قصة

الحتحات

قصة قصيرة مقتطفة من رواية الفندق الجديد

من أعمال التشكيلي الليبي الكيلاني عون
من أعمال التشكيلي الليبي الكيلاني عون

نبيل: هس.. هس!

هل استمعتم لما يدور في ذاك المكان؟

 أنهم يرددون كلمة الحتحات (1) الحتحات!

مصباح: تريث تريث يا عزيزي (نبيل).. اعتقد ان ثمة أشخاصا يجتمعون الان لمناقشة بند المصالحة، ويكررون عبارة ترددت كثيرا في فترة الخمسينات فترة استقلال ليبيا ليس إلا يا صديقي! وهي عبارة (حتحات على ما فات) والتي يراد بها أن ننسي ما فات ونجزئ المشكلة أو نفتتها، حتى تكون كالذرات التي تغطي كل شيء، فلا داعي للهرولة واطمئنوا، فلن يفوتنا شيئا يذكر …! فنحن كوادر صحفية معتبرة وسنكون بين الحضور ونستقصي ما يدور بين تلك الجدران الأربعة كفريق اعلامي متكامل ومتميز.

ربيع: هل أصيغ الخبر تحت عنوان: استمرار جلسات البرلمان في التعاطي في مسألة المصالحة؟

أو تفضل أن يكون العنوان كالتالي: (البرلمان يناقش مسألة المصالح الوطنية الشاملة)

 فجأة تدخل المصور (وليد) منهكا من جراء حمله لمعدات التصوير بالقول: تريث تريث! أعتقد …. أعتقد…  أننا نهرول في الاتجاه الخاطئ!! …  وبرغم ثقل ما نحمله، ينتابني الشك في أننا لم نتجه الاتجاه الصحيح، فهل نحن ذاهبون لتغطية حدث المصالحة اعلاميا حقيقة أم أننا أخطأنا المكان، فالمكان تتصاعد منه ابخرة السجائر وأري طابورا بل طوابيرا أمام نافذة صغيرة خارج المبني المقصود!

نبيل: هس هس! نحن ذاهبون الي مبني البرلمان وهو مطابق للعنوان الذي في القصاصة الورقية هذه.. اقرأ  اقرأ ما كتب بها

 العنوان:

مبني البرلمان – شارع …..  محافظة …….

تدخل ربيع قائلا: بالتأكيد نحن سائرون في الاتجاه الصحيح إذا؟ ها هي صيحاتهم وما يرددون

(حتحات حتحات حتحات حتحات حتحات حتحات) تصل مسامعنا.

الجميع صاح قائلا: اخيرا وقد وصلنا دعنا نري!!

 لكن مصباح رد متلعثما: اوه يا أصدقائي لقد أخطأنا المكان فهذا ليس مقر البرلمان، بل هو كشك من الأكشاك   التي توزع المخدرات علنا هذه الأيام!!

وأضاف: وهذا الطابور ليس سوي طابورا لأعضاء البرلمان   الراغبين في التحاور حول المصالحة !!، كما تراءوا لنا من بعيد، فهو طابورا للمدمنين الافيون الحشيش للأسف! الذين يشترون المخدرات علنا وعلى عينك يا تاجر!!

والعبارات التي وصلتنا (حتحات حتحات)، ليست عبارة الملك إدريس الشهيرة التي ذكرها حينها حسب ما يردده الآباء والاجداد الان، وهي عبارة (حتحات على ما فات)، لقد كانت عبارات يقولها كبير تجار المخدرات، وأعتقد أنه (جاد الله) نفسه الذي اختفي من الفندق الجديد.. فندق الحاج أنور، فهو شخصية غامضة لم ننتبه له كثيرا !!فقد تواري عن أعين الجميع مع بداية اندلاع الاشتباكات بين قوات الجيش وبين أنصار الشريعة بمنطقة الصابري، منذ سنوات.

نبيل متذمرا: اذن هو ليس رئيس مجلس البرلمان، وليس المكان مقرا لانعقاد جلسة للنواب، وليس اجتماعا حول مناقشة والتعاطي في مسألة المصالحة الوطنية الشاملة.

ربيع يتدخل ساخرا ومقهقها: اذن كلمة الحتحات يرددونها للملمة افيون الحشيش المتبعثر على الارض من المدمنين الجالسين، ولقد تحتحتت (تبعثرت) من أشخاص حشاشين اثناء تعاطيهم داخل البرلمان لا لا أقصد من البرطمان (2) ها ها ها.. أقصد كشك المخدرات ليس إلا هاهاها.

نبيل: ولكن كيف سنصيغ الخبر من أجل نشره في الصحيفة؟

مصباح: عليكم الرجوع للفندق وتحرير الخبر الصحفي بالتعاون مع (ريحان ونسرين وياسمين)، فلابد أن تشركوهن في العمل كفريق صحفي متناغم.

الجميع: ولكن أي خبر؟

ربيع كعادته ساخرا ومقهقها: الخبر بعنوان هاهاها: استمرار جلسات التعاطي في البرطمان.

________________________

هامش:

١- حتحات: فتفتات او اجزاء صغيرة جدا تنتج عن دعك اي اعشاب براحة اليد مثل عشبة النعناع الناشف او مخدر الحشيش الذي يدعك مع التبغ براحة اليد من أجل ملئ بافرة (وريقة) السجائر المفرغة.

٢-البرطمان: زجاجة يستخدمها متعاطي مخدر الحشيش تشبه الشيشة او ما يسمي بالنارجيلة المصغرة.

مقتطفات مختارة بالمناسبة من الجزء السادس من رواية الفندق الجديد تحت الطبع

مقالات ذات علاقة

قصة الحاج الزروق والحاجة مدللة وثورة فبراير! (3)

المشرف العام

حُجـرة مُفرّغــة

محمد النعاس

صــورة

موسى اللافي الشيخي

اترك تعليق