قصة الحاج الزروق والحاجة مدللة وثورة فبراير! – الجزء الثاني من القصة
رمزي حليم مفراكس
عندما رجع الحاج الزروق الى ليبيا بعد غياب طويل من سفره في الخارج وجد ليبيا بدون دستور، دستور يعمل على استقرار الدولة الليبية، قد جرى حوارا مطول مع ابنه الأول الصادق عن كيفية الانتهاء من المرحلة الانتقالية التي تمر بها ليبيا وعن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
يقول الحاج الزروق للصادق وهو يصف له الطريق السياسي بعد مرور سنوات طويلة عن تشرذم الأوضاع السياسية في ليبيا، بوصف يكون أقصر طريق يسلكه الشعب الليبي لكسب معركة الانتقال السلمي للدولة الليبية، معركة سياسية في التداول السلمي على السلطة، وبدون دستور دائم في البلد لن يكون استقرار للدولة، قوانين ينصصها الدستور الدائم، ونطالب بها الجهات المسؤولة بتطبيق القانون الدستوري.
وتسأل الصادق عن إذا كان الرئيس الجمهورية هو حامي الدستور؟ وهو الذي يجسد الدولة الليبية ويضمن، بوصفه حاكما لدولة الليبية السير المضطرد للسلطات العمومية وهو الضامن للاستقلال الدولة الليبية؟، يجيب الحاج الزروق على الصادق، إن القوانين التشريعية الشرعية هي الضامنة للاستقلال الدولة الليبية فهي لا تطبقها الدولة بل الشعب الليبي هو المواطن الذي يطبق ما نص عليه الدستور الليبي عبر المؤسسات الدولة الليبية.
يقول الحاج الزروق إن أولى خطوات المصالحة الوطنية الشاملة تكمن من إخراج الدستور الذي في الصندوق، وهي المغالطة التي تمت في الماضي فلا يجوز الاستمرار في نفس النهج التي كانت عليها ليبيا، في عهد قد اختفى فيه الدستور للدولة الليبية وعليه كانت ليبيا تمر بمرحلة غير دستورية حتى بعد ثورة السابع عشر من فبراير، وسوف لن يشارك الشعب الليبي بكل ما لديه من صلاحيات انتخابية في مشروع انتخابي ما لم يؤدي فيه انتخابه دستورية لكل حكومة جديدة في بوابة رسمية من الدستور الليبي الحديث.
يأخذ الحوار بين الأب والابن طريق حماسي لحماية الدولة عبر الدستور المتفق عليه شعبيا وهو الذي يجسد لنا المصالحة الوطنية الشاملة بين أبناء الأمة الليبية في مواد الدستور، وكيف لا وكان لدينا دستورا في الماضي ثم وضع ذلك الدستور الليبي في الصندوق لعدد من السنوات بدون إصلاحات ولا تعديلات ولا حتى تبني دستورا جيد معتمد من عموم الشعب الليبي.
ويقول الصادق ابنه، وعندما نأخذ هذا الطريق في التعامل مع المشهد السياسي، سوف يفرض الدستور علينا آلياته المجحفة التي تمثل موازين القوى الانتخابية في السيطرة على مقاليد السلطة، إن السلطة مصدرها الشعب ولشعب تكون السلطة وليس لدستور الوطني!
ويقول الحاج الزروق، انه الدستور الذي يعمل على تطبق الشرعية السياسية حتى بمعونة من القضاء الليبي الذي يمثل السلطة الثالثة في الدولة الليبية، فالمشكلة من أساسها، تقاسم السلطات الثلاثة، إن المجتمع الليبي نفسه، عاجز كل العجز عن إدراك أهمية خليقته في التناوب عن السلطة في الدولة الليبية.
الديمقراطية الشعبية التي تسمد من الدستور الليبي في ممارسة السلطة الدستورية، فهي ترتكز على مبدأ المساواة والشورى الى مبدأ العمل السياسي في التعددية الحزبية الى العمل للتحرر من الفرد والجماعة والحزبية الواحد ة المطلقة أو الحركة السياسية الواحدة، وهكذا نعمل على تحريم الفرد أو الحركة أو الحزب الواحد من الاستيلاء على السلطة الدستورية، سواء كان هذا الفرد وتلك الحركة أو الحزب عسكريا أم مدنيا لضمان استمرار الدولة الليبية الدستورية.
الشعب لا يستطيع تطبق السلطة الدستورية حتى بمعونة من خارج البلد التي تتحكم في مسار الحكم الدستوري، ليأخذ الحوار السياسي طريقة الى المشهد الدستوري ويقرض آلياته الدستورية على مبدأ المساواة في السلطة والعمل السياسي المنظم وليس كما هي عليها في الديمقراطيات الغربية كلما تبلورت تهديدات لوئام المجتمع وكيان الدولة داخلية كانت أو خارجية.
لن نستطيع أن نطبق الدستور على نظرية تحكيم القوة الخارجية، والتعصب الداخلي بين قوة الشرق أو الغرب ونقدس من هو في السلطة فتحول أو نحول الفرد الى الحجاج أو مجتمع تابع الى دول خارجية قائم برمته على التوجه والإرشاد السياسي الإقليمية والدولية.
فرضت على ليبيا لغة الحور السياسي الليبي / الليبي من الخارج وليس من الداخل الحوار الداخلي انتهكها الحرب الأهلية منذ اندلاع ثورة فبراير ليستوطن معها لغة العنف والصراعات الداخلية بين الأقطاب السياسية الليبية المتناحرة مع بعضها البعض، مظهر الخلاف على شكل أزمات وهزات عنيفة ودائمة لم تنتهي بعد حتى بعد كل موسم انتخابي في ظل غياب الدستور الليبي.
ويقول الصادق لأبيه الحاج الزروق بادرت السلطة الدستورية لا تعمل على توسيع التشاور بين الشعب بل تحد منه وتعطي لمن هم في السلطة القدر الكبير من التحكم في رسم المشهد السياسي مع الطيف السياسي، الذي يعوض عن فراغ الخطاب الشعبي وتعطل دوائر الحكم الشعبي.
وردا على الصادق من أبيه، في الساحة السياسية والدستور الليبي لا يوجد القطيعة بين الشركاء السياسيين الى ضرورة اللجوء الى وسيط بين الأمة الليبية لتسهيل العمل السياسي هو الحوار السياسي البناء والحد من خيارات العنف المترتبة عن سيادة خطاب الاستيلاء على السلطة التنفيذية في دولة الدستور الليبي.
القلق المتزايد اليوم هو قلق انعدام الثقة بين النخب المدنية والعسكرية وغياب الدستور الليبي الذي يعمل على توافقية الانتقال من الحالة الانتقالية المؤقتة الى المرحلة الدائمة المستقرة، التي تستقر بعدها البلد في قاموس الدستور الليبي الدائم.
وللحديث بقية مع قصة الحاج الزروق والحاجة مدللة!