طيوب المراجعات

مجموعة (تكوة قوز) القصصية للكتاب محمد الجمل

الزهراء البُقار

غلاف مجموعة (تكوة قوز)القصصية

وأنت تقلب صفحات (تكوة قوز) تشعر بأنك تفتح صندوقا قديما يحتضن مجموعة لوحات فنية لبيت مصراتي عامر، يفتح طريقه لك لمربوعة (الحاج) يتكئ على مشاغله ويصارع همومه، وتدخل (وسط الحوش) حيث الحاجة تتمتم بدعائها وأحلامها.

نقلب الصفحات، وتعصف الذاكرة بنا تنشر عبق الحنين لزمننا القديم، وبساطة الحياة حينها، وتصهر النفوس لمشقتها، فتبدو المجموعة سلسلة من عادات، وأحداث، وطبيعة الحياة اليومية التي عايشناها ولازلنا نعيش بعضها.

في نطاق زمني طويل ومكان ضيق، أجاد الكاتب بسرد مبسط ولغة سلسة مطعمة بفردات اللهجة المحلية الحفر في العمق، كما أبدع في خلق صورة جمالية واقعية لأولى هذه المجموعة، فالنخيل بما يحمله دلالة ورمزية لمدينة مصراتة يستحق الاستهلال به، ونستدرك بأن الكاتب في رقصه مع النخيل، يقفز بما يحمله من عواطف جياشة لبيئته، ويلقي نظرة طويلة وبعيدة لتغيرات الزمن من بعدها، كما تبدو هواجسه من الهبوط والعدم جلية.

فضلاً عن رهفة الحس والانتماء، يميز الكاتب عمق الكتابه، فينتقل من وصف الحدث إلى غوصه في تفاصيل اللحظة، تارة نجده أقام عُرس من المفردات في وصفه بضع خطوات لعروس ليلة زفافها، وتارة تنفجر تعابيره وهو متأملا غليان طبخة على النار لنص يسميه (عميد الطباخين).

ينتقل الكاتب بين صورة وأخرى لكنه لا يبتعد عن أساس جوهره عكس المرآة للواقع المجتمعي وسماحة عاداته، لا ينزاح عنه إلا بحنين الموفدين للخارج في نص “أصابع الذاكرة” أو بمشقة الوافدين إليه في نص “خيط شمس”.

القفلات ترسلنا إلى رحلة تأملية، حيث تسقط دمعة الحنين، والفقد، والجرح لصور صامتة يرسمها الكاتب، هنا مثلا: المواطن البائس يجر عربة اليد، يلتقط الأعشاب لخرافه، يجلس أمام جمعية الحي يسأل عن أخبارها، لا جديد، يمضي.

مقالات ذات علاقة

”الثورة الليبية…” كتاب جديد للدكتور مصطفى التير

المشرف العام

الأدب الليبي منذ الحقبة الاستعمارية إلى يومنا هذا

المشرف العام

عمران طرده التاريخ والحاضر فهل ينصفه المستقبل؟

علي جمعة اسبيق

اترك تعليق