يتطلب الأمر أكثر من القومية للاتحاد ، يتطلب أكثر من الشعارات واجتماعات جامعة الدول العربية ، يتطلب فض الخلافات والنزاعات فيما بينهم بالتسوية الحقيقية العادلة وبدون وسيط من الخارج ليملي عليهم كيف يتصالحون ويتسامحون ولا كيف يتحاورون ويتشاورون ولا كيف يتزنون فيتحدون .
دول الاتحاد العربي ، محكمة الجنايات العربية ، عملة موحدة ، اقتصاد متنامي ، حلف عسكري موحد ، تأشيرة موحدة ، هذا لن يكون إلا باتحاد الحكام لمصلحة شعوب المنطقة العربية ، والاتحاد لا يلغي الاستقلالية لكل دولة عربية ، ولن يكون إلا بالنظر إلى الداخل فالمستقبل العربي ليس بالنظر إلى الخارج والتحالف مع الغريب ضد الصديق والأخ لكسب ثقة الغريب بفقدان الصلة مع الأخ والصديق .
لسنا هنا لنعدد أخطاء دولة بعينها فقد تكاد دول العرب جميعها مخطئة في حق بعضها البعض وتراكم هذه الأخطاء لم يدفع ثمنها سوى شعوب المنطقة المغلوب على أمرها .
اتحاد الحكام وإداراتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا يعكسُ سوى اتّحادا لشعوبهم كما أنَّ الشِّقاق بينهم لا يعكسُ إلا الفوضى في دول المنطقة وازدياد مطامع الغريب فيها وفي ثرواتها ومقدراتها الطبيعية لا سيما في ظل الأزمات التي تعيشها بعض دول المنطقة العربية كدولة ليبيا الحبيبة والتي من المفترض أن تجد إخوانها العرب في صفها لا أن تجد الأمم المتحدة وغيرها كداعمٍ للانتقال بها إلى دولة القانون والمؤسسات ، مع كامل احترامنا للجهود المبذولة في هذا الاتجاه وتحفظنا على عديد الأمور في ذات السياق المذكور ، وغيرها أيضا من بعض الدول العربية التي تعاني من بعض الأزمات المماثلة .
ليست كل الدول العربية على خلاف ونزاع وهذا مؤشر لبداية التئام جروح المنطقة ، والسؤال الذي يطرح نفسه حقيقةً ويحفِّز هذا المؤشِّر هو : أين العرب ؟ أين العرب من عروبتهم ؟ ، أما آن لهم يتحدوا ؟ ، ولا زلنا على أمل أن نرى العرب كجسدٍ واحد إذا اشتكى لهُ عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر ، عِندها فقط يَسْتَقِر العرب .
ديسمبر / 2017