وهو الذي يراه الشاعر ويحدثنا عنه:

تنظر بإمعان

فترى أعينهم

تحدق نحو وجهك…

لا غموض في المشهد،

ولكن ثمة هذا الإمعان في النظر الذي يرصد حتى ( أعينهم)، هذه العيون التي ( تحدق ) في وجهه، هم قريبون جدا، حتى أنهم قادرون على التحديق، هو( يمعن نظره باتجاههم ) وهم ( يحدقون في وجهه)

في إطار النافذة…

كأن النافذة هنا طوق نجاة، مسافةٌ آمنة، وهو مازال ينظر باتجاههم، وهناك الشاعر الذي يترصد المشهد:

ترى وجوههم الميتة

وهم يخطون نحوك

يقتربون أكثر فيرى حتى الوجوه ولكن ( الميتة)، كأن من يغدو قاتلا، يغدو ميتا أيضا، هو الذي ينظر إليهم ويعرف أنهم ( القتلة). هذا التعريف بال دالٌ، على أن هؤلاء القتلة، يعرفهم هذا المطل من النافذة، وحين اقترابهم يرى ( وجوههم الميتة)، لأنها تخلت عن إنسانيتها.

هل أرسم المشهد مجددا، لأنه ثمة مُخاطِب ومُخاطَب، وكأننا خارج الدائرة وهما يتواجهان، والقتلة ذوي الوجوه الميتة يقتربون:

فتصرخ في الفضاء

أيتها اللحظات

اجلبي لي الموت

إن أنا جبنتُ..

…..

ثمة مواجهة، والصرخة حقيقية، أيتها اللحظات، ها أنا أواجه القتلة، يقتربون مني ويحدقون بوجهي، وجوههم ميتة ولكن خناجرهم وبنادقهم مستعدة للانقضاض، فما الذي سيطلبه هذا المترائي في إطار النافذة:

أيتها اللحظات

اجلبي لي الموت

إن أنا جبنت.

وكأن الحكاية هي مواجهة الذات مع نفسها، ثمة مرآة، والمخاطِب والمخاطَب هما ( هو وصورته). وهناك مضمر، القتلة الذين تراءوا في المرآة (.صورته المتشظية) والموت الذي يطل من الوجوه هي أيامه المهدورة، وهم يصرون أن يأخذوا هذه الروح التي مازال نبضها شغفا، صورة حياة مرئية لهم، لذا هم يتململون ويحدقون باتجاهه، وكأن هذي فرصته الأخيرة للنجاة والحياة، وخوفه الذي تعالى وجيفه، ينظر في عينه، يخاطبه:

اسمع.. ثمة فرصة أخيرة كي ننجو معا، والمواجهة عنيفة، ولكن الانتصار فيها هو مغامرتنا التي سنظل نرويها لأجيالنا المخبوءة في ظهورنا، :

إن أنا جبنت، ليكن الموت،

هذا الموت الذي سيأخذ جسدي،

 وستظل روحي تنبض تنادي الأمل،…

صديقنا أبوبكر حامد كهال… لك الحياة اينما كنت.


شارع القتلة

أبوبكر حامد كهال

 تطل من النافذة

على الشارع

المكتظ بالقتلة

تنظر بإمعان

فترى أعينهم

تحدق نحو  وجهك

في إطار النافذة 

ترى وجوهم الميتة

وهم يخطون نحوك 

فتصرخ في الفضاء

أيتها اللحظات

أجلبي ليّ

الموت

أن أنا جبنت

مقالات ذات علاقة

مصنع السيدة غزل بالإسبانية

المشرف العام

ألتمسك ضوء قمر

إشبيليا الجبوري (العراق)

ذكريات طرابلسية (3)

مهند سليمان

اترك تعليق