طيوب عربية

الرسالة الواحدة والستون: إنهم يبيعون الوطن بزجاجة خمر

من أعمال التشكيلي العراقي سعد علي

الخميس: 24/6/2021

أسعدت أوقاتاً رغما عن الطغاة الجناة المتهورين.

كم أنا حزين على ما يحدث من استغباء لهذا الشعب المغلوب على أمره، إنهم يتعاملون معنا كأننا أعداؤهم، بل إنهم يروننا “لا شيء”. يتلاعبون بنا كأننا كرة بيد أطفالهم. الوطن كله لعبة للفاسدين، وعزبة للمسؤولين، لكن “الحق كله علينا” نحن الذي نصبّناهم علينا، يجب علينا أن نثور ضدهم قبل أن نثور ضد المحتلين، فلا حريّة لنا دون أن نتحرر من فسادهم وإفسادهم، لقد بتّ على قناعة أننا نعيش تحت ظل نظام عربي فاشل وغبي وانتهازي، ولا يمتلك أي نوع من الحكمة، يواصل مسؤولوه تقاسم الوطن المنهوب أصلا. كأنه لا يكفينا احتلال واحد، ليجتمع علينا شرّان متحدان ضدنا. نعم إنهما متحدان ضدنا والله، وإنهما في وئام معاً ومتفقان علينا لإذلالنا.

لا تعتقدي يا عزيزتي أن هذا الموقف بسبب ما حدث للناشط نزار بنات، فلم يكن هو الضحية الأولى، ولن يكون الأخير، بل هو موقفي الثابت مذ جاءوا وركبوا على ظهورنا، إنهم كانوا الوباء المستفحل الذي ليس له طبّ ولا دواء إلا بالثورة الشاملة تقلعهم من جذورهم، لتحملهم الريح هم وأسيادهم من الإسرائيليين لنتخلص منهم دفعة واحدة. إنه هو يوم العيد الحقيقي.

أرأيت المهزلة كم تحمل من مفارقة شديدة البعد في طرفيها؟ الأمن ما زال حاضرا في مفاصل ما يعرف عندهم بالدولة والمؤسسات، على الرغم من أنهم يعيشون وهْم “الدولة”، ومستعدون أن يبيعوا الوطن بزجاجة خمر ولمسة نهد من بنت هوى. في كل شيء يجب أن يكون للأمن توقيعه، وإن مررت من مفرزة الأمن فإنك في السليم وستتسلم مهام عمل مدفوعة الأجر أو ترتقي في المناصب أو حتى الحصول على وظيفة متواضعة. تخيلي أن هناك قوائم سوداء توزع على لجان المقابلات، للمعلمين الجدد مثلا ليتم تحطيم أشخاص معينين ليبدو أن المسألة طبيعية، وكأنهم يبحثون عن شرعنة الفساد. إنهم يفكرون كيف يخرج الفساد مؤدبا وخلوقا وشرعيا وقانونياً.

إنني متخم فعلا بالغيظ نتيجة كل هذا الذي يحدث، فلم أعد أومن بأي شخص برتبة “مدير عام” و”أعلى”، فلا يوجد واحد من هؤلاء يملك قراره، فما هم إلا ألعوبة بيد “صعلوك” موظف في جهاز الأمن، لقد مسخوا كل شيء، وكيف يكون لهم مواقف رجولية، وهم أصلا جاءوا برضى “صعاليك” الأمن؟ بل إنهم مستمرون في “لعبة العبودية” هذه، لأن عيونهم ترحل كل يوم لكرسي آخر ووظيفة أخرى، ولا يغرنّكِ ما معهم من شهادات وألقاب علمية، فكلهم منقادون لذلك الصعلوك الذي ربما لا يحسن “فكّ الحرف”، يعتاشون من هذه المنظومة العفنة عيشة رفاهية، يصولون ويجولون، وعلى رأي ستي- الله يرحمها- “صار لام سبيت بيت، وصار للخرا مرا يحلف عليها بالطلاق”. هكذا أصبحوا مسؤولين وهم خُواء وهواء مطلق.

أشعر برغبة عارمة في أن أصفع وجه العالم، فلماذا يحدث كل هذا الذي حدث؟ يوجعني قلبي والدنيا أصغر من ذبابة فيا ليتني أستطيع إطلاق النار عليها لتكف عن العبث.

أعتذر أيتها الغالية عن هذه الحالة التعيسة التي أمر فيها، أرجو أن تسامحيني، لا حيلة لديّ إلا أن أبثّك أوجاعي، أرجو لنفسي أن تهدأ لأستطيع أن أكتب لك في رسالة قادمة ما هو أجمل من كل هذا الاحتجاج عديم الفائدة.

أرجو أن تكوني بخير. رجائي الخاص أن تظلي هنا لأشعر أنني قويّ. آمل ألا أنهار يوما وأشعر باليأس من إمكانية التغيير. سلامات

مقالات ذات علاقة

قارئةُ الفِنْجَانِ

المشرف العام

وطن مجروح

هاني بدر فرغلي (مصر)

نساء فوق الرصيف

نورالدين بن بلقاسم ناجي (تونس)

اترك تعليق