الطيوب
تم التحديث في 7 يونيو 2022م
الليبي الأول
فوز محمد النعاس، بالجائزة الدولية للرواية العربية، في دورتها 15، للعام 2022م، عن روايته (خبز على طاولة الخال ميلاد)، يجعله أول ليبي يفوز بهذه الجائزة، وأول ليبي يفوز بجائزة أدبية عالمية.
أصغر فائز
كما إن النعاس، هو أصغر الفائزين سنا بهذه الجائزة، بعمر 31 عاما، المولود في العام 1991، متقدماً على كل من الروائي الكويتي سعد السنعوسي، 32 عاما عند استلامه الجائزة في العام 2013م عن روايته (ساق البامبو)، والروائي الجزائري عزالدين العيساوي، 35 عاما عند استلامه الجائزة عن روايته (الديوان الإسبرطي) العام 2020م.
مشاركات ليبية سابقة
تعد رواية (الورم) للروائي الليبي إبراهيم الكوني هي أول مساهمة تسجل باسم ليبيا ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية في دورتها الثانية، في العام 2009م، عن طريق الناشر؛ المؤسسة العربية للدارسات والنشر، بيروت، 2008م، للتوقف هذه المشاركة عند عتبة القائمة الطويلة.
في العام 2011م، كانت ثاني المساهمات الليبية في الدورة الرابعة، مع رواية (نساء الريح) للشاعرة والقاصة والروائية رزان نعيم المغربي، وكانت الرواية ضمن منشورات؛ الدار العربية للعلوم ناشرون 2010م. ولم توفق بتجاوز القائمة الطويلة للجائزة.
تعد مشاركة الكاتب والناقد الليبي أحمد الفيتوري، أول مشاركة ليبية في تحكيم الجائزةـ وكانت في العام 2014م.
يسجل العام 2017م، الدورة العاشرة للجائزة، أفضل المشاركات الليبية، التي كانت على مستويين. ففي المستوى الأول، جاءت مشاركة الكاتبة والناقدة “فاطمة الحاجي” ضمن لجنة تحكيم الجائزة، أما المستوى الثاني، فهو مستوى الرواية، والذي وصلت في القاصة والروائية “نجوى بن شتوان” القائمة القصيرة للجائزة، عن روايتها (زرايب العبيد)، الصادرة عن دار الساقي، بيروت 2016م. وقد كانت الرواية قريبة جداً من الفوز، الذي ذهبت للروائي السعودي محمد حسن علوان، وروايته (موت صغير).
المشاركة السباقة؛ ما قبل المشاركة الحالية، كانت في الدورة الثانية عشر 2019م، للقاصة والروائية عائشة إبراهيم، وروايتها (حرب الغزالة)، الصادرة عن مكتبة طرابلس العلمية العالمية. والتي وصلت القائمة الطويلة. وتعتبر هذه المشاركة هي أول مشاركة ليبية خالصة، من ناحية الناشر والكاتب.
وهذا يعني أن مشاركة النعاس، هي المشاركة الخامسة للرواية الليبية، إضافة إلى مشاركة الشاعر والمترجم الليبي عاشور الطويبي، كعضو بلجنة التحكيم.
لماذا فازت رواية النعاس بالجائزة
هناك أكثر من سبب جعل لجنة التحكيم تتنفق على اختيار (خبز على طاولة الخال ميلاد) لتفوز بالجائزة العالمية للرواية الليبية، أجملها في النقاط التالي:
أولاً موضوع الرواية، فهي تناقض المجتمع الليبي من الداخل، من خلال مناقشة عقائده وتراثه المجتمعي والفكري، الذي يظهر من خلال؛ الأمثال الشعبية، وسلوك المجتمع (الجمعي والفردي). لذا فهي رواية ملتصقة تماما بالواقع الليبي، وتقوم على استكشافه بعيداً عن الصور التي يتم تصديرها للآخر، أو الترويج لها، والتي يختبئ وراءها المجتمع خوفا من مصارحة نفسه بها.
ثانياً شخوص الرواية، هم شخوص موجودون وقريبون منا بشكل كبير، نجدهم في حياتنا اليومية ونرتبط بهم.
ثالثاً؛ قامت الرواية على استعراض المنظومة الثقافية للمجتمع بكل ما فيها من تراتبية معرفية، وأبعاد إنسانية، وتأثير هذه المكونات على المجتمع.
رابعاً، كما وقفت على مجموعة من القضايا المهمة والتي عاشتها ليبيا، والتي أثرت في المجتمع سياسياً واقتصادياً وثقافياً، والمحصلة؛ اجتماعياً. بالتالي هي درس في العلاقات الاجتماعية في ليبيا.
خامساً، الرواية على درجة عالية من الاشتغال السردي، بداية من اختيار ضمير المتكلم للراوي، وبناء فصول الرواية على الثنائيات، وكذلك الذهاب في التفاصيل، والتي وإن رآها البعض مأخذاً على الرواية، إلا إنه كان من الضروري استعراضها لبناء شخصيات الرواية على المستويين، المعرفي والسلوكي (أي ثقافياً).
سادساً، وهنا أتوقف مع اللغة، فالمتتبع لمسيرة النعاس في بداياته في كتابة القصة القصيرة سيتوف عند ملمحين أساسيين؛ سرده التفصيلي، ولغته. وفيما يخص اللغة، فإن النعاس يهتم يركز على اللغة بشكل كبير ويعتني بها، وهو يعتمد مبدأ التجريب للوصول إلى حالة الرضا، فلغته وإن بدت بسيطة إنما هي من مبدأ السهل الممتنع، كونها حاملة ومحمولة، عميقة قادرة على التسلل بسرعة ورشاقة، مركزا على البعد او التأثير الثقافي للغة من قدرتها على حمل الدلالات، وإرجاعها أفعالاً.
دور النشر الليبية
يحسب لكل من دار رشم ودار مسكيلياني شجاعتهما وإيمانهما برواية (خبز على طاولة الخال ميلاد) وتقديمها للجائزة عقب صدورها العام 2021م. أما باقي المشاركات الليبية السابقة ممثلة في الروائيين والروائيات، كانت من خلال دور نشر عربية، باستثناء رواية (حرب الغزالة) للروائية عائشة إبراهيم، التي شاركت باسم مكتبة طرابلس العلمية العالمية، لتكون أول ناشر ليبي يشارك بهذه الجائزة، ويسجل اسمه بالقائمة الطويلة لجائزة العام 2019م.
وهنا من الواجب شكر مكتبة طرابلس العلمية العالمية، وبشكل خاص الأستاذة فاطمة حقيق، لشجاعتها وكسرها رهبة المشاركة، وإيمانها بتجربة الكاتبة الليبية.
ومن المهم الإشارة أن هذه الجائزة تعتمد على مشاركات الناشرين بشكل أساسي، أما حضور الكاتب فيعتمد على قوائم الترشيحات. وللأسف ضعف حركة النشر وصناعتها في ليبيا، جعل دور النشر الليبية قاصرة عن المشاركة في مثل هذه الجوائز.
هل هي أو جائزة للرواية الليبية
حصول رواية (خبز على طاولة الخال ميلاد) للقاص والروائي محمد النعاس، على الجائزة العالمية للرواية العربية، ليس هو أول تميز للرواية الليبية، فالكثير من الروايات الليبية التي تميزت عربياً من خلال المسابقات والجوائز، وهنا لابد من ذكر الروائي الليبي الكبير إبراهيم الكوني، الذي نال أكثر من 15 جائزة دولية، منها؛ جائزة الدولة السويسرية، على رواية (نزيف الحجر) في 1995م، جائزة محمد زفزاف للرواية العربية، المغرب 2005م، جائزة الشيخ زايد للكتاب – فرع الآداب في دورتها الثانية 2007-2008 م عن رواية (نداء ما كان بعيداً)، جائزة الترجمة الوطنية الأمريكية على رواية واو الصغرى 2015م.
ومن الجوائز الأدبية المهمة، جائزة الشارقة للإبداع العربي، والتي فازت بها في الرواية العام 2003م، رواية (التابوت)، للقاص والروائي الليبي عبدالله الغزال، وكانت الدورة السابعة الجائزة، وبالمناسبة في الدورة الثامنة للجائزة، فاز ذات الكاتب؛ عبدالله الغزال، في القصة القصيرة، بمجموعته (السوأة).ويمكننا القول أن الروائي عبدالله الغزال هو أكثر كتاب ليبيا فوزاً بالجوائز الأدبية، فآخر الجوائز التي نالها جائزة الشيخ راشد الشرفي بالفجيرة (2019-2020م) في دورتها الثانية؛ عن روايته (أضحية الماء والطين).
الروائيات الليبيات كان لهم حضورهم في نيل جوائز الرواية عربياً، حيث فازت رواية “عايدون” للقاصة والروائية الليبية كوثر الجهمي بجائزة مي غصوب للرواية، في دورتها الأولى 2019. وفي ظني هي أول روائية ليبية تحصل على جائزة عربية في الرواية.
آخر المشاركات المهمة، فوز القاصة والروائية الليبية غالية الذرعاني، بالترتيب الثاني في فرع الرواية، عن روايتها (قوارير خاوية)، ضمن فعاليات جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي في دورتها العاشرة؛ 2020م.
في الجانب الآخر؛ هناك جوائز تحصل عليها كتاب ليبيون كتبوا روايات بلغات غير العربية لكنها مستوحاة من الثقافة الليبية، ومن أهم الأسماء، الروائي هشام مطر، الذي تعددت جوائزه في الرواية من أهمها: وصوله القائمة المختصرة لجائزة مان بوكر الأدبية، عن روايته (في بلد الرجال) العام 2006م، وفي العام 2007م جائزة أونتاجتي تقدمة الجمعية الملكية للأدب عن رواية (في بلد الرجال)، آخر هذه الجوائز في العام 2017م، جائزة بوليتزر عن فئة السيرة الذاتية، عن روايته (العودة).
ماذا بعد؟
هناك الكثير من الأمور التي يمكن الحديث عنها، وعلى علاقة بهذا الفوز، بداية من أهمية أن يكون للدولة من خلال وزارة الثقافية، دور في دعم الأدب الليبي، وصناعة النشر في ليبيا، لأنه من خلالهما يمكن للأدب الليبي أن يكون حاضراً إقليمياً وعالمياً، وتجاوز سنوات من التغييب القسري للكاتب والمبدع الليبي.
في ذات الشأن من المهم أن تقوم الدولة بوضع سياسة ثقافية واضحة، من مهامها دعم المبدع الليبي، فيما يخص التفرغ للعمل الأدبي، الذي ستكون نتيجته مباشرة وإيجابية على الكاتب والثقافة الليبية.
كما إن للناشر دور مهم في تبني التجارب الإبداعية، وتشجيعها والأخذ بيدها والمشاركة في الجوائز والمسابقات على المستويين الإقليمي، والدولي.
دعوة للأدباء والكتاب الليبيين
كنت قد اكتفيت بما كتبت، حول فوز محمد النعاس، بالجائزة العالمية للرواية العربية، لكني وجدتني مضطراً لإضافة بعض الأسطر تعليقاً على بعض التعليقات التي صاحبت تناقل خبر الفوز على منصات التواصل الاجتماعي، وتحديداً؛ الفيسبوك وتويتر، والتي علقت على بعض ما ورد بالرواية، والتقليل من شأنها ومن شأن الفوز بهذه الجائزة. بل إن بعض التعليقات تبرأت من هذه الرواية. والأطرف إن بعضهم بعد أن تحمس لخبر الفوز، تراجع عندما وجد من يعلق له سلباً، ويحذره من هذه الرواية.
للأسف ما عاشه مجتمعنا الليبي من تغييب ثقافي، ومعرفي خلال السنوات الماضية، نجد نتيجته الآن، بداية من رواية وفاء البوعيسي (للجوع وجوه أخرى)، إلى (شمس على نوافذ مغلقة)، وصولاً على وقتنا الحالي، وهو سلوك متوقع لمجتمع يعيش في وهم المثال والصورة النمطية لمجتمع محافظ يخاف من أن يواجه حقيقة صورته في المرآة.
ومن هنا أوجه الدعوة للأدباء والكتاب في ليبيا، وخاصة (قاصة) الشباب؛ إن الإبداع على هذه الأرض هو عملية مقاومة مستمرة، تتطلب الكثير من التضحيات، والعمل، والاجتهاد، لتغيير هذا المجتمع ووضعه أما صورته الحقيقية، وإلا تحولنا إلى طيور مهاجرة!!!