المقالة

لقاءات.. غير منتظرة

رقصة التانغو (الصورة: عن الشبكة)
رقصة التانغو (الصورة: عن الشبكة)

مساء الأمس 11.7.2022 استمتعت بمحاضرة شيقة ألقاها علينا زميلنا عضو المنتدى الفني في مدينة بون” Dr. Rudolf Schloz ” السيد شولز أرمل ثمانيني متقاعد عمل بحكم وظيفته خبير مشروعات تنموية في وقفية باسم أول مستشار ألماني بعد الحرب العالمية الثانية “كونراد أديناور” والوقفية ممولة من “الحزب الديمقراطي المسيحي”.

المحاضرة كانت حول عمله حقبة منتصف الستينات والسبعينات والثمانينات في مهمات تنموية متقطعة بين دول أمريكية لاتينية .سبق له أن ألقى محاضرة عن عمله في كوستاريكا ومحاضرته بالأمس حول مهمته في الأرجنتين وبارغواي .أثارني عنوان المحاضرة “لقاءات غير منتظرة في الأرجنتين والبارغواي “وعنوانها الفرعي المفسر لقاءات مفاجئة، صدفوية وغير منتظرة مع الناس .أنا مهتم منذ زمن باللون الثقافي الأدبي “صورة الرحلة” بموضوعة الأخر في مرآة الأنا ،وقد نشرت مقالاً طويلاً في جريدة ميادين الليبية عام 2012 بعنوان “صورة أميركا في الرحلة العربية المعاصرة”، وهو خلاصة مترجمة لبحث باللغة الألمانية نشر في موقع بلد الطيوب .

ما أخدني إلى المحاضرة، هو شغفي بأدب أمريكا اللاتينية عبر الترجمة العربية منذ السبعينات من الأرجنتيني ماشادو دو آسيس والبرازيلي جورج آمادو وشاعر تشيلي نيرودا.. إلى بورخيس وماركيز وأوسترياس، ويوسا وإيزابيل اليندي. ما كان يعجبني في روايات ماركيز ويوسا وصف غرائبية الشخص. الوصف الروائي يقوم على المبالغة، ولكن وصف الرحالة من كان خبيراً في حقل التنمية.

فأنه يخلو من مبالغة الأدب الروائي ،إنه وصف بتفصيل الحقيقة وهذا ما شدني في لقاءات السيد شولس حيث قادته الصدف بحثاً عن هوتيل يقضي فيه مع زوجته ليلته أن يلتقي اليوم الثاني براهب تكون في الرهبانية الألمانية ، وهو بصدد تأسيس معهد تعليم مجاني للطلبة الفقراء في الأرجنتين ،ويحتاج لمساعدة مالية ألمانية ما شدني وصفه له وهو يتكلم ببلاغته وحماسه اللاتينيين ملوّحاً بيديه فانتبهت زوجته أن أظافر أصابعه مطلية بطلاء النساء ،فيكشف ذلك سيرته أبناً لعائلة من أثرياء بوينس آيرس أختار الرهبنة طموحاً في أن يرتقى إلى مرتبة كاردينال .. المفارقة أنه اختفى بعد أشهر فتسقط السيد شولس أخباره فإذا به يصير مدير بنك في العاصمة بوينس آيرس. الشخصية الثانية زعيم الأرجنتين ودكتاتورها الراحل الجنرال خوان بيرون الذي أسس الأرجنتين الحديثة مثل بورقيبة في تونس بزعامة الحزب الواحد.

لقد التقاه د. شولس صدفة عام 1964 في عزومة بمنفاه في مدريد عاصمة إسبانيا أترككم مع وصف محاضرنا له ” لقد قابلني في وسط الشقة عحوزاً به مهابة طويلاُ عريضاً يضع كلبته الصغيرة على دراعه وكأنه يتأهب للخروج في نزهة المساء. مددت له يدي فقدم لي نفسه خوان دومينغو بيرون “تشأ الصدفة أن يكون د. شولز في مهمة في الأرجنتين، وقد عاد خوان بيرون حاكما من جديد عبر صندوق الانتخابات، ويشأ القدر أن يكون محاضرنا في رحلة طويلة وأحتاج إلى بنزين فوجد، وكل المحطات مقفلة وفي الطريق لاحظ أعداداً من الناس واقفين في صمت وإجلال فسألهم ما بكم فقالوا له بصوت محشرج اليوم مات زعيمنا بيرون

مقالات ذات علاقة

الأشرار لا يغنون

سالم العوكلي

(الأيامُ الجنوبيّة) في حوارِ الأسئلة

يونس شعبان الفنادي

تونس مفتاح.. الحاضرة رغم الغياب

إنتصار بوراوي

اترك تعليق