طيوب البراح

مشهد على الرصيف

سندس عبالقادر ميدي

من أعمال الفنانة التشكيلية “مريم الصيد”

بجانب الطريق، على الرصيف تحدثُ اللقاءات بين المحبين، فتنهمر الدموع الحارة وتمتزج مع الأمطار الموسمية الباردة لتصنع كتلة متناغمة متناقضة من حرارة الاشتياق وبرودة الفراق، وترتجفُ الأيادي عند اللقاء، بينما تسعى الأقدامُ مسرعةً مهرولةً نحو روح الأخرى، يتساقط المطر على مظلاتهما فتثقلها على الكاهل، يتخليان عنها لتطير نحو الجانب الآخر من الطريق، وعلى رصيفٍ آخر تتهاوى المظلتان، وفي السماء تختفي الغيوم السوداء المُثقلة بالمآسي وترحل بعيدًا بعد أن أفرغت ما في جوفها من أشجان، لتتجلى الشمس وتُلبس ضياءها المشهد على الرصيف، ويستمر المطر في التساقط مع العبرات…!

والمحبان أرهقهما الفراق المُر، يقتربان من بعضهما، يقتربان متحررين من المسافات، كلٌ منهما محمل بحنينٍ واشتياق ولوعة، يحتضنُ الآخر جسد خليله بعنفوان الشباب، وتحتضن أرواحهما ونظراتهما، يتلامسان ببطء ولطف، أرواحهما تكاد تنهار من شدة وطأة الاشتياق، كلٌ يبحث عن تغير رُبما جرى في روح الآخر، يُلامسان بعضهما، يبحثان عن شيء غيرته السنوات الماضية…!

وما أصعبَ النَوَى عند المُحبين! انقشع الهم عن صدورهما الرهيفة عندما وُجد أنّ المحبة كما هي وملامح الشغف كما عهداها في الماضي.

 وتحت أشعة الشمس الغاربة ابتسم كلاهما للآخر؛ ابتسامة اطمئنان.

ثم رحلا معًا متعانقين متهامسين، برضًى تام، رحلا نحو أبدية اللقاء، رحلا بعيدًا عن منفى الفراق، ومظلاتهم ساقطة على الجانب الآخر من الطريق، لا يأبهون للأمطار الغزيرة، فهما الآن معًا، وحلاوة اللقاء تُنسي المرء كل شيء.

مقالات ذات علاقة

أسميتُها ملاكي

المشرف العام

قلم فقير

المشرف العام

رِحْلةَ الْمُعْجِزَاتِ وَالْآمال

المشرف العام

اترك تعليق